كانت خطوة نادي النصر بتعيين متحدث رسمي للنادي موفقة من حيث الشكل، إذ إن النادي (الأصفر) ظل ولسنوات طويلة يعيش أزمة خطاب إعلامي شديدة، وهي التي كرست لواقع أضر به كثيراً وعلى غير مستوى، سواء من جهة علاقته مع اتحاد الكرة، أو مع الأندية الأخرى، وكذلك مع الإعلام، بل حتى على مستوى العلاقة مع أبناء النادي نفسه، حتى وصل الحال بمسيريه إلى إعلان أن النصر ليس صديقاً لأحد وإنما صديق نفسه. الخطاب النصراوي الإعلامي ظل على الدوام مصدراً للتهويل ومنبعاً للتشكيك وسبباً في التأزيم، ولذلك كان لابد من إعادة صياغة للآلة الإعلامية الصفراء؛ لإنتاج خطاب متزن يكون عاملاً على تصحيح مسار النادي في هذا الجانب الحيوي، والذي بسببه مرّ النادي بمسارات شائكة، ودخل في دهاليز معقدة، وخرج في كثير من المواقف بقضايا خاسرة، ما كانت لتحدث لو أنه أحسن التعاطي معها على الأقل إعلامياً. ولا يخرج قرار تعيين متحدث رسمي للنادي عن حتمية أن أصحاب القرار فيه قد أدركوا حاجتهم الماسة لتصحيح مسارهم الخاطئ في هذا الجانب، وهو ما يجعلني أؤكد على نجاحهم في هذه الخطوة من حيث الشكل، بيد أنني لا أراهم قد وقفوا في ذلك من حيث المضمون؛ لجملة أسباب بعضها مبدئي والآخر تفصيلي. من حيث المبدأ لا أرى الإدارة النصراوية قد وفقت في تسليم ملف النادي الإعلامي المعقد لمن يملك أدوات تفكيك تشابكاته، خصوصاً وأن التعاطي الإعلامي ليس عملية اجتهادية، وإنما هي عملية مهنية تقوم على المعرفة والتمرس، أما من حيث التفصيل فإن البداية للمرحلة النصراوية الجديدة لا تبشر بمستقبل مغاير يذهب باتجاه التصحيح، وإنما تعطي انطباعاً بتكريس الأزمة، بل وزيادة تعقيدها، ولعل التصريحات التي خرجت للرد على تصريحات رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد الأخيرة في قضية رادوي وحسين عبدالغني تشي بذلك. من تابع التصريحات التي أطلقها المتحدث الرسمي باسم النصر لا يجد فيها أي اختلاف عن أدبيات الخطاب الإعلامي النصراوي القديم. إن على مستوى الشكل أو المضمون، فمن حيث الشكل فإن المفردات التي استخدمت كانت غاية في الابتذال، وفي منتهى السوء، أما المضمون فلا يحمل شيئاً جديداً غير استنساخ المضامين السابقة التي تندرج تحت عناوين الإساءة للآخر، والطعن فيه، واستعداء الآخرين عليه، بل هي أقرب إلى تحقيق فكرة "ما يطلبه المسؤول" منها إلى فكرة التأسيس لأساليب إعلامية جديدة في طريق التعاطي الإعلامي الناجح. هذا الواقع النصراوي الجديد - القديم لا يعالج أزمة بل ينتج أزمات، وأعظم من ذلك؛ إذ سيزيد من حالة الفوضى الإعلامية التي ظل النصر مرتهناً إليها، لأن الخطاب الإعلامي ما لم يكن منطلقا من أهداف نبيلة، وموجها نحو غايات سامية، فلن يكون سوى مزرعة لإنتاج الفتن، ومصنعاً لتصدير الأبواق، وهو ما لا يليق بقيمة نادٍ بمكانة وتاريخ وقيمة النصر.