أعلن الرئيس المصري حسني مبارك مساء امس تفويض صلاحياته إلى نائبه اللواء عمر سليمان وفقاً لما ينص عليه الدستور، مؤكداً بقاءه في السلطة حتى إجراء الانتخابات في أيلول-سبتمبر المقبل واستجابته فوراً لاقتراحات بتعديل ست مواد دستورية تتعلق بشروط الترشح للرئاسة وبما يسمح برفع قانون الطوارئ لاحقاً. وقال مبارك انه سيبقى في مصر حتى "يواريني ترابها وثراها"، داحضاً ما أشيع عن خطط تنحّيه ومغادرته البلاد. وقال مبارك في كلمة وجهها إلى الشعب المصري "رأيت تفويض نائب رئيس الجمهورية اختصاصات رئيس الجمهورية على النحو الذي يحدده الدستور". وربط هذا القرار بوعيه التام "لخطورة المفترق الصعب الحالي واقتناعاً من جانبي بأن مصر تجتاز لحظة فارقة في تاريخها، تفرض علينا جميعاً تغليب المصلحة العليا للوطن وأن نضع مصر أولاً فوق أي اعتبار وكل اعتبار آخر". وأضاف "إني أعلم علم اليقين ان مصر ستتجاوز أزمتها وتقف على أقدامها من جديد بصدق. لن تنكسر إرادة شعبها". وفي حين أعلن اعتزازه بالشباب المصري في ميدان التحرير واستجابته لمطالبه "العادلة والمشروعة"، رفض الرئيس المصري أي تدخل أجنبي في الشؤون المصرية قائلاً ان "الحرج كل الحرج والعيب كل العيب أن أستمع لإملاءات أجنبية من الخارج أياً كانت مبرراتها... اننا سوف نثبت أننا لسنا أتباعاً لأحد ولن نأخذ إملاءات من أحد". «الرئيس» يرفض الاستماع إلى الإملاءات الخارجية ويعلن بقاءه في مصر وأكد مرة أخرى على التزامه بما وعد به في خطابه السابق قائلاً "لقد أعلنت بعبارات لا تحتمل الجدل عدم ترشحي للرئاسة المقبلة مكتفياً بما قدمته للوطن لأكثر من ستين عاماً وأعلنت تمسكاً مماثلاً بالنهوض بمسؤوليتي حتى تسليم السلطة والمسؤولية لمن يختاره الناخبون في سبتمبرالمقبل عبر انتخابات حرة ونزيهة". وقال انه استجاب لاقتراحات اللجنة التي شكلت لدراسة التعديلات الدستورية والتشريعية المطلوبة، وانه تقدم امس"بطلب تعديل ست مواد دستورية هي المواد 76 و77 و88 و93 و189 فضلاً عن إلغاء المادة 179 مع تأكيد الاستعداد للتقدم في وقت لاحق بطلب تعديل المواد التي تنتهي إليها هذه اللجنة الدستورية". وأوضح ان "هذه التعديلات ذات الأولوية تستهدف تيسير شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية واعتماد عدد محدد لمدد الرئاسة تحقيقاً لتداول السلطة وتعزيز ضوابط الإشراف على الانتخابات ضماناً لحريتها ونزاهتها، كما تحدد اختصاص القضاء وحده بالفصل في صحة وعضوية أعضاء البرلمان وتعدل إجراءات وشروط طلب تعديل الدستور". وتابع ان "اقتراح إلغاء المادة 179من الدستور يستهدف تحقيق التوازن المطلوب بين حماية الوطن من مخاطر الإرهاب وضمان احترام الحقوق والحريات المدنية للمواطنين بما يفتح الباب أمام إيقاف العمل بقانون الطوارئ فور استعادة الهدوء والاستقرار وتوافر الظروف المواتية لرفع حالة الطوارئ". وأكد "عشت من أجل هذا الوطن حافظاً لمسؤوليته وأمانته وستظل مصر هي الباقية فوق الأشخاص وفوق الجميع، وستبقى حتى أسلّم أمانتها ورايتها. هي الهدف والغاية والمسؤولية والواجب. بداية العمر ومشواره ومنتهاه وأرض المحيا والممات. ستظل بلداً عزيزاً. لا تفارقني أو أفارقها حتى يواريني ترابها وثراها". ووعد مبارك بمحاسبة ومعاقبة الذين تسببوا بالأحداث الدامية التي أدت إلى سقوط شهداء في صفوف المتظاهرين وقال ان "دماء شهدائكم وجرحاكم لن تضيع هدراً ولن أتهاون عن محاسبة المتسببين وأعاقبهم بأشد ما ينص عليهم القانون. أقول لأهالي الضحايا انني تألمت مثل ما تألمتم. ان استجابتي لصوتكم ورسالتكم هو التزام لا رجعة عنه".