لقيت أنا بالناس عيٍ جاهل ما لحق و القادي بنص امراده يجي امورٍ ما يعرف قياسه ويدق دق عوشز الجراده ومن لا يصير بقدر نفسه عارف هاذاك ثورٍ ما عليه قلاده بالناس من يكرم إلى جا ضايف وان ضيف يزحر كنه الولاده من خلقته ما ذاق زاده ضيفه ولو هو ذبابه ما وقع في زاده وبالناس ضفرٍ ما سمع في هوشه ولو هو حضرها كان شيل شداده وبالناس من هو مفتخر في نفسه في غير فعلٍ يفتخر بأجداده مثل غضاة بالضوى مشتبه تصبح مورثها ويطير رماده وبالناس من هو يدعي بديانه متمسكٍ بديانته وأوراده عن الخلايق غافل وأي حسن يأخذ شريطه مثل جاري العاده عنده لراع الصاع موس ٍ جيد واللي بلا صاعٍ له المكراده وبالناس من هو لغوي بلسانه وألا بنانه ما تهم أضداده يشري اللغا يوذي القريب وجاره متردي ٍ حتى بحبل جهاده وبالناس من ينقد على جهل العرب وهو جهولٍ والجهل معتاده وبالناس من هو للنوايب يرتكي ويبدي الضايف بقوت أولاده وبالناس من يجمع حلالٍ يدفنه بجمالةٍ وتجارةٍ واكداده ويفوز به غيره وينقل أزره يوم الحساب إلى هلك ما فاده الشاعر: هو حميدان الشويعر وقيل إن اسمه الحقيقي حمد ، عاش في مطلع القرن الثاني عشر الهجري نشأ مزارعاً في بلدة القصب وفي أواخر عمره انتقل إلى بلدة أثيثية وهناك اختلاف بين المؤرخين هل توفي شاعرنا في أثيثية أو انه انتقل منها إلى بلدة أخرى؟ وقد جاء في كتاب الأصول المؤلف في منتصف القرن الثالث عشر الهجري ما يدل على أن سلالة الشاعر متواجدون في مدينة حائل جاء فيه " أفاد عبيد بن رشيد، وطلال بن رمال، وعبد العزيز الشويعر، وصالح أخوه، في مجلس الشيوخ في حايل..." دراسة النص: اعتمدت إيراد النص الرئيس وفق ما جاء في مخطوط قديم لجامع مجهول، ويبلغ عدد الأبيات لديه سبعة عشر بيتاً بينما تزيد في مصادر أخرى، والقصيدة متميزة في موضوعها الذي قصره الشاعر على تعديد أجناس الناس حسب نظرته وتجربته في الحياة، وقد استهل قصيدته بجملة (لقيت أنا بالناس) حيث يفهم بأن ما سيأتي بعدها هو خلاصة ما توصل إليه الشاعر نتيجة مخالطة الناس وأن منهم العي الجاهل وفي معاجم اللغة "رجل عي" هو غير المتمكن في إظهار قصده ومراده من كلامه، ويقصد به عدم الاهتداء لوجه المراد في أمر أو حاجه ، ورجل عي بأمره وعي عن حجته. فيقول حميدان ان هذا العي يأتي أموراً أكبر منه ولا يستطيعها (فيدق) وهو الضرب بشدة كما يضرب شجر (العوشز) وهو شجر شوكي يجتمع عليه الجراد فيضربه صائدو الجراد بالخشب ليتساقط الجراد عنه فيجمعونه، مؤكداً أن الرجل الذي لا يعرف حجم نفسه وقدراته فهو برأي حميدان (ثور)، ثم يذكر شاعرنا صنفاً آخر من الناس هو البخيل الذي إذا كان ضيفاً على أحد دعا معه غيره وكأنه هو المضيف بينما إذا جاءه ضيف في بيته سمع صوت أنينه وكأنه في حالة ولادة بل يعرف في طوال حياته أن ضيفاً طعم عنده حتى أنه من شحه لا تقع الذبابة على طعامه، وكذلك من الناس من يدعي الشجاعة ويلوم المنهزمين في مواجهة الآخرين في المعارك وهو لم يحضرها وانه لو حضرها لانهزم وذهبت أمجاده التي يدعيها، وكذلك من الناس من يفتخر بنفسه وليس له فعل يوجب ذلك الفخر وإنما الفعل لأجداده فهو يشبه الأجداد بشجر الغضى الذي يوقد حطباً للنار ولكنها تخلف الرماد من بعدها (أي الأولاد)، ومن الناس أيضا من يدعي التدين ويحافظ على الفروض والأذكار مجتنباً الاختلاط مع الناس ولكنه عند القضاء بين المتخاصمين فهو يقبض الرشوة كالمعتاد فمن يقدم له صاعاً من طعام فسيحكم له حكماً قاطعاً يشبهه الشاعر بالموس الحاد ومن لا يقدم له شيئا فسيماطل به ولن يقضي لصالحه. وهناك بيتان تضافان للنص في بعض المراجع يتوسع فيها حميدان في ذكر هذا الصنف من الناس ويحذر من خداع هؤلاء الخونة الذين يظهرون التدين ويخفون عكس ذلك حتى وأن أظهروا للناس مواصلة الليل بالنهار في عباداتهم والتي هي أشبه بالفخ الذي ينصبونه لصيد فرائسهم من الناس: فاحذر خداع الخاين المتعبد لو دام ليله والنهار عباده كم غر فيها من غرير ٍ جاهل حطه لمثله مثل فخ ٍ صاده ثم يذكر شاعرنا صنفاً آخر من الناس وهو بذيء اللسان الذي لا يخشى الأعداء من يده وهو يبحث عن المشاكل والسباب مع الأقرباء والجيران ولم يسلم منه أحد، ومن الناس أيضا من يرمي الناس بالجهل ويرى أنهم على خطأ بينما هو الجهل نفسه، ثم يذكر ان من الناس من يقف صامداً وجواداً في وقت الشدة والعوز حتى ان اضطر أن يقدم لضيفه طعام أولاده، ثم يذكر صنفاً آخر من الناس يكنز الأموال التي يسعى لجمعها من خلال استخدام الإبل في نقل البضائع أو مزاولة التجارة او من خلال العمل الشاق في الزراعة وغيرها ثم لا ينفقها في سبل الخير وفي الأخير سيموت ويترك ما كنزه لغيره يستفيد منه بينما هو سيحمل الإثم في عدم إخراج الزكاة والصدقة من هذه الأموال. بيت الشاعر حميدان الشويعر مخطوط قصيدة حميدان مخطوط قصيدة حميدان