رفض موفق الربيعي المستشار الأمني في الحكومة العراقية المؤقتة الاتهامات الأردنية بشأن قيام (هلال شيعي) يمتد من إيران إلى لبنان عبر العراق وسوريا. ورأى في حديث ل«الرياض» أن ذلك تدخل سافر في الشؤون العراقية الداخلية وتجن فاضح ضد شعبه». وتساءل الربيعي كيف يجرؤ الساسة في الأردن على طرح هذه الشعارات الطائفية قائلاً: «نريد من الاخوة العرب فقط ترك العراق للعراقيين والمساعدة في حماية الحدود المشتركة معهم». وتابع المستشار الأمني في القول: إن قائمة (الائتلاف الموحد) لا تحمل أجندة خفية حول إقامة حكومة دينية شيعية أو حتى تقنين الطائفية على الطريقة اللبنانية، مؤكداً «أن كل العراقيين يأملون في إقامة دولة ديمقراطية فيدرالية تعددية تحترم حقوق الإنسان». وحول إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد شدد الربيعي على بدء العملية الانتخابية في بداية الشهر المقبل. وحذر من عواقب تأجيل انتخابات الجمعية الوطنية عن موعدها المحدد بقوله: «إننا سندخل نفقاً مظلماً وستكون الشرارة الأولى لنشوب حرب أهلية». واعتبر المستشار الأمني إرجاء الانتخابات نصراً للإرهابيين الصداميين والزرقاويين - على حد تعبيره -. وحول انسحاب الحزب الإسلامي من الانتخابات وإعلانه رفض الدستور الجديد توقع المسؤول العراقي أن ذلك مناورة سياسية وإعلامية يمارسها (الإسلامي) لإعطائه زخماً بحجمه وثقله السياسي العريق. وعن عودة البعثيين إلى أجهزة الدولة مثل الشرطة والجيش وصف المستشار الأمني ذلك ب«الخطوة المحمودة» شريطة أن لا يكون من الصداميين الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب العراقي. وجدد موفق الربيعي اتهاماته لسوريا في دعمها للعمليات الإرهابية ضد العراق ..موضحاً أن هناك وثائق وصوراً وجدت لدى مقاتلين في الفلوجة تؤكد العلاقة الوثيقة مع ثلة من أزلام النظام البائد يتخذون من العاصمة دمشق مقراً لهم. وامتدح الأداء الإيراني في مراقبة الحدود خصوصاً خلال الفترة القصيرة الماضية قائلاً: إن ثمة إشارات تفيد أن من مصلحة إيران استتباب الأمن وإكمال العملية السياسية في العراق. وفي ذات السياق انتقد الربيعي تصريحات حازم الشعلان وزير الدفاع حول اتهام المخابرات الإيرانية بالضلوع في دعمها لعمليات العنف مشيراً إلى أنها تصريحات تشتم من رائحتها العنصرية ضد العنصرغير العربي وهذا ليس بديدن العراق الجديد. وفي نهاية حديثه ل «الرياض» توقع الدكتور موفق الربيعي المستشار الأمني للحكومة العراقية تصاعد وتيرة العنف مع اقتراب موعد الانتخابات حتى نهايتها.. وفيما يلي نص الحوار: ٭ من الواضح جلياً وجود اختلاف حاد بين مؤيد ومعارض لاجراء الانتخابات في موعدها المحدد وتأجيلها.. إلى أي جهة يقف الدكتور موفق الربيعي؟ - أرى الفوائد في إجراء الانتخابات أكثر من التأجيل أولاً في العراق الجديد والساسة يريدون أن يظهروا لأبناء شعبهم أنهم أوفوا بوعودهم بعدما اتفق على أن يكون 30 يناير موعداً للانتخابات، وثانياً أن هذا الموعد جزء من عملية بدأناها يوم 9/4 عندما سقطت الدكتاتورية و13/7 تشكل مجلس الحكم وبعد بضعة أشهر تشكلت الحكومة إلى تم الاتفاق على نص قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية في 5/11 وتسلم السيادة في حزيران 2004م وبعد ثمانية أشهر من ذلك التاريخ تجرى الانتخابات فهذا جزء من عدة تواريخ التزمنا بها أمام شعبنا.. لماذا يريد الإرهابيون سواء كانوا الصداميين أم الزرقاويين يريدون تأجيل الانتخابات وهذا المطلب ظهر واضحاً وجلياً في دعوة اسامة بن لادن الشعب