ينتابني شعور بالأسى والحزن تجاه بعض من أرافقهم ومن أجلس معهم وأخص بالذكر زملائي في العمل وممن أعرفهم خارج العمل الذين يتفاخرون ويتباهون باقتناء كل ما خف وزنه وغلا ثمنه على حساب بيته وأسرته. فهو مولع بشراء السلع الثمينة. ليس لأنه بحاجة لها، بل من أجل ان يتباهى ويتعالى بها أمام زملائه، مع العلم ان راتبه لا يغطي تكاليف احتياجاته الأساسية فتارة يبتاع (سبحة) باهظة الثمن أو جوال آخر صيحة أو أي سلعة أخرى لا لشيء إلاّ ليقال إنه غني ليوهم الطرف الآخر أنه من أصحاب الأرصدة العالية، ليثبت أن هذه السلعة لا يستطيع شراءها إلاّ الأغنياء أمثاله. وإذا بحثت عن حقيقة ذلك الشخص لوجدته في حال يرثى لها، فالأقساط البنكية تداهمه من جهة، وايجار المنزل من جهة أخرى، والطريف في الأمر ان ذلك الشخص الذي يدعي الغنى يصيح ويشتكي ويرفع صوته في المجالس من ارتفاع الأسعار وخاصة (المواد الغذائية)، فمرة يدعو على التجار بالويل والثبور وأخرى يبحث عن المنتجات مخفضة الأسعار ليخفف عن نفسه أعباء مصروفاته، وكل هذا من أجل ان يفرد عضلاته أمام الجميع. للأسف الشديد كثرت في مجتمعنا وخاصة في الآونة الأخيرة بمثل تلك النوعيات ممن حكموا عواطفهم على عقولهم حتى اعتبروا ما يفعلونه هو من أساسيات ومتطلبات الحياة الاجتماعية، وما علموا ان فعلهم هذا جعلهم أضحوكة بين كثير من زملائهم حتى وصفوا عملهم هذا (بالهوس) وان فعلهم هذا يجلب كره المجتمع لهم. وما يجب قوله والعمل به ان نقدم لمن أصيب بهذا الداء، النصيحة الأخوية لكي نقضي على هذا المرض الذي استشرى في المجتمع، وكذلك نحتاج إلى نقد بناء لهذه الظاهرة غير المرغوب بها حتى نصل إلى بترها بالكامل من مجتمعنا.