طرق العلا لا تستخف بشانها اعرف قبل تدبيرها ميشانها(1) انظر بعين القلب فيها قبل ما تنظر بعين الرأس في ميشانها إن القلوب إذا عمين عن الهدى ما تهتدي لطرق الرشاد أعيانها وان أبصرت عين الفؤاد من العمى شافت ووافق شوفها لعيانها ومن لا يدبر في الأمور بفطنه ويقايس القالات قبل إتيانها تدابرت عنه الأمور و فتحت عليه أبواب البلاء بيبانها يا سامعٍ فالشعر بعضه حكمه تفهم له العقال مع فطانها إن كنت ذا مالٍ وصاحب ثروة وتخشى على نعمتك من دبرانها فأد واجبها وأظهر شكرها وحدث بها واعرف ترى نقصانها فعل المعاصي والربا ثم الزنا ومنع الزكاه إلى حضر ميحانها وان كنت ذا مالٍ وصاحب دولة وتخشى على منصبك من عدوانها اعدل بملكك والشريعة قم بها وانصف ضعيف الناس من شرفانها فالله ما غير بعبدٍ نعمه حتى تغيرها القلوب ابرانها(2) وإذا تكاثر الفساد بديره وألفيت أهلها فاشيِ عصيانها ارحل فأرض الله واسعة الفضا ولا تهمك أهلها و جدرانها فلا فساد الدار من عتق البنا إلا فساد الدار من سكانها أقول ذا وأنا بعينٍ شايف دنيا تشيب بمرها ولدانها هلها غدت نجواتهم نياتهم ومن أنسها قامت تعوذ جانها شف كيف باروا بالمتوج فيصل وجازوه بالسيات عن إحسانها أعطى مصقلة السيوف و غيرها من النضا والخيل مع تفقانها وقاموا يهوشونه ببعض اسلاحه حرارها والجم من عبدانها يا ليت ميزان الرجال شريعه وكل العرب تعطي على ميزانها دع ذا و يا غادي على عمليه تطوي بعيدات القفار أقرانها حرفٍ(3) مذكرةٍ أبوها خالها وظبيان والجماح من عمانها تروح كالخاطوف أن جذيتها وإن جذتك شفت الزرم بإيمانها ما فوقها كود الزهاب و راكب حرٍ أمينٍ من خيار أذهانها أقول له لما علا في كورها وفكك حبال العقل من ذرعانها أوقف قدر ساعه بكتب أسجله فيها السلام ومدح فيصل زانها واليا عرض لي من مرامي نيه باريت لك من فوق كور اهجانها عسى عقب يومين تلفى شيخنا في حسن حال و باديٍ جذلانها وجدي على ذاك الشجاع و شوفه وتقبيل يمناً في الجدا صفطانها عساه ينظرني بعين مروفه ويذكر لقدري يوم أنا بعمانها يوم العقول الثابتات تراجع وطارت من حلوق الرجال اذهانها يوم السلالم في الجدار اتعلقت ترقى بها الوافين من جذعانها يوم المتاقي والمواقي ربنا بيعت عمارٍ والرصاص أثمانها بذلت عمري والحلال اسخيت به حتى طفى الله بالسكون أفتانها شيخ يرى عدل الرعيه واجب وفي الحق عنده واحدٍ ميزانها كل العباد إذا كشفت إغطاها ألفيتها تدعي على سلطانها ما غير فيصل بو سعود و قومه من حضر دنيانا و من بدوانها تدعي له الله بالثبات أو هولها يدعي بأن الله يصلح شانها شيخٍ لدين الله أصبح ناصر وعليه كسر في الحروب اخزانها شيخٍ جزيل المال يرخص عنده في الموجبات إلى تعاظم شانها حاتم زمانه في المروه والعطا و عنتر لحل الملزمات اعنانها سمح المحيا باسمٍ متواضع تباع من جل الأمور اسمانها لا فاحشٍ طبعه ولا متكبر ولا بجزلات العطا منانها حرٍ فرايسه الأسود إلى عدا قامت تخاصر جيفة عقبانها وللجار من جساس اكبر غيره لي بارت الخياب في جيرانها الله عسى من بار فيه يعاقب عقوبةٍ تلحق عليه أمحانها و لله در النايبات لكنها تبدي صديق النفس من عدوانها الشاعر: هو علي بن محمد بن محين الشامسي وشهرته (محين الشامسي)من أهل بلدة الحيرة التابعة لإمارة الشارقة، ولد في الربع الأخير من القرن الثاني عشر الهجري واختلفت المصادر في تاريخ وفاته فذهب حمد أبو شهاب إلى انه توفي حوالي عام 1247ه وتذكر مصادر أخرى انه توفي عام 1260ه ولكن بالنظر في هذه القصيدة فالأرجح عندي 1260ه وفقاً لما يلي: أن الإمام فيصل بن تركي ممدوح الشاعر تولى سدة الحكم عام 1250ه.أي بعد التاريخ الذي حدده أبو شهاب. أن الشاعر في قصيدته يشير إلى قصيدة الإمام فيصل بن تركي التي مطلعها: الحمد لله جت على حسن الاوفاق وتبدلت حال العسر بالتياسير والإمام فيصل بن تركي قال هذه القصيدة في عام 1253ه. وقد كانت تربط الشاعر بالدولة السعودية الأولى والثانية علاقة ولاء ففي احد أبيات هذه القصيدة يقول: ربعي هل العوجا فهم لك خزنه ونفسٍ تعين الحق الله عانها كما نجد في قصيدة أخرى يذكر الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود وابنه الإمام سعود: و إمّا غدا لي من محب عزيزي سعود مات و مات عبد العزيز غيبت كني جاهل ضاع زيزي مدامعي تجري على صفح لوجان مناسبة القصيدة: قالها الشاعر ممتدحاً الإمام فيصل بن تركي (رحمه الله) وفي أبيات القصيدة ما يوحي بتأثره بقصيدة الإمام فيصل التي قالها في من خانوه، كما أن الشاعر يبين حالته ووفاءه حيث شارك مع جيوش الدولة السعودية في حروبها في عمان وقد كسرت رجله وبقى في الإحساء، وقد ذكرت بعض المصادر تاريخ تدوين النص عام 1255ه ولكن الواقع التاريخي يثبت أنه من عام 1254ه إلى منتصف عام 1259ه كان الإمام فيصل بن تركي في مصر وبالتالي القصيدة قيلت في النصف الأخير من عام 1253ه. دراسة النص: تعتبر القصيدة من المطولات ويبلغ عدد أبياتها خمسة وستين بيتاً وقد بدأ الشاعر قصيدته ناصحاً بأن لا أحد يتساهل في إدراك المعالي وان يحسب حسابه جيداً وينظر للأمور بعين العقل والبصيرة لا البصر ومن عميت بصيرته لن يهتدي ببصره ومن لا يكون حذراً فطناً في حساباته للأمور فستفتح عليه أبواب شر هو في غنى عنها، ويؤكد أن من الشعر لحكمة يدركها العاقل خاصة إذا كان صاحب ثروة ويخشى عليها من الزوال فيجب أن يؤدي ما عليه من زكاة وصدقة وان يتجنب الربا والمعاصي ثم ينصح كل أصحاب الملك الذين يخشون عليه من الضياع بأن يقيموا العدل ويأخذوا للضعيف حقه من الشريف، وانه متى فشى الفساد في بلد فعليه أن يرحل عنها إلى غيرها ففساد الديار ليس من إلا من أهلها، ويضرب مثالاً بمن تنكروا للإمام فيصل بن تركي وانحازوا إلى أعدائه وجازوا إحسانه بالسيئة وقد وهبهم السيوف والخيل والهجن والسلاح بل استخدموا ذلك في حربه وفي ذلك إشارة إلى قصيدة الإمام فيصل التي منها: بلاي من قومٍ عليها الردى ساق عقب الجمايل ضيعوا نية الخير ما كولهم عندي عناقيد واشناق ومشروبهم در البكار الخواوير وملبوسهم من طيب الجوخ ما لاق ونفلتهم بمصقلاتٍ بواتير وقصري لهم عن لافح البرد مشراق وبالقيض ظلٍ عن سموم الهواجير ومركابهم عندي طويلات الاعناق قبٍ اصايل مبهمات المسامير وبعد ان يتمنى ان يكون هناك ميزان توزن به الرجال وتقدر بحسب رجولتها ينتقل إلى إركاب نجاباً على هجين أصيلة تمتاز بالقوة وسرعة الجري ويحمله بقصيدة تتزين بمدح الإمام فيصل ويدعوه (شيخنا) متمنياً للنجاب أن يصل إليه في مدة يومين وهو في أحسن واسعد حال، كما يتشوق الشاعر لمشاهدة الإمام فيصل واصفاً إياه بالشجاع ويتمنى ان يقبل يده التي تعودت على البذل والعطاء عسى أن يشمله برعايته خاصة إذا عرفنا انه كان كسيراً في الاحساء حسب ما جاء في أحد الأبيات ومذكراً إياه بمواقفه في حروب الجيوش السعودية في عمان وكيف انه كان مع من يهجمون على أسوار الحصون بواسطة السلالم لا يخشون الرصاص حتى تمكنوا من الانتصار وإخماد نار الفتنة، ثم يبين ان فيصل يرى العدل واجبا في الرعية وفي الحق ميزانه واحد للجميع، ولو كشفنا عن أحوال الأمم لوجدناها تدعوا على سلاطينها إلا أن الإمام فيصل ومن معه من الحاضرة والبادية تدعي له بالثبات وان يصلح الله شأنه، فهو شيخ ناصر لدين الله باذلا ومنفقاً الأموال في الجهاد، وانه حاتم هذا الزمن في المروءة والكرم وعنترة في إقدامه، وهو سمح المحيا باسماً متواضعاً لا فاحشاً ولا متكبراً ولا يمن بعطائه الوفير، وهو حر أبي إذا غضب ففرائسه ملوك السباع، وهو اشد غيرة من جساس على جيرانه عندما يتخلى عنهم حثالة الناس، ثم ان الشاعر يدعو بالبلاء على كل من تخلى عن الإمام فيصل وهنا ما يمكن أن يؤخذ كدلالة على أن القصيدة جاءت نتيجة تأثر الشاعر بقصيدة الإمام فيصل ومجاراة ولكنها مختلفة في البحر والقافية. الهوامش: هذه بعض الكلمات في القصيدة باللهجة الإماراتية القديمة وقد أفادني عنها الصديق الشاعر سيف بن حارب السعدي: 1-ميشانها: أي نيشانها من النيشان وهو الهدف وفي لهجتهم قديماً تقلب النون ميماً. 2-ابرانها: أي فسادها 3-حرف: عملة تسك قديماً ويضرب بها مثلاً فيقال (فلان حرف ما يبور).