في معظم أحداث تاريخنا العظيم هناك أناس لا تذكرهم الكتب، ولا يجيء ذكرهم كثيرا، ليس لضعف صنيعهم، ولا قلة مجهوداتهم، وإنما لأنهم لا يهتمون كثيرا بأن يذكرهم الناس، يعملون الخير ويمضون سائرين بلا جلبة، أو صوت، لا يحبون الأضواء ولا الضوضاء، يحاربون الشيطان بالبعد عن وساوسه بالظهور بأفعالهم أمام الناس، عرفوا الله فقدروا نعمه بالشكر، والإحسان إلى الآخرين دونما طلب شكر أو كلمة مدح، يؤمنون بأن جزاءهم في السماء، وأن الله الوهاب يراهم، فما حاجتهم لثناء البشر. لدينا من هؤلاء والحمد لله كثيرون، ومنهم رجل دخل قلب شقراء، وتمركز في قلوب أهلها، ليس بصنيعه الذي لا يمكن أن يوفيه الشكر حقه، وإنما لأخلاقه الكريمة، وحبه الخير، وسعيه الدائم في أن يمد يد المساعدة لكل من يحتاجها، من دون أن يتبع ذلك بالمن والأذى، يعرفه أهل شقراء باسمه الذي صار علما: الشيخ عبدالعزيز بن علي الشويعر، ويعرفه الناس خاصة محبيه بكنيته: أبو زكي. هو نموذج للخير، عرفته فأحببته في الله، واقتربت منه فازداد حبه عندي، فهو من النوع الذي لا يبذل مجهودا في أن يخالط شغاف قلبك، فطريقه إلى الناس مفروش بأعماله الخيرة، وأقواله التي يوفي بما وعد فيها، لا يبخل على الخير، ولا يدخر أمواله لنفسه، هو بالفعل أشبه بمؤسسة خيرية تتحرك على الأرض، وما يقال عن ما يفعله ليس سوى أقل من عُشرِ ما يفعله حقيقة. «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان «.. آية كريمة في كتاب الله الأكرم نرددها في الصلاة لكننا نحار فيمن نوجهها إليه لكننا بتنا موقنين أن أبا زكي يستحقها، فقد زاد الرجل عن ما يفعله أمثاله فأهدى نادي الوشم بشقراء صالة رياضيه متعددة الأغراض للمناسبات تبرع بتكاليفها التي تزيد على مليون ومئتي ألف، وجعل للمدينة الحق في ألا تستشعر الحرج بعد اليوم إن هي استضافة مناسبة ما أو أقيم بها حفل كبير، أو فعالية ضخمة، أو أراد أحد أهلها الاستفادة منها بشكل أو بآخر، وقد قدم تبرعه ولم يتوقف كثيرا عند كلمات الثناء التي لاحقته، فهو فعل ما تمليه عليه فروسيته، وأخلاقه، وإحساسه بأهله، وأهل مدينته. أبو زكي لا يحب كما قلت الأضواء ولا يقربها، لكن ماذا نفعل ونحن نريد أن نكرمه، وأن نشكره على ما يقدمه، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ومن حق الخيرين علينا أن نحتفي بهم ولو كان ذلك غصبا عنهم، فإذا كانوا هم لا يحبون أن يظهروا بأنهم يُشكرون على ما يفعلون، فإنا نريد أن نعلم أبناءنا أن يكونوا مثلهم. نريد أن نعلم أجيالنا القادمة قيمة العطاء، ونبث فيهم معايير الرجولة الحقيقية، ونزيل من نفوسهم شوائب الأنانية وحب الذات، ونطرد من أذهانهم حب المال وعبادته، وهم لن يعرفوا ذلك أو يفهموه إلا إذا رأوا بأعينهم أن من يفعل الخير في الدنيا يجازى به من الله أولا، ثم من الناس، قبل أن يجازى به في الآخرة. إننا عندما نكرم الشويعر على غير رغبة منه، فإننا نكرس لأصالة النفس، وعزة الوجدان، وحسن الفعل، وصدق الوعد، وحسن الخلق. نحن بتكريمنا لأمثال هذا الرجل نكرم في الأصل أنفسنا، أن فينا عرقا ينبض بالفضل لأصحابه، وبأننا نستحق أن نكون الأمة التي جعل الله فيها الخير إلى يوم القيامة.. فشكرًا لأبي زكي أن منحنا تلك الفرصة، وشكرًا لكل من تفاعل مع ذلك ونشكر الله الذي جمعنا به. * عضو مجلس الأهالي وعضو مجلس إدارة نادي الوشم بشقراء