العراقي إلى مقاطعة الانتخابات وعدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع لأنها طريقة كافرة كما يعتقدها وتحكيم إرادة الشعب وان يحرفوا العملية السياسية عن السكة التي وضعت عليها وعملية اصرار الشعب العراقي على إجراء الانتخابات هي دحر للإرهاب وافشال للمخطط الإرهابي ونعتقد ان الاصرار على إقامة الانتخابات في 30 يناير سوف يكون ضربة نفسية ومعنوية كبيرة جداً للإرهاب، لأنه مع كل جهودهم في تخريب العملية السياسية أصررنا على ذلك وعلى هذا الأساس بالمقابل سوف تكون دفعة معنوية ونفسية وجرعة كبيرة للشعب العراقي الذي يعتبرها انتصاراً والعملية الديمقراطية في الحقيقة هي مسألة مهمة جداً.. هي ليست إثبات نسبة الشيعة أو السنة أو الأكراد أو العلمانيين أو الإسلاميين وليس خلافاً بين العرب والكرد أو السنة والشيعة إنما في الحقيقة الخلاف بين القوى التي تؤمن بالديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان لأبناء الشعب العراقي سواء كانوا عرباً أم كرداً وبين قوى الظلام والضلال والإرهاب التي تريد ان ترجع العراق إلى عهد صدام حسين عهد الدكتاتورية والطائفية وعهد العنصرية هنا يريد الصداميون ان يرجعوا إلى عهد صدام والزرقاويين.. يريدون ان يقيموا نظام طالبان الظلامي المتحجر وصاحب الفهم الخاطئ للدين الإسلامي الحنيف. ٭ لكن هناك فعاليات سنية معتدلة كالحزب الإسلامي وكتلة المستقلين بقيادة الباجه جي تريد التأجيل بضعة أشهر لضمان مشاركة مؤيديها في الانتخابات؟ والا ترون ان انسحاب الإسلامي يؤثر على سير العملية الانتخابية؟ - أولاً ان السنة العرب شاركوا ب (38) كياناً سياسياً مسجلين لدى المفوضية المستقلة للانتخابات وسوف يخوضون الانتخابات بما فيها الحزب الإسلامي وحركة التجمع الديمقراطيين التي يقودها الباجه جي إلاّ ان الحزب الإسلامي انسحب إعلامياً فقط لأنه لا يمكن ان ينسحب من القائمة بتاريخ 22/12 وبعد تاريخ 22 اغلقت الاستمارات التي ستقدم إلى الناخب في 30 يناير من هذا العام.. القائمة ستضم الاستمارات المرشحة وسوف تحوي الإسلامي والشعار والرقم والاسم والناخب العراقي سوف يكون له الخيار في ان يدعم الإسلامي. ٭ كيف يمكن تحقيق ذلك والحزب الإسلامي شدد على رفضه للدستور الذي من المفترض إعداده من الجمعية الوطنية المنتخبة؟ - صحيح أنه انسحب إعلامياً ولكن عملياً وفنياً وقانونياً لم ينسحب لا يمكن اعتباره منسحباً بعد تاريخ 22/12 لأنه طبعت الاستمارات وسجل نفسه ككيان سياسي وحتى بعد فوات الوقت المحدد، ونأمل ان يغير الحزب رأيه وتوجد تحليلات ان اتخاذ الإسلامي لذلك هو مناورة سياسية وإعلامية وزيادة الدعاية للحزب وأتمنى ان يكون ذلك صحيحاً من أجل هندسة أزمة الانتخابات وأنا لست من أولئك الذين يعتقدون ذلك.. أنا من أولئك الذين يعملون جاهدين ان يدخل الحزب الإسلامي معترك الانتخابات وبالأصوات التي يستحقها. ٭ ما البديل في حال استمرار الحزب الإسلامي على موقفه.. هل هناك خطة بديلة تقترحونها مثل اشراك العشائر؟ - في اعتقادي من ينسحب في المثلث السني من الانتخابات ليس بملء إرادته وليس اعتقاداً منه ان تأخير الانتخابات سوف يحل الأزمة الأمنية لا.. إنما الذي ينسحب يكون تحت حراب ووعيد من الإرهابيين.. لنفرض أنه صارت الانتخابات في 30 يناير ومعظم المناطق الشيعية صوتت ومعظم المناطق الكردية صوتت أيضاً وقليل من المناطق السنية صوتت.. فهناك التركمان والكلداآشوريين واليزيديين والصابئة العرب سوف يصوتون.. لنقل إن أكثر من نصف العراقيين صوتوا، هذا يكفي فلنشاهد في أعرق الممارسات الديمقراطية سواء في بريطانيا وأمريكا لا تتجاوز نسبة الانتخابات 50٪ كما حدث مؤخراً بين بوش وكيري في الولاياتالمتحدة.. فهذه اللعبة الديمقراطية.. إذا أوقفنا وأجلنا سوف تحدث أزمة دستورية رهيبة في العراق وسوف ندخل لا سمح الله في نفق مظلم والتخوف أن تكون شرارة لنشوب حرب أهلية، فالتأجيل سوف يعطي دفعة معنوية للإرهابيين والصداميين وضربة نفسية للشعب العراقي، أنا أقول لو أجريت الانتخابات بمن حضر سوف يكتب أعضاء الجمعية الوطنية ال (275) أروع الدساتير في المنطقة. ٭ تتحدث الأوساط عن ثمة حوار يديره المرجع الديني السيد علي السيستاني مع فعاليات سنية لحثهم على المشاركة، هل تم التوصل إلى شيء بهذا الخصوص؟ - السيد السيستاني قلق جداً من تردد بعض الاخوة السنة في المشاركة بالانتخابات فعندما أعلن الحزب الإسلامي انسحابه، الحقيقة أصيب السيستاني بخيبة أمل، وهناك جهود حثيثة من مكتبه على تشجيع الكيانات السياسية العربية في المثلث السني للمشاركة في العملية الانتخابية أعتقد أن السنة العرب عماد من أعمدة أركان العراق الأساسية وبدونهم لا يمكن بناء العراق.. السنة ليسوا قلة قليلة يمكن اهمالها وتجاوزها. ٭ هل هذا يعني أنه حتى لو لم يفوزوا في الانتخابات سوف تعطى لهم مناصب قيادية؟. - أعتقد أن مسألة المحاصصة الطائفية والتعويض عن الأرقام بأرقام أخرى وتعيين ناس بدون اختيار الشعب لا السنة العرب يقبلون لأنفسهم ولا بقية أعضاء الجمعية الوطنية المنتخبة الذين أتوا عن طريق الانتخابات. ٭ خلال الأسابيع الماضية صرح العاهل الأردني الملك عبدالله حول مخاوف على عروبة العراق من خلال تكوين (هلال شيعي) يمتد من إيران إلى لبنان عبر العراق وسوريا.. هل ترون مبرراً لهذه المخاوف؟ - العراقيون وقائمة الائتلاف الموحد بالخصوص لا يريدون حكومة دينية ولا يريدون حكومة شيعية على الإطلاق ولا يريدون تقنين الطائفية على الطريقة اللبنانية في العراق إنها تريد دولة فقط وأتمنى أن يفهمنا الأشقاء العرب، نريد دولة ديمقراطية فيدرالية تعددية تصان بها حقوق الإنسان كما هوموجود لدى العالم المتحضر. وعلى صعيد علاقتنا بإيران لا نريد أن ندخل حرباً مرة أخرى كما فعل صدام حسين حين خدع الغرب بأنه حامي حمى البوابة الشرقية للأمة العربية، لا نريد أن نقع في الفخ مرة أخرى نريد علاقة متوازنة واحتراماً متبادلاً مع إيران أن لا تتدخل بشؤون العراق ولا نريد أن نتدخل بالشأن الإيراني.. نتطلع أن تستثمر إيران كفاءاتها وأموالها وأن تشجع السياحة الدينية من خلال مئات الآلاف من الزوار للأماكن المقدسة الشيعية في العراق ونتطلع أيضاً لإقامة علاقات تكاملية اقتصادية ثقافية اجتماعية مع إيران، أما أن إيران تتدخل بالشأن العراقي السياسي والأمني فهذا نرفضه رفضاً باتاً وقاطعاً.. نحن نفرق بين علاقتنا السياسية التي تقوم على الاحترام المتبادل. أما ما يقوله بعض الساسة العرب.. لا أفهم حقيقة كيف يجرؤ هؤلاء على التدخل في الشأن العراقي الداخلي.. العراقيون والحكومة العراقية المؤقتة لا تسمح لنفسها بالتدخل في شؤون الآخرين، هذا شأن عراقي على الإخوة العرب أن يتركوه للعراقيين وأقول للأشقاء في الأردن إذا أردتم أن تساعدوا العراق فساهموا في ضبط الحدود المشتركة. ٭ لكن هذه المخاوف عبر عنها أيضاً وزير الدفاع حازم الشعلان وهو شيعي؟ - الحقيقة كفاني السيد رئيس الوزراء إياد علاوي فهذا الرأي لا يمثل رأي الحكومة العراقية المؤقتة لكنني أضيف نحن لسنا في مصلحة أن نعادي أي طرف عربي أو غير عربي من الجيران، نحن الآن ليس لدينا قوات أمنية وعسكرية كافية لدحر الإرهاب في العراق.. الآن نحن في طور التكوين فقط منذ بضعة أشهر شكلت قواتنا لتحريكها ضد الإرهاب، ناهيك أنه ننظر للحدود ونحاول أن تضبط من الآخرين.. المسألة الأخرى بعض التصريحات تشم في رائحتها العنصرية ضد العنصر غير العربي وهذا ليس ديدن العراق الجديد الذي يؤكد على المساواة الكاملة بين العربي والكردي والتركماني والأشوري. ٭ إذاً هل انتم راضون عن أداء السلطات الإيرانية لمراقبة حدودها؟ - الحقيقة.. هناك إشارات تشير إلى أن من مصلحة إيران استتباب الأمن بالعراق ومن مصلحة إيران إكمال العملية السياسية.. إذا تسلل بعض الإرهابيين من إيران فهم من الخطوط السلفية المتشددة أو من الأفغان العرب الذين عبروا إلى العراق من الأراضي الإيرانية. ٭ هذا يتناقض مع تصريحات لمسؤولين أمريكان أيضاً.. يؤكدون تدخلاً إيرانياً؟ - لا توجد لدينا أدلة تشير إلى تورط أجهزة الحكومة في اعمال إرهابية بالعراق يمكن أن يكون هناك نشاطات أمنية وثقافية وسياسية لكن لم يثبت انها على صلة بعمليات إرهابية. ٭ وماذا عن الحدود السورية وبعد زيارة ارميتاج نائب وزير الخارجية الأمريكي لدمشق ممتدحاً السوريين أيضاً؟ - الحقيقة أريد أن أوضح مسألة الحدود لا يمكن عملياً تأمين الحدود جغرافياً لو أخذت الآن الحدود في فلسطين بين الضفة والقطاع مع (إسرائيل) وحتى بعد وضع الجدار الفاصل كان هنالك عمليات اختراق من قبل الفلسطينيين. وصعب عليّ أن اقتنع بالرأي الذي يقول بأن المخابرات السورية لا تعلم بتحركات الذين يخططون لإيذاء العراقيين من دمشق وتلك الأموال والخطط والدعم اللوجستي التي تهدف إلى إيذاء شعبنا. ٭ من هم ماذا تقصدون هل هم أفراد من البعث؟ - نعم لدينا قائمة واعطيناها الحكومة السورية لتسليمهم هناك العشرات من البعثيين يقطنون دمشق وللأسف سوريا تغمض العين عن أفعالهم. ٭ في تصوركم كيف يمكن وضع خطة ذات استراتيجية هادفة لاستتباب الأمن؟ - من الخطأ تصور أن التجاوزات الأمنية والإرهاب أو ما يسمى بالمقاومة واستعمال العنف دواؤه وعلاجه بالإجراءات الأمنية فحسب، لأنه توجد ثمة خلفية سياسية واقتصادية ودينية. دعني اشرح السياسية منها، إن عناصر من العهد البائد لم يرتكبون جرائم ضد الشعب العراقي لأنهم أحسوا أنهم همشوا ولماذا هؤلاء يستعملون العنف وسيلة.. اعتقد أنهم دفعوا إلى الخندق الآخر وهذه الشريحة من واجبنا أن نعيدها ونخلق الظروف المناسب لهؤلاء للمشاركة في رسم مستقبل العراق. أما الدينية فيعتقد بعض هؤلاء أن أبناء السنة العرب مهمشون لأنهم كانوا في سدة الحكم على مدى (80) عاماً والآن يشعرون انهم عزلوا عن الحكم فبالتالي لا يستطيعون الاستيعاب بوجود شريك آخر وهذا الوضع يمكن علاجه بطرق سياسية. أما الاقتصادية هؤلاء الناس كانوا مواطنين في الدولة أيام النظام السابق ومئات الآلاف ممن كانوا موظفين في الدولة العراقية سرحوا إلى بيوتهم وتمت محاربتهم في معيشتهم وإذا تم توفير فرص عمل جديدة لهم لن ينخرطوا مع الإرهابيين. ٭ هل تحمّلون إذاً الحكومة انها لم توفر فرص عمل جديدة؟ - بالتأكيد الحكومة.. لا شك انها لم توفق وأدائها دون الطموح في الملف الأمني والاقتصادي والسياسي وبالأخص ملف الخدمات.. صحيح أن هناك انفلاتاً أمنياً إلا أنه لم تستطع الحكومة حماية المنشآت الخدمية. ٭ لكنكم تطلبون من الحكومة عصا موسى؟ - لا يا سيدي هناك أسباب ذاتية وموضوعية الأسباب الموضوعية هي خارج نطاق الحكومة الإرهاب أخذ مداه.. الخدمات مع الأسف كان علينا أن نحمي أفضل أنابيب النفط الماء والكهرباء، أزمة البنزين.