الرئيس السابق جاك شيراك الذي ستبدأ محاكمته اليوم في قضية وظائف وهمية مفترضة في مدينة باريس، بانه وضع اموال البلدية في خدمة طموحاته السياسية. ويصف الاتهام الرئيس السابق للجمهورية الفرنسية بانه وضع جهازا في تلك الاونة عندما كان رئيس بلدية باريس (1977-1995) بهدف توسيع نطاق نفوذه وخدمة مصالحه السياسية ومصالح حزبه، التجمع من اجل الجمهورية. الا ان شيراك لم يكف من جهته عن نفي وجود "جهاز منظم". فالوظائف ال21 التي يشملها الشق الباريسي من القضية كانت كلها "قانونية" وتعود ب"الفائدة على مدينة باريس" على حد قوله. اما بالنسبة للوظائف السبع التي يشملها ملف التحقيق في نانتير، فرأى القضاء في 2004 ان ست وظائف منها شغلها اشخاص تقاضوا رواتب من بلدية العاصمة لكنهم كانوا يعملون لحساب حزب التجمع من اجل الجمهورية، وهذا ما ادى الى إدانة الان جوبيه. واوضح جاك شيراك امام قاضي التحقيق في 2007 انه لم يكن يتابع في تلك الاونة عمل الاتحاد من اجل الجمهورية بشكل يومي. ولهذه القضية كما يتبين شقان تم جمعهما في قضية واحدة: الاول تم فتحه في نانتير قرب باريس ويتمحور حول سبع وظائف محاباة مفترضة يواجه شيراك فيها بتهم "الاستفادة من منصبه بطريقة غير مشروعة". اما الثاني فقد فتح في باريس ويشمل 21 وظيفة يلاحق الرئيس السابق عليها بتهمة "اختلاس اموال عامة" و"اساءة الامانة". بالنسبة للشق الباريسي يعتبر المحققون انه تم توظيف عدة اشخاص كلفوا بمهمات بهدف التحضير للانتخابات الرئاسية التي جرت في 1995. وهؤلاء الذين تقاضوا رواتب من بلدية باريس عملوا لتجمع "النجاح في العام 2000" الذي انشىء استعدادا للانتخابات التشريعية في 1993 ولترشيح جاك شيراك للمرة الثالثة لرئاسة الجمهورية. وقد وضع اشخاص اخرون مكلفون بمهمات في تصرف المركز الوطني للمستقلين، وهو حزب صديق دعم شيراك في انتخابات 1995. واشير الى آخرين على انهم ينتمون الى "خلية كوريز" لانهم عملوا في كوريز مهد عائلة شيراك حيث تم توظيفهم بحكم انتمائهم الى هذه المنطقة. وألحق احدهم بمكتب النائب جاك شيراك في اوسيل. وبحسب الاتهام فان هذه الوظائف التي هي موضوع الخلاف سمحت لشيراك ب "ترسيخ نفوذه السياسي" من خلال توفير مراكز وصل في الحياة السياسية والاجتماعية والرياضية والنقابية وغيرها. وهكذا اخذ عليه بأنه وضع في تصرف الامين العام السابق لاتحاد القوى العمالية مارك بلونديل - احد المتهمين التسعة الاخرين في القضية - سائقاً ومرافقاً شخصياً يتولى ايضا أمن التظاهرات التي تنظمها هذه النقابة. يضاف الى ذلك وظائف اخرى تتبع منطقا مختلفا اذ تعود بالنفع فقط على شاغليها مثل فرنسوا دوبريه نجل ميشال دوبريه رئيس الوزراء الاسبق في عهد الجنرال شارل ديغول. وهذا الصحافي والكاتب المعروف بانه يشكو من ضعف صحته وموارده غير منتظمة والذي تناول في روايته التي نشرت في 1998 مسار مدمن على المخدرات، قال اثناء التحقيق ان وراء توظيفه كانت هناك رغبة ل"ارضاء والده". الا ان شيراك اوضح من ناحيته للمحققين انه رغب في اعطائه "فرصة ثانية" باستخدام خبرته في الوسط الاسيوي في العاصمة وعزا تصريحاته عن طبيعة عمله الوهمية الى "روحه الاستفزازية". وهناك متهم اخر هو جان ديغول حفيد الجنرال ديغول الذي استفاد في مهامه كنائب بخدمة معاونين تقاضا رواتبهما من بلدية باريس، وهي معاملة تدخل في اطار المحاباة وتمت على اساس انتمائه العائلي.