يعتبر المهندسون من المخرجات الأساسية للمؤسسات الأكاديمية، حيث تعمل هذه المؤسسات ممثلة بكليات الهندسة بتزويد الأفراد الراغبين بممارسة هذه المهنة بالمعارف والمهارات الهندسية الأساسية والمهمة عند ممارسة العمل في القطاعات المختلفة، كما تسعى هذه المؤسسات أن تكون الحصيلة من المعارف والمهارات المكتسبة لدى خريجي البرامج الهندسية على أعلى مستوى من الجودة ومتواكبة مع التطورات العلمية والمهنية الحديثة. ولكن يصطدم المهندسون حديثو التخرج بواقع التوظيف الذي يحمل في طياته العديد من المشاكل التي تعيق تطوير هذه الفئة والاستفادة منها بالشكل الأمثل؛ فمن خلال استقصاء آراء الخريجين، وكذلك استقصاء آراء الجهات الموظفة؛ تبين أن هذه المشاكل تعوق دخول حديثي التخرج سوق العمل والتأقلم مع هذا السوق وكذلك سهولة تطوير مستواهم المهني، ولفهم أكثر لتأثير هذه المشاكل فقد تم تلخيصها في النقاط التالية: أولاً: التوظيف غير المناسب لحديثي التخرج (عدم توافق التخصص الهندسي لمهام الوظيفة المراد شغلها): في كثير من الأحيان - إلا ما ندر - لا يتم اختيار التخصص الهندسي المناسب للوظيفة المراد شغلها من قبل الجهة الموظفة، فالعاملون في إدارات الموارد البشرية وإدارات شؤون الموظفين وكذلك الإدارات المستفيدة في هذه الجهات؛ ليس لديهم الإطلاع الكافي على ما تعنيه التخصصات الهندسية المختلفة وما الذي أكتسبه خريجي هذه التخصصات من مهارات أساسية، وبالتالي لا يستطيعون أن يوفقوا ما بين ما اكتسب الخريج من مهارات، ومهام الوظيفية المزمع شغلها؛ وعليه يتم توظيف الخريج على وظيفة لا تتناسب مع ما اكتسب من مهارات، ما يؤدي ذلك إلى شعور الخريج بالملل وعدم الثقة بالنفس وبشعور الجهة الموظفة بعدم كفأه الخريج أو بضعف تأهيله. ثانياً: التدريب غير الملائم لمؤهل المهندس: تسعى كثير من الجهات الموظفة كردة فعل لما ذكر في الفقرة السابقة إلى تأهيل حديث التخرج للوظيفة التي تم تعينه عليها والتي لا تناسب مع ما لديه من مهارات من خلال تكثيف الدورات التدريبية وفي مدة زمنية لا تجاوز السنة؛ ما يؤدي إلى تكبد هذه الجهات مبالغ طائلة هي في غنى عنها وإشغال نفسها بمهمة قد تكفلت المؤسسات الأكاديمية بأدائها، كما أن الناتج النهائي من هذه العملية هو مهندس قادر على تأدية وظيفته ولكنه غير قادر على تطويرها. ثالثاً: عدم وضوح المسار الوظيفي لحديثي التخرج: تعد هذه من أكبر المشاكل وأبرزها، حيث أن الجهات الموظفة في أغلب الأحيان لا يوجد لديها خطة إستراتيجية واضحة للتوظيف، وبالتالي لا تستطيع أن ترسم مسار وظيفي واضح للمهندس حديث التخرج، فهي قامت بتوظيف المهندس حديث التخرج بناء على احتياجاتها المرحلية ما يؤدي هذا إلى عدم شعور المهندس بالأمان الوظيفي والدخول في حالة من مقارنة وضعه الوظيفي بأقرانه العاملين في جهة التوظيف نفسها وفي غيرها. رابعاً: ضعف المردود المادي: يشتكي كثير من المهندسين حديثي التخرج من ضعف الرواتب والمزايا التي تقدم لهم من بعض الجهات الموظفة إذا ما قورنت بغلاء المعيشة، وكذلك تفاوتها من جهة موظفة إلى جهة أخرى؛ ما يؤدي إلى ترك الوظيفة متى ما وجد المهندس الجهة التي توفر له الراتب والمزايا المناسبة. ومن ما سبق فإن الوضع الراهن لعملية توظيف حديثي التخرج من الكليات الهندسية يحتاج لتضافر وتكامل جهود المؤسسات الأكاديمية المعنية بتأهيل هذه الفئة من المهنيين والجهات الموظف لهم وذلك من أجل تحسين هذا الوضع، والتالي يوضح ما يمكن عمله في سبيل تحقيق ذلك: وضع المهندس حديث التخرج في الوظيفة التي تتناسب مهامها مع ما أكتسبه من مهارات أساسية أثناء تأهيله في الجامعة، وهذا يمكن تطبيقه بتضافر جهود المؤسسات الأكاديمية والجهات الموظفة؛ بحيث تقوم المؤسسات الأكاديمية بتزويد الجهات الموظفة بقائمة المهارات الأساسية لكل تخصص هندسي، وتقوم هذه الجهات فيما بعد بربط هذه المهارات بمهام الوظائف لديها، ومن ثم تحديد التخصصات الهندسية المناسبة للوظائف المزمع شغلها. إعداد برامج لتعريف المهندس حديث التخرج بأنظمة الجهات الموظفة وإجراءات القيام بالأعمال فيها والطرق المتبعة لإعداد التقارير الهندسية في هذه الجهات، بحيث تنتهي هذه البرامج بتحديد المسار الوظيفي للمهندس وذلك من أجل إتاحة الفرصة للمهندس للإبداع في عمله، كما تجدر الإشارة هنا إلى أنه يحبذ عدم احتوى هذه البرامج على دورات في تنمية المهارات الشخصية الأساسية، حيث أن هذه المهارات قد حصل عليها المهندس أثناء تأهيله في الجامعة من خلال الدورات التدريبية التي تعقدها عادة عمادة تطوير المهارات في الجامعات. إعداد دورات تدريبية متقدمة ومتخصصة في المجالات الهندسية المختلفة تكون متوافقة مع مسار المهندس الوظيفي وذلك لتطوير مهارات المهندسين حديثي التخرج، بحيث يتعاون في إعداد هذه الدورات المؤسسات الأكاديمية، والجهات الموظفة. تحديث البرامج الأكاديمية بحيث تحتوي على أحدث المهارات الأساسية وذلك من خلال مراجعة هذه البرامج من قبل اللجان الاستشارية في الأقسام الأكاديمية التي تضم ممثلين عن عدد من الجهات الموظفة. * رئيس قسم الهندسة الصناعية جامعة الملك سعود