عاشت الرياض خلال الأيام الماضية التجربة الثانية للمعرض والمؤتمر الدولي الثاني للتعليم العالي الذي تقيمه مشكورة وزارة التعليم العالي وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وقد كانت لي فرصة زيارة المعرض أكثر من مرة وفي أكثر من وقت. ولي مع هذا المعرض ثلاث وقفات. الوقفة الأول: التنوع والثراء في المعرض، فهو ليس معرضاً للجامعات الدولية فقط، بل هو فرصة للجامعات السعودية لتشارك في تلك التظاهرة العلمية الرائعة. إذ يشارك في المعرض أكثر من 420 مؤسسة أكاديمية عالمية جاءت من أكثر من ثلاثين دولة من مشارق الأرض ومغاربها. هذا بالإضافة إلى مشاركة الجامعات والكليات السعودية. هذا التنوع الثري يعرض خيارات متنوعة أمام الطالب السعودي ويخلق تنافساً بين الجامعات العالمية لجذب الطالب والباحث السعودي. كما أن البرنامج المصاحب للمعرض المتمثل في عدد من ورش العمل التي تنوعت من حيث الموضوعات والجهات المشاركة. فمن أصل 28 ورشة عمل، شارك زملاء وزميلات من الجامعات السعودية ب 17 ورشة عمل. وقد تنوعت الموضوعات المطروحة، فمنها ما هو موجه إلى الطلاب ومنها ما هو يعرض للتجارب الناجحة وكيفية صناعة اقتصاد المعرفة. الوقفة الثانية: التلاقح الثقافي والتبادل المعرفي بين الجامعات السعودية والجامعات العالمية. حضور هذه الكوكبة من الجامعات العالمية يعد مكسباً ثقافياً وإعلامياً للمملكة، فالحوارات المصاحبة للمعرض لابد أن تثمر عن تلاقح ثقافي، كما أن المشاركين من تلك الجامعات لابد أن يخرجوا بانطباع ايجابي عن المملكة. إن تواجد الجامعات والكليات السعودية داخل المعرض يعد عنصراً ايجابياً، فوجود جامعاتنا والجامعات العالمية تحت سقف واحد يخلق نوعاً من التلاقح الفكري والعلمي بين جامعاتنا والجامعات العالمية، فبحسب تجربتي في جناح جامعة الملك سعود فقد زار جناح الجامعة عدد من ممثلي الجامعات العالمية بغرض بحث أوجه التعاون المشترك، والعكس صحيح حيث قمت بعدد من الزيارات إلى عدد من الجامعات العالمية لاكتشاف ماذا يمكن أن تستفيد الجامعة من تلك الجامعات العالمية. الوقفة الثالثة: نضج ووعي زوار المعرض. لقد أثلج صدري ما رأيت من رقي في تعامل زوار المعرض. فهولاء الشباب من بناتنا وأولادنا تصرفوا برقي وتحضر عالٍ. إذ لم أرَ أي نوع من المضايقات على الإطلاق، بل شاهدت أولادنا وبناتنا يناقشون ممثلي الجامعات العالمية بعمق ويسألون بحكمة. وقد كان لي لقاء مع عدد من ممثلي الجامعات العالمية، وكنت حريصا على سؤالهم عن ماذا يسأل الزوار وما هي انطباعاتكم عنهم؟ وقد كانت الإجابات مشرفة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. فقد قال لي ممثل جامعة أوكلاند النيوزيلندية بقوله: لقد بهرت بثقة الشباب من الجنسين في بحثهم عن التخصصات المفيدة التي تخدمهم بعد تخرجهم وان أسئلتهم تنم عن وعي وإدراك ورقي. لقد أحسست بان طلابكم رجال ونساء بالغون ومدركون. لم يتبادر إلى ذهني إطلاقا أن هناك فوضى لديهم أو أنهم لا يعرفون ماذا يريدون. هنا انشرح صدري. فالذي يعرف ماذا يريد لاشك انه إنسان يستشرف المستقبل ويخطط بثقة. لم أشاهد أي مضايقات كما كنا نخاف أن يكون بعبع الاختلاط بين الشباب غرس في أذهاننا صورة غير حقيقية وان النار والبنزين لا يجتمعان. تلك هي تخيلات لا وجود لها. والحقيقة أن أبناءنا وبناتنا لم ولن يكونوا ناراً وبنزيناً. هم في الواقع على درجة عالية من الرقي وملتزمون بالأدب والحشمة، كما أثبتوا ذلك في زياراتهم للمعرض. شكراً لوزارة التعليم العالي على إقامة المعرض، والتقدير للقائمين على المعرض من تنسيق وتنظيم وإدارة، متمنياً التقدم والنجاح. وفق الله الجميع لخدمة وطننا المعطاء، وللجميع مودتي. * جامعة الملك سعود