ستكون القناة الرياضية السعودية أمام أهم وأصعب اختباراتها منذ تأسيسها قبل سنوات عدة بعد أن وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله بمنح القناة حقوق نقل المسابقات الكروية السعودية، إذ إن الفترة الزمنية المتبقية على عودة عجلة دوري "زين" السعودي للمحترفين والتي لا تتجاوز 40 يوماً ستجعل القناة الرياضية في موقف لاتحسد عليه، كلنا نعرف إمكانات القنوات الحكومية، وحين أقول الحكومية فهذا يعني أنها لن تتمكن من مقارعة القنوات الرياضية الخاصة من حيث الإمكانات التقنية والبشرية والمادية في فترة وجيزة، لذا فإن المتوقع ومهما كان حجم المجهود لترتيب الأوراق كبيراً أن يصاحب تغطية "قناة الوطن" عدد من العراقيل، وهذا لن يعيب القناة فيما لو حدث أو يقلل من مجهوداتها ونجاحاتها المتوالية لأنها تلقت الأمر الملكي قبل وقت قصير من بدء المسابقات، فضلاً عن عدم وجود الكوادر الكافية من حيث العدد والمعدات الحديثة وهذه الأخيرة هي مربط الفرس في موضوع عدم مواكبة القناة للتطور التقني الكبير في النقل التلفزيوني، فحتى وقت قريب لم تستطع القناة إظهار المباريات بالصورة المرجوّة مقارنة بالقنوات الأخرى من حيث جودة الصورة والصوت وحتى الإخراج وهذا عائد لضعف مداخيل القناة المادية. الأندية تنتظر الإفصاح عن عائداتها.. والتسويق وتأهيل الكوادر أهم عوامل النجاح المهمة شاقة وكبيرة ولن أغالي إن قلت إنها المهمة الأصعب في مشوار وزير الإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، وهو – أي الوزير – أكثر الناس حرصاً على إكمال مسلسل النجاحات التي حققتها القناة التي حلقت في سماء المنافسة القوية مع بقية القنوات بقيادة الأمير تركي بن سلطان بن عبد العزيز الذي انتشل القناة وجعل منها نافذة وواجهة مشرفة للإعلام السعودي الحكومي والخاص، إذ إن تجربة الأمير تركي بن سلطان الثرية في الموسمين الماضيين ستسهل الكثير من الصعوبات التي ستواجه العاملين في القناة. صحيح أن المهمة صعبة وعسيرة لكنها ليست بالمستحيلة، فالقناة حظيت وما زالت بدعم المجدد الأول بالإعلام السعودي وهو الملك عبد الله بن عبد العزيز، إذ تجلى اهتمامه المباشر بالرياضيين حين أمر بتنفيذ مشروع استاد جدة وترميم ملعب الأمير عبد الله الفيصل في جدة، ومن هنا يمكن للمسؤولين التحرك بأريحية دون النظر للتوقيت لتأمين المبالغ المالية الكبيرة لإعداد القناة للموسم الاستثنائي في تاريخ القناة الحكومية المتجددة وذلك عبر مخاطبة وزارة المالية والاجتماع بمسؤوليها بعيداً عن الروتين الذي ساهم بتعقيد الكثير من المشاريع الإعلامية والرياضية، فالعمل وإعداد القناة لايحتمل مزيداً من التأخير، وفضلاً عن عدم توفر الوقت فالقناة مطالبة بتوفير عدد كبير من الكوادر الإعلامية مبكراً وإعدادهم بشكل مميز للظهور أمام المشاهدين وعدم الزج بهم للعمل دون تأهيل وهو ما يمكن للقناة أن تقوم به من خلال تواجد عدد من الكوادر المميزة والتي وإن كانت محدودة العدد فهي ستنقل القناة لاعتلاء قمة الإعلام الفضائي وعلى رأس هؤلاء المبدع دوماً رجا الله السلمي إذ إن الاستعانة بشخصية مميزة مثل السلمي لتدريب وتأهيل الواعدين سيكفل ظهور عدد من الأسماء التي ستجعل من الاحترافية والحيادية العنوان الأبرز للقناة. ثمة أمر مهم في هذا الاتجاه ويتعلق بالمردود المادي الذي ستجنيه الأندية من إسناد هذه المهمة ل"قناة الوطن" وهنا يتحتم على القناة الإفصاح عن العائد المادي للأندية وأن لايكون حصولها على الحقوق مشابهاً لحقوق رعاية الدوري الذي لم تفصح عنه هيئة دوري المحترفين حتى الآن، إذ يجب أن يكون مردود الأندية مجزياً باعتبار أن عوائد النقل التلفزيوني أهم مصادر الدخل في أندية العالم، والقناة قادرة على الخروج بفوائد مادية كبيرة من هذا العقد، وسيكون ذلك من خلال تسويق الدوري لعدد من القنوات الرياضية المتخصصة، عدا عن تسويق الإعلانات المصاحبة للمباريات وللأستديوهات التحليلية والبرامج الحوارية والإخبارية والجماهيرية وغيرها من البرامج، وهذه من أهم الأمور التي ستكفل للقناة نجاحاً مميزاً فضلاً عن رفع المقابل المادي للعاملين فيها والذي سيوقف التسرب للقنوات التجارية، وهذا الأمر يتطلب تواجد خبراء اقتصاديين ومتخصصين في التسويق الإعلامي وفريق خاص بالمفاوضات يكفل للقناة الدخول في مرحلة الخصخصة في فترة وجيزة، ويجعلها جاذبة للإعلاميين بدلاً من أن تصدرهم للآخرين. كما أن القناة مطالبة بتطوير موقعها على شبكة الانترنت من خلال الوصول إلى طريقة لإيصال البث عبر الشبكة العنكبوتية إلى جميع أنحاء العالم وبجودة عالية، ولا يمنع أن يكون ذلك عن طريق الاشتراك بأسعار مخفضة عبر موقع القناة، وهذه من الطرق التي باتت تنتهجها عدد من القنوات المحترفة على مستوى العالم. ومن جهة أخرى يتحتم على لجنة المسابقات في اتحاد كرة القدم التواصل مع مسؤولي القناة للعمل على إخراج جدول الدوري بصورة مميزة تضمن متابعة الجماهير كافة وبمختلف انتماءاتها لمباريات فرقها من خلال معرفة عدد القنوات المساندة التي ستستحدثها القناة الرياضية لتوزيع المباريات عليها بشكل يضمن للمتابعين مشاهدة جميع المباريات وعدم إعادة زمن نقل مباراة واحدة وإغفال بقية المباريات أو تسجيلها وهذا يتطلب مبادرة من القناة لضمان، وهو بالمناسبة سيرفع من مداخيل القناة المادية. المهمة لن تقتصر على الملاعب الرئيسية في الرياضوجدة والدمام، بل إن أن القناة مطالبة بتوفير كوادر في المناطق والمدن الأخرى، مثل بريدة والأحساء ونجران والمدينة المنورة والمجمعة وهذا ما سيدفع المسؤولين لمضاعفة جهودهم، إذ لازالت الغالبية العظمى من الأسماء التي تظهر بين فترة وأخرى في محطات المناطق أقل بكثير من التواجد على شاشة الناقل الرسمي للدوري السعودي، كما أن القناة مطالبة بنقل العديد من المباريات المهمة والحساسة في دوري الدرجة الأولى والثانية ودوري الأمير فيصل بن فهد وبطولات الفئات السنية. وأمام كل ذلك فإن الجماهير الرياضية كافة في مهمة يمكن أن توصف ب"الوطنية" وذلك من خلال الصبر على القناة وإعطائها الفرصة الكاملة لإخراج كل ما في جعبتها من قدرة على جعل المشاهد في قلب الحدث، والأخذ مجدداً في الاعتبار أن القناة "الواعدة" في مهمة شاقة، والثقة بمسؤوليها الذين يسابقون الزمن لإرضاء المشاهدين وإخراج منتج رياضي إعلامي يعكس التطور الكبير الذي يشهده إعلام الوطن في مختلف تخصصاته بعد أن نجح المشرف العام على القناة الأمير تركي بن سلطان في إرساء قواعد الاحترافية فيها.