أعلنت بريطانيا امس ان موسى كوسا وزير الخارجية الليبي السابق موجود في مكان آمن وانها تجري معه محادثات بعد ان انشق على حكومة الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال وليام هيغ وزير الخارجية البريطاني ان لندن علمت مسبقا باعتزام كوسا الفرار الى بريطانيا قبل فترة قصيرة. وقال هيغ للصحفيين "انه في مكان آمن.. مكان آمن في المملكة المتحدة في الوقت الراهن ونحن نناقش معه الان خياراته وخياراتنا لنرى كيف سنتقدم." وقال هيغ ان انشقاق موسى كوسا سيشجع آخرين من المقربين للزعيم الليبي معمر القذافي على التخلي عنه. وقال ان كوسا الذي سافر الى قاعدة جوية بريطانية امس لم يحصل على حصانة من بريطانيا او الادعاء الدولي وانه يتحدث طواعية للمسؤولين البريطانيين. وقال هيغ في مؤتمر صحفي "القذافي يسأل نفسه من التالي الذي سيتخلى عني." وقام مسئولون بريطانيون امس باستجواب مكثف لوزير الخارجية الليبي موسى كوسا الذي فر إلى بريطانيا قادما من تونس في وقت متأخر من الأربعاء . ووفقا للمعلقين في لندن فإنه يبدو أن انشقاق كوسا يمثل انقلابا كبيرا خلال الصراع العسكري والدبلوماسي والنفسي الدائر ضد الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال جاك سترو وزير الخارجية البريطاني السابق امس إن كوسا كان يمثل "أهمية رئيسية " في العلاقات البريطانية -الليبية علي مدار الأعوام الماضية. ووصل كوسا إلى مطار فارنبورو بالقرب من لندن الذي يستخدم للطائرات غير التجارية في وقت متأخر من الاربعاء.وأفادت تقارير إنه جاء إلى بريطانيا قادما من تونس على متن طائرة عسكرية بريطانية. وقالت وزارة الخارجية في بيان لها "نحن نؤكد أن موسى كوسا وصل مطار فارنبورو في 30 آذار-مارس قادما من تونس وقد جاء هنا بإرادته ". وأضاف البيان "لقد أخبرنا انه استقال من منصبه ونحن نناقش هذا معه وسوف نصدر مزيدا من التفاصيل لاحقا". وجاء في البيان "نحن نشجع المحيطين بالقذافي على التخلي عنه ورسم مستقبل أفضل لليبيا يتيح الانتقال السياسي وإجراء إصلاحات حقيقية تفي بطموحات الشعب الليبي ". وقالت الحكومة الليبية في طرابلس إن كوسا "في مهمة دبلوماسية " ولم يفر إلى بريطانيا . وقبل أن يتولى منصب وزير الخارجية عام 2009 شغل كوسا منصب رئيس جهاز الأمن الخارجي منذ عام 1994 . من جانبه اعتبر وزير الهجرة الليبي السابق علي العريشي المنشق عن النظام في مقابلة مع تلفزيون فرانس-24 امس ان استقالة وزير الخارجية الليبي موسى كوسا تعني ان ايام نظام معمر القذافي "معدودة". وصرح العريشي ان قدوم كوسا الى بريطانيا "اشارة على ان ايام النظام معدودة. انها النهاية ... انها ضربة للنظام وستليها (ضربات) اخرى". وتابع العريشي الذي انشق عن النظام بعيد اندلاع الثورة في اواسط شباط-فبراير "لطالما قلت انهم يحتجزون رهائن في طرابلس. من المدهش ان يكون كوسا تمكن من الفرار من البلد". واضاف "لم يعد للقذافي احد. بات وحده مع ابنائه". وكان كوسا من ابرز المسؤولين الذين شاركوا في الجهود التي بذلتها ليبيا لتحسين صورتها امام العالم قبل الازمة الحالية. وعين كوسا (59 عاما) وزيرا للخارجية في اذار-مارس 2009 بعد ان كان على رأس الاستخبارات منذ العام 1994. ولدى سؤال العريشي حول ما يمكن ان تستفسر عنه بريطانيا من كوسا، كان رده "اذا كان هناك اي معلومات فهو الشخص الذي يمكن ان تتوفر لديه". وختم العريشي بالقول "انه (يعلم) ماذا يجري في ليبيا ومن اين يتزودون بالسلاح ... يمكن ان يعود بفائدة كبيرة وهذه فرصة له للتعويض عن الكثير من (الامور) السيئة". من هو موسى كوسا؟ وزير الخارجية الليبي موسى كوسا الذي اعلن استقالته من منصبه الاربعاء لمسؤولين بريطانيين عند وصوله الى لندن كان يعتبر من المقربين الاوفياء للزعيم الليبي معمر القذافي وقد خاض في السنوات الماضية كل المفاوضات التي اتاحت عودة ليبيا الى الساحة الدولية. وقد شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات بين 1994 و2009 وكان يتمتع بنفوذ كبير في اللجان الثورية التي تشكل عصب النظام الليبي ويعتبر رجل ثقة لدى القذافي. وكوسا (59 عاما) كان مكلفا عددا من الملفات الليبية الشائكة لا سيما في افريقيا والملفات مع الغرب. وكان موسى كوسا مفاوضا اساسيا ايضا في قضية الممرضات البلغاريات التي ادت الى الافراج عنهن في تموز-يوليو 2007 وكذلك التخلي عن البرنامج النووي الليبي في العام 2003 الذي مهد الطريق امام رفع الحظر التجاري الذي كان تفرضه الولاياتالمتحدة على ليبيا منذ 1986. عرف كوسا بدوره في التعويض على عائلات ضحايا اعتداءي لوكربي (عام 1988 الذي اوقع 270 قتيلا) وعلى طائرة "دي سي-10 يوتا" (عام 1989 الذي اوقع 170 قتيلا) مزيلا بذلك اخر العراقيل امام تطبيع علاقات طرابلس مع الغرب. وبعدما جسد على مدى عقدين الوجه المظلم للنظام، اصبح يعتبر في السنوات الماضية رمزا للانفتاح. ينتمي كوسا إلى عائلة متوسطة معروفة في طرابلس الغرب وهو حائز على شهادة ماجستير في علم الاجتماع من جامعة ميشيغن الأميركية عام 1978. وبدأ مسيرته المهنية في اجهزة الاستخبارات كمسؤول عن امن السفارات الليبية في شمال اوروبا. وفي 1980 عين كوسا سفيرا لليبيا في لندن قبل ان يطرده البريطانيون في السنة نفسها بعدما عبر عن تصميمه على تصفية "اعداء الثورة" على الاراضي البريطانية. وتولى منصب نائب وزير الخارجية بين عامي 1992 و1994 ثم عين رئيسا لجهاز الاستخبارات، المنصب الذي تولاه حتى سنة 2009 قبل ان يكلف حقيبة الخارجية خلفا لعبد الرحمن شلقم السفير الليبي لدى الاممالمتحدة الذي انشق هو ايضا عن النظام الليبي قبل بضعة اسابيع. وفي لندن اعلنت وزارة الخارجية البريطانية في بيان الاربعاء "يمكننا ان نؤكد ان موسى كوسا وصل الى مطار فارنبورو في الثلاثين من اذار-مارس اتيا من تونس". واضاف البيان "لقد وصل الى هنا بملء ارادته. وقال لنا انه استقال من مهامه". واوضح بيان الخارجية البريطانية ان "موسى كوسا هو احدى الشخصيات المهمة في حكومة القذافي وكان دوره تمثيل النظام في الخارج وهو امر لم يعد يرغب القيام به".