في الماضي كانت العملة المعدنية متداولة بكثرة في السوق المحلية وبكل فئاتها، أما الآن فقد يمضي أكثر من العام دون أن تشاهد العملة المعدنية وخاصة الفئات الصغيرة منها. وقد أثر ذلك على سياسات تسعير السلع الميسرة (منخفضة القيمة) في السوق المحلية خاصة مع وجود ضغوط تضخمية تدفع باتجاه رفع الأسعار. المنتجون والموردون حين يقررون رفع الأسعار بنسبة 5 أو 10 في المئة؛ ينظرون إلى سعر السلعة النهائي على المستهلك. فإذا كان سعر السلعة بعد الرفع سيساوي ريالاً وعشر هللات، فإنهم يقررون رفع السعر بنسبة 25% لأنهم يدركون أن الخمس عشرة هللة لن تذهب للمستهلك وإنما إلى محلات التجزئة بسبب ضعف التعامل بالعملة المعدنية. معظم المنتجين والموردين يفهمون العلاقة بين سعر السلعة والكمية المطلوبة منها، وهم يدركون أن رفع السعر بنسبة 10% سيترتب عليه في الغالب انخفاض الكمية المطلوبة منها، ومرونة الطلب السعرية (درجة استجابة الكمية المطلوبة من السلعة للتغير في سعرها) هي التي تحدد التأثير النهائي على أرباحهم. فإذا ترتب على رفع سعر السلعة بنسبة 10% انخفاض في الكمية المطلوبة منها بنسبة أقل، فإن أرباحهم ستزيد، والعكس صحيح. ضعف التعامل بالعملة المعدنية يجعل قرار رفع السعر بعشر هللات مساوٍ لقرار رفع السعر بخمسة وعشرين هللة، مما يولد ضغوطاً تضخمية مضاعفة في السوق المحلية. كما أنه يحد من قدرة المنتجين والموردين على المنافسة في السوق المحلية لأنهم لا يستطيعون تخفيض الأسعار بمقدار خمس أو عشر هللات. وهذا ما يجعل المستهلك المحلي يسمع عن الانخفاضات في أسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية ولا يراها في السوق المحلية. لذلك فإن العملة المعدنية متداولة في دول العالم الغنية والفقيرة على حدٍ سواء، لأنها توفر نظام تسعير أكثر عدالة للمنتجين والمستهلكين. أسباب ضعف التعامل بالعملة المعدنية -عدم تغطية حاجة السوق المحلية من العملة المعدنية، ويتطلب ذلك إنشاء شركات خاصة تعرف بمراكز النقد "Cash Center"، تتولى هذه الشركات عملية توزيع العملة المعدنية بكل فئاتها عن طريق مكائن استبدال العملة المعدنية بالعملة الورقية، والعكس. -وعي الجمهور بحجم تأثير العملة المعدنية على سياسات التسعير، وانعكاسات ذلك على تكاليف المعيشية. فالمستهلك الأمريكي لا يتنازل عن السنت الواحد (3,75 هللة)، في حين أن المستهلك المحلي يتنازل بكل سهولة عن النصف ريال أو يستعيض عنه بأي سلعة. -ارتفاع حجم النقود المتداولة بين الأفراد وضعف استخدام الشيكات أو نقاط البيع الإلكترونية. -ضعف دور الجهات الرقابية في متابعة التقلبات السعرية في أسواق الجملة والتجزئة. العملة الورقية والمعدنية العمر الافتراضي للورقة النقدية من فئة الريال يصل إلى سنتين، بينما يصل العمر الافتراضي للعملة المعدنية إلى خمسة وعشرين سنة. كما أن طباعة العملة الورقية تتطلب تكوين احتياطيات من النقد الأجنبي كغطاء للعملة، في حين أن العملة المعدنية يتم تداولها في السوق المحلية ولا تتطلب تكوين احتياطيات، لذا فإن صافي إيرادات سك العملة المعدنية (قيمة العملة – تكاليف السك) يرحل لحساب وزارة المالية. هذا ما يدفع دولاً عريقة في أنظمتها النقدية تتوسع في استخدام العملة المعدنية مثل المملكة المتحدة التي سكت الجنية الإسترليني الذي تتجاوز قيمته 6 ريالات. لكن العائق الحقيقي أمام الريال المعدني يتمثل في وجود مخاوف من التأثيرات النفسية على الأفراد وتبعات ذلك على معدلات التضخم في المملكة. لذا لابد من تعميق ثقافة التعامل بالعملة المعدنية قبل التفكير في استبدال العملة الورقية من فئة الريال بعملة معدنية. العملة الخليجية الموحدة وضعف تداول العملة المعدنية سيتولى المجلس النقدي الخليجي تحديد سعر صرف العملة الخليجية الموحدة مقابل المثبت المشترك (الدولار الأمريكي)، وسيترتب على ذلك تحديد سعر صرف الريال مقابل العملة الخليجية الموحدة. ولنفرض أن سعر صرف العملة الخليجية الموحدة مقابل الريال السعودي يساوي 1,1 ريال لكل عملة خليجية، في هذه الحالة ستتولد ضغوط تضخمية تدفع باتجاه رفع أسعار معظم السلع الاستهلاكية، لأن ما قيمته ريال واحد سيُقوّم بعملة خليجية واحدة بسبب ضعف التعامل بالعملة المعدنية. لذا لابد من تسريع العمل على كل ما من شأنه تفعيل العملة المعدنية في السوق المحلية وإدخالها حيز التداول قبل إطلاق العملة الخليجية الموحدة. العملة المعدنية والجودة أدى ضعف التعامل بالعملة المعدنية إلى لجوء كثير من المنتجين والموردين إلى ضغط التكاليف من خلال التلاعب بكمية أو مستوى جودة السلعة، خصوصاً في السلع شديدة الحساسية للتغيرات الكبيرة في أسعارها كالخبز والزيت وبعض أنواع الحليب التي تناقصت كمياتها. وبعض المنتجات التي فقدت جزءاً من مستوى جودتها.