كشفت بداية الموسم الرياضي الجديد عن حجم التباين في الخطابين الإعلاميين لناديي النصر والهلال، ففيما بدا الخطاب الأول متشنجا وعشوائيا بدا الخطاب الآخر أكثر هدوءا وتنظيما، ولعل القضايا التي دخلها الناديان مبكرا قد أزاحت الستار عن شكل التعاطي الإعلامي في الناديين، لاسيما في قضيتي مباراة الاتفاق وما صاحبها من أحداث، وهدف محمد نور وما أعقبه من لغط بالنسبة للنصر، وقضيتا عقد موبايلي وتعقيداته، وإيقاف التايب وتداعياته بالنسبة للهلال. النصراويون في القضيتين بدوا متشنجين، وهو ما أفقدهم القدرة على إقناع أحد بسلامة موقفهم، حيث اتخذوا التصعيد في التصريحات سبيلا لإثبات سلامة موقفهم، وحينما بدا لهم بأن مثل هذا الأسلوب لا يمكن أن يوصلهم لما يريدون لم يجدوا بدا من التراجع ليس عن المواقف التي اتخذوها، وإنما عن الطريقة التي استخدموها إلى حد أنهم اعتذروا عن ذلك، وهو ما أكد على صدقية أن التصعيد الإعلامي والتعبئة الجماهيرية ليسا بالضرورة هما المنهج الصحيح لحلحلة القضايا وكسب رضا الرأي العام. في المقابل فإن التعاطي الإعلامي الهادئ الذي أظهره الهلاليون كان بمثابة رمانة التوازن في كل القضايا الهلالية التي طرأت مؤخرا، رغم أنها أصعب بكثير من القضايا النصراوية، إذ من خلال هذا النوع من التعاطي الاعلامي استطاع الهلاليون أن يديروا أزماتهم بحكمة وروية، وأن يحولوا الرأي العام إلى صالحهم، بمعنى أنه إن لم يكن منسجما معهم، فمن الضرورة بمكان ألا يكون معارضا لهم، وهو ما حدث بالفعل، حيث لاحظنا قدرة الهلاليين على بسط الهدوء في قضية موبايلي رغم ما فيها من تعقيد، وما تمثله من أرضية خصبة للمناوئين للهلال حتى تمت حلحلة القضية دون أن يكون فيها أدنى خسارة إعلامية، وكذلك بالنسبة لقضية التايب التي لا زالت عالقة، بيد أن الأداء الإعلامي الهلالي فيها جاء احترافيا ومواكبا لنوعيتها ودوليتها. والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا التباين في الخطابين الإعلاميين الهلالي والنصراوي كيف نجح الهلاليون في إدارتهم الإعلامية؟ وماهي الأسباب التي أدت بالخطاب النصراوي للفشل؟ والجواب على ذلك يكمن ببساطة في ديناميكية الصوت الإعلامي الأزرق وجمود الصوت الإعلامي الأصفر، وهو ما أظهر اللغة الإعلامية الهلالية عصرية ومواكبة لاحترافية المشهد الرياضي، فيما بقيت اللغة النصراوية الإعلامية خشبية باستحضارها في كل مرة الخطاب النصراوي القديم الذي لم يعد له مكانا في زمن العولمة الرياضية. إذا وببساطة وطالما انتهج الناديان هذين الأسلوبين المتباينين سيبقى الخطاب الهلالي قادرا على الإقناع طالما أنه يخاطب عقول أنصاره بل وحتى المناوئين له بالأدلة المقنعة والحجج البينة مع الأخذ بضرورة ضبط هذا الخطاب والإمساك بزمامه، فيما سيظل الخطاب النصراوي مجرد ردح فوضوي طالما بقي يستنسخ نفسه بالتشكيك والطعن والاتهام ورمي المسؤولية على الآخر وترك حباله على غارب من لا يقدر خطورة الآلة الإعلامية، فهل يعي النصراويون أنهم فعلا يعيشون أزمة إعلامية.. أشك في ذلك!