اقترب البعض من نسيانها حتى عادت الى دائرة الاهتمام مرة اخرى فتجدها تتنقل بين جيوب الآباء ومصدر فرح الابناء ووسيلة البائعين للحصول على مجالات تسويق وبيع جديدة، تلك هي "العملة المعدنية". وبعد ان كانت من الذكريات التي تراود من تجاوزوا الأربعين ويربطونها ب "مصروف المدرسة" اليومي، التي كانت في تلك السنين تعد بالهللات وأحيانا بالقروش، انتعش تداول هذه العملات المعدنية مرة اخرى في الأسواق السعودية بعد ان عمدت بعض السلع والمنتجات الى الارتفاع بأنصاف الريالات الأمر الذي أوقع المواطنين في حرج البحث عن "نصف ريال" وباعة يعمدون الى مقولة "مافيه نص" فتجبره على شراء حلوى او علبة منديل صغيرة بالنصف ريال المتبقي. أستاذ علم الاجتماع الاقتصادي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبيد آل مظفر، يشير الى ان غياب تداول العملة المعدنية في المملكة كان واضحاً في المحلات التجارية وفي تداولات المواطنين، رغم انها موجودة بكميات كبيرة وهذا الغياب أدى إلى ارتفاع الأسعار وخلق جيل من الشباب لا يعرف كيفية التعامل بالعملة المعدنية، إضافة إلى عدم منحها أي أهمية على الرغم من أهميتها في الاقتصاد. ويضيف الدكتور آل مظفر : لهذا علينا التعامل اليومي بالعملة المعدنية والقيام بترويج التعامل بالعملة المعدنية داخل المملكة والعمل من اجل تقليل التضخم واستقرار الأسعار. من جانبه طالب الدكتور أسامة فلالي أستاذ الاقتصاد والنقد بجامعة الملك عبدالعزيز، إلى ضرورة العودة للتعامل بالعملات المعدنية حيث ذكر: يتوجب على الجهات المختصة كمؤسسة النقد العمل على ذلك، للحد من التضخم، والمساهمة في التخفيف من وطأته على المواطنين وحماية القيمة الشرائية لدخل المواطن، كذلك للتقليل من الارتفاع الذي يطال بعض السلع الاستهلاكية بعد كل فترة وأخرى. ويضيف فيلالي: إذا نظرنا إلى الغرب لازال السنت والشلن يتم التعامل معه بقوة وكثرة بالرغم من صغر قيمتها، وتجد أماكن تصرف بها فيتوجب علينا هنا كمسلمين الالتفات جيدا في هذه المعاملات وإعطاء كل ذي حق حقه لابراء الذمم فتساهل المواطنين في الحصول على الكسور يعود الى عدم إدراكهم لثقافة التعامل بالعملة المعدنية كما ان البنوك ومؤسسة النقد لم تدعم التعامل بها. ويرجع الدكتور يوسف عبدالله الزامل استاذ النقود والتنمية بجامعة الملك سعود، عدم التعامل بالعملات المعدنية إلى انخفاض القوة الشرائية للريال كما كان في السابق فلم يصبح له قيمة لهذا يستصغر المواطن الهللات والتي هي أجزاء من الريال والتعامل بها ونجد معظم دول الخليج لا ينظرون إلى العملة المعدنية على الرغم من انه لو نظرنا الى المحلات والتي تسعّر بعض بضائعها ب 95 هللة او5.90 هللة لاتقوم بإعادة المتبقي لأن المواطن هنا لايسأل مما يضع المواطن في دائرة الاستغلال بتسعير العملات. ويؤكد الدكتور الزامل على انه يجب الاعتراف بالعملات المعدنية كعملة رسمية ليتوجب التعامل بها وفرض عقوبات لمن يرفض قبولها والعمل على إلزام المحلات بتوفير العملات المعدنية بدلا من اعطائنا الباقي "اللبان والمناديل". بينما يرى الدكتور محمد علي الجراح أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود على ضرورة توفير عملة ورقية من فئة ربع ونصف الريال، ليصبح هناك متسع من حرية التسعير للمنتجات والخدمات بقيمة تتطابق يقبلها المستهلكون، دون أن يضطروا إلى التعامل مع العملة المعدنية. ويشير الدكتور الجراح إلى ان من أسباب ضعف التعامل بالعملة المعدنية في المملكة عدم توفر مكائن استبدال العملة الورقية بالمعدنية او مكائن تقبل التعامل بالعملة المعدنية.