أصبحت العملة المعدنية من فئة (25) و(50) هللة من أساسيات التعامل بين كل من المستهلك وأصحاب الأسواق المركزية، وكذلك محلات بيع المواد الغذائية، وساهم تجاهل هذه العملة إلى الاستهانة بها من قبل المستهلك؛ لعدم توفرها في السوق، مما استوجب استبدالها بالحلوى وبعض المنتجات الرديئة الأخرى الموازية لنفس القيمة، حيث يصر أصحاب الأسواق المركزية وأصحاب بيع المواد الغذائية على الاستمرار على هذا النهج في ظل عدم توفرها، بالرغم من أهميتها الاقتصادية للمستهلك، والذي يقبل عملية التعويض إجبارياً. العديد من المواطنين استنكر الوضع وطالب بتفعيل العملة المعدنية واستبدالها بورقية، والبعض الآخر رضخ لقرار السوق واستبدالها ب»علكة» أو «منديل». علكة أو منديل من نظرة اقتصادية حدثنا «عبد الله القحطاني» قائلاً: عند شراء السلعة نضطر إلى دفع الفروق الكسرية، وعندما لا تحمل معك القروش المعدنية فستدفع الريال، وربما أعطاك البائع -الكاشير- منديل ورق صغير مقابل نصف الريال، والذي كان يجب أن يرده لك، أو حبة «علكة» في مقابل ربع ريال، مشيراً إلى أنه فيما يتعلق بالعشر أو الخمس هللات، فهو لا ينظر إليها بحساب الزيادة أو النقصان!. خسارة مضاعفة وأضاف: هذا بالنسبة للتعامل النقدي، أما البطاقات الائتمانية فتحسب كل هللة، ولكنها تكلفك أكثر بسبب فوائد البنك، ما عدا حسابك في الصراف، مبيناً أنه إذا أرادت جهة ما رفع سعر سلفة بنسبة (50%) فلن تفعل؛ بسبب عدم استخدام الأنصاف والأرباع، فترفع السعر بنسبة (100%)، مضيفاً: «الساندويتش يرتفع سعره إلى ريالين بدلاً من ريال ونصف، ووجبة نصف الدجاجة تباع بدلاً من 10 ريالات ونصف ب 11 ريالاً وهكذا»، مشيراً إلى أن كل هذا يتحمله المستهلك كخسارة مضاعفة، مرة برفع السعر ومرة بعدم رد الفرق نقداً أو تجاهله أصلاً. د. علي الدقاق إلغاء الهللات وأوضح أن هذا يضر بالاقتصاد الوطني؛ لأنه على مستوى المملكة، مبيناً أنه على مستوى التعاملات الكثيرة وكل الأنشطة التجارية، صغيرة كانت أم كبيرة، يحدث هدر في القيمة، بضياع قيمة أنصاف وأرباع وهللات الريال، ولك أن تتصور مقدار الهدر اليومي بسبب تجاهل الكسور، متسائلاً: هل ينبغي استبدال العملة المعدنية بالورقية، ونلغي الهللات؟. مطالب بالكسور ورفض «علي الشهراني» أن يستبدل النصف أو الربع ريال بعلكة أو منديل، مطالباً بالكسور، مضيفاً: «البعض يتحرج من طلب الكسور وكأنها نقيصة في حقه، وهو ما يمثل استهتاراً واضحاً بالعملة المعدنية وضعف ثقافي بأهميتها»، لافتاً إلى أن الكاشير لا يُحرج وهو يمد لك «علكة» أو منديل، معوضاً إياك النصف ريال، بينما لو طلبت منه إلغاء هذا النصف فإن ذلك سيكلفه خسارة باهظة ببضاعته. تغيير المعدني ورأى «أحمد سالم» أننا بالفعل نتجاهل هذه العملة ولا نتداولها مع أنه بالدول الغربية لايهملونها، بل ولا يمكن أن يتنازل أحد عن الكسور، فتراهم يتعاملون معها كأي عملة لها وضعها الاقتصادي، ذاكراً أنه حتى في الباصات هناك صندوق للعملة المعدنية الصغيرة، وأيضاً يوجد لديهم آلات لصرف العملة الورقية بالعملة المعدنية، مقترحاً لو تم استبدال العملة المعدنية النصف ريال والربع ريال بأخرى ورقية، مع إلغاء الريال لإجبار المستهلكين على استخدام هذه القيمة المالية، وحتى لا نساهم بضياع حقوقنا وحقوق أبنائنا. علك الصيدليات وقال «عبد العزيز القرني»: بصراحة المسألة مسألة وعي في المقام الأول، فنحن نخجل من أن نطالب بنصف أو ربع ريال أو حتى الريال أحياناً، مبيناً أن المحلات تستغل هذه النقطة لدرجة أنها لا تشاورك في أخذ الربع ريال، مشدداً على ضرورة إلزام المحلات بتوفير العملات المعدنية بدلاً من «العلوك» والمناديل، إلى جانب عدم استغلال المواطن بتسعير العملات ب(95) هللة و(90) هللة، لافتاً إلى أنه رأى أمام عينه صيدلي يُعيد لزبون «علك أبو نص»، متحججاً بعدم وجود عملة معدنية، ذاكراً أنه أصبحت الصيدليات تمارس نشاط البقالات وتنافسهم على نصف ريال. تكوين احتياطي وأوضح «د.علي الدقاق» -خبير اقتصادي- أن العمر الافتراضي للعملة الورقية من فئة الريال يصل إلى سنتين، بينما يصل العمر الافتراضي للعملة المعدنية إلى (25) عاماً، مضيفاً أن طباعة العملة الورقية تتطلب تكوين احتياطي من النقد الأجنبي كغطاء للعملة، في حين أن العملة المعدنية يتم تداولها في السوق المحلية ولا تتطلب تكوين احتياطي، ذاكراً أن المستهلك الأمريكي لا يتنازل عن السنت الواحد (3,75 هللة)، في حين أن المستهلك المحلي يتنازل بكل سهولة عن النصف ريال أو يستعيض عنه بأي سلعة. ضعف الوعي وأضاف: من أسباب ضعف التعامل بالعملة المعدنية، عدم تغطية حاجة السوق المحلية من العملة، وعدم وعي الجمهور بحجم تأثير العملة المعدنية على سياسات التسعير، وكذلك انعكاسات ذلك على تكاليف المعيشية، أيضاً ارتفاع حجم النقود المتداولة بين الأفراد، وضعف دور الجهات الرقابية في متابعة التقلبات السعرية بالأسواق، مبيناً أن العائق الحقيقي أمام الريال المعدني يتمثل في وجود مخاوف من التأثيرات النفسية على الأفراد، وتبعات ذلك على معدلات التضخم في المملكة. تعميق الثقافة وشدد على ضرورة تعميق ثقافة التعامل بالعملة المعدنية قبل التفكير في استبدال العملة الورقية من فئة الريال بعملة معدنية، وهو ما أدى إلى ضعف التعامل مع العملة المعدنية، وكذلك لجوء كثير من المنتجين والموردين إلى ضغط التكاليف من خلال التلاعب بكمية أو مستوى جودة السلعة، خصوصاً في السلع شديدة الحساسية للتغيرات الكبيرة في أسعارها كالخبز والزيت وبعض أنواع الحليب التي تناقصت كمياتها، وبعض المنتجات التي فقدت جزءاً من مستوى جودتها.