تكررت خلال السنوات الأخيرة كوارث السيول والأمطار، ذهب ضحيتها مئات المواطنين، وألحقت أضراراً بالغة في الممتلكات والمصالح العامة والخاصة. عدد من المشاركين في "ندوة الثلاثاء" طالبوا بإنشاء هيئة مستقلة تتولى مسؤولية تنفيذ ومتابعة مشروعات تصريف مياه الامطار والسيول، داخل المدن وخارجها، خصوصا مع كثرة طرح مشروعات البنية التحتية في السنوات الأخيرة، وقلة إمكانات أمانات المدن على متابعة المشروعات، وإن كان بعضهم فضل أن تسند مسؤولية تصريف مياه الامطار والسيول لوزارة المياه والكهرباء؛ لأنها هي الوزارة المختصة، ورأى آخرون أننا لسنا بحاجة إلى مشروعات عملاقة في تصريف مياه الامطار والسيول على غرار ما هو موجود في كوالالمبور وبانكوك لأنّ كمية الامطار السنوية عندنا بسيطة. وأرجع المشاركون أسباب عدم التوقع الدقيق لهطول الامطار وتكرار السيول بسبب عدم امتلاكنا سجل أمطار على غرار ما هو موجود في بريطانيا، التي تمتلك سجلاً يرجع الى 500 سنة ماضية يساعدهم على معرفة زمن السيول واحتمالية حدوث الأمطار وكمياتها المتوقعة. وأكد المشاركون أنّ من أهم أسباب زيادة خسائر الأمطار والسيول عدم توافر مساحة مخصصة للسكن؛ ما اضطر بعض المواطنين والمقيمين للسكن في مجاري الاودية، وخلص المشاركون إلى أنّ أهم حلول المشاكل الناجمة عن الأمطار والسيول الدقة في تنفيذ الدراسات والتوصيات الصادرة عن الجهات المتخصة بصورة عاجلة. نحتاج إلى جهة تتولى مسؤولية «التخطيط والتنفيذ» و«سجل للأمطار» وتفعيل دور المجالس البلدية وتوفير المخصصات المالية الكافية تكرر الكوارث بدايةً تحدث "العميد جداوي" عن أسباب تكرر كوارث الأمطار والسيول في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أنّ المملكة تقع في مناخ شبه صحراوي أمطاره قليلة وليست غزيرة، وتعد في معظم الأحيان أمطارا فجائية تغيب أربع أو خمس سنوات ثم تأتي فجأة، ولا يغيب عن الحسبان التغير العالمي للمناخ في السنتين الأخيرتين وتغير دورة الأمطار التي قيل بأن عمرها يقارب (40) عاما وغزارة الأمطار التي هطلت على معظم مدن المملكة في السنتين الأخيرتين خير برهان على ذلك، حيث إنّ المجتمع لم يشهد مثل غزارة أمطار العام المنصرم منذ عشرات السنين وبالتالي ساهمت غزارة الأمطار في كشف المشكلة وجعلتنا في إدارة الدفاع المدني نتحسب لأي كارثة قد تحدث ونعلن حالة الطوارئ عند هطول الأمطار بغزارة، إضافة إلى اعتداء عدد من المواطنين على بطون الأودية سواء كان ذلك الاعتداء من قبل مواطن يبحث عن سكن رخيص أو تاجر يحثه الجشع على الاستيلاء على بطون الأودية ومن ثم يقومون ببيعها. العميد جداوي: نعاني من تأخر تنفيذ «مشروعات التصريف».. ومقياس الخطورة بحجم الخسائر وليس كمية الأمطار التغير المفاجئ للمناخ ويوافقه الرأي "م.الزهراني" بأنّ التغير المفاجئ للمناخ وتغير دورة الأمطار من أكبر الأسباب لتكرر الكارثة، وفي السابق كان كبار السن يتحدثون عن أمطار وسيول، وقد حددوا لها أزمنة بقولهم مطر الأربعين ومطر الخمسين ومطر المائة وهذه الأمطار تتكرر بنفس الزمن الذي تم تحديده، لكننا في الوقت الحاضر تفاجأنا بسيول وأمطار لم نشهد لها مثيلا منذ عشرات السنين ولم توضع في الحسبان لدى مقاولي الطرق أو المستثمرين الذين استولوا على بطون الأودية وحولوها لمخططات سكنية وبالتالي كانت النتائج كوارثا. الناحية الفنية ويقول "م.العقيلي": "إذا تناولنا المسألة من ناحية فنية فإنّ أسباب تكرر الكارثة هي فشل شبكات التصريف في استيعاب مياه الأمطار، وشبكات التصريف تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي شبكات تصريف الصرف الصحي، شبكات تصريف مياه الأمطار، وشبكات تصريف السيول، والفرق شاسع بين هذه الشبكات فشبكة تصريف الصرف الصحي؛ تُعنى بتصريف مياه الصرف الصحي فقط، وشبكات تصريف مياه الأمطار؛ تُعنى بتصريف ما يهطل على المدينة من أمطار، وتحسب كميات الأمطار بطرق فنية وتصمم على أساسها الشبكة، أما شبكات تصريف مياه السيول فتُعنى بتصريف مياه السيول المنقولة التي تأتي من مناطق بعيدة وتهاجم الطرقات والمدن"، مشيراً إلى أنّ هناك فرقا شاسعا بين مياه الأمطار ومياه السيول، وكل منها له خطورته، ولو اجتمعت في وقت واحد مياه أمطار ومياه سيول؛ فسوف تسبب كارثة، وعