بعد الكشف عن قضاء زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن عدة سنوات عاشها بمدينة (أبيت آباد) في باكستان قبل مقتله في 2 مايو الماضي على يد مجموعة كوماندوز من قوات البحرية الأمريكية (المارينز) تم طرح عدة أسئلة واستفسارات من ضمنها: هل من الممكن الاعتقاد بأن (القاعدة) وحلفاءها قد تمكنوا من الحصول على التكنولوجيا النووية باقترابهم من الترسانة النووية في باكستان ؟ .. وخلال الفترة التي قضاها بن لادن في مجمعه السكني بمدينة (أبيت آباد) هل من الممكن نجاح (القاعدة) في التسلل إلى مواقع البرنامج النووي الباكستاني للحصول على السلاح النووي ؟ .. قد تقض هذه الأسئلة مضاجع بعض صانعي السياسات في العواصمالغربية لسنوات عديدة، إلا أن خبراء الأمن يشككون في هذه الاحتمالات، لقد استطاع (بن لادن) تأجيج مصادر القلق حول الاستقرار في باكستان فيما يتعلق بجانب حيوي في تأمين ترسانة أسلحتها النووية، خاصة خلال الفترة التي قضاها في باكستان والتي امتدت لعدة سنوات. والحقيقة أن تمكن (بن لادن) من الإفلات من الاعتقال لفترة طويلة في باكستان لا ينبغي أن يفسر بضعف أمن الترسانة النووية الباكستانية فالتدابير الأمنية التي تستخدمها الاستخبارات العسكرية الباكستانية ال ISI للمراقبة تختلف تماماً عن تلك التي تستخدم لتعقب وتأمين الحماية لترسانة الأسلحة النووية، فالحقائق على أرض الواقع لم تتغير في حين كان (بن لادن) يعيش في مجمعه السكني في (أبيت آباد) قبل مقتله . أما بالنسبة للخبراء الباكستانيين فإنهم يرون بأنه لا يمكن الحصول على التكنولوجيا النووية أو استعمالها بمجرد الوصول إليها واقتنائها، فإتقان نظام القيادة النووية قد يستغرق عدة سنوات، ورغم أن تنظيم (القاعدة) معروف بسعيه للحصول على الأسلحة النووية ، إلا أن مقدرته على استخدام علماء في التكنولوجيا النووية وسط منشآت نووية أمر شبه مستحيل، ويبدو أنه من غير المعقول أن يتمكن تنظيم (القاعدة) أو حتى حلفاءه من السيطرة أو القيام بإطلاق رؤوس حربية نووية رغم وجود (بن لادن) خلال تلك المدة في باكستان، ومع ذلك تعمقت الشكوك بأن (القاعدة) وشركاءها من المتعاطفين في المجموعات المتطرفة المسلحة تمكنوا من اختراق جهاز الاستخبارات العسكري الباكستاني المشترك الISI بينما ينفي المسئولون الباكستانيون أي تواطؤ مع تنظيم (القاعدة) في ردهم على اتهامات رئيس الCIA وتتهم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جهاز الISI الباكستاني بامتلاكه فئات معارضة داخل النظام لأسباب خاصة تتعارض مع سياسات الحكومة المدنية في باكستان. يرى المحللون السياسيون في باكستان بأن ما يثير قلق واشنطن هو احتمال معرفة ال ISI بمكان وجود (بن لادن) حيث ضخت الإدارة الأمريكية مبالغ كبيرة على شكل مساعدات عسكرية واقتصادية لباكستان على أمل تعاونها كشريك في الحرب على الإرهاب. وترى واشنطن وجود مجموعة من نقاط الضعف حول ترسانة باكستان النووية في ظل جهود حثيثة من قبل الإرهابيين للحصول على تكنولوجيا الأسلحة النووية، وتحوم الشكوك بشكل جزئي حول البرنامج النووي الباكستاني منذ ديسمبر 2004م في إطار اعتراف مؤسس البرنامج النووي الدكتور (عبد القدير خان) باتصاله بحلقة لتهريب التكنولوجيا النووية تمتد إلى إيران وكوريا الشمالية وليبيا، بينما رفضت باكستان المخاوف الغربية ونفت ضلوع (خان) حيث أجبر وأكره بواسطة الرئيس الأسبق (مشرف) على تلك الاعترافات وكذلك ترفض التسريبات في أعقاب نشر مراسلات وزارة الخارجية الأمريكية من قبل الموقع الالكتروني (ويكيليكس) على شبكة الانترنيت بشأن أمن برنامجها للأسلحة النووية، وتروج الدبلوماسية الأمريكية قلقاً واسع النطاق حول سلامة الترسانة النووية الباكستانية مع المخاوف التي تمتد من واشنطن إلى موسكو. يعتقد بحيازة باكستان نحو 100 رأس نووي وتروج أوساط غربية بامتلاكها في نهاية العقد الجاري رابع أكبر ترسانة نووية بعد الولاياتالمتحدة وروسيا والصين، وتخشى الدول الغربية من إقدام تنظيم (القاعدة) في سعيه الحثيث رغم خسارة زعيمه لامتلاك التكنولوجيا النووية، وبذلك يبقى أمن البرنامج النووي الباكستاني تحت الرقابة الوثيقة. وكان من الصعب جداً على (بن لادن) التسلل إلى مواقع المنشآت النووية الباكستانية، لكن بقاءه تلك المدة الطويلة في باكستان دون كشف مكانه لا يزال يثير القلق بالنسبة للكثيرين رغم كونه الشخص المطلوب على مستوى العالم وذلك بحد ذاته يرسل إشارات مثيرة للقلق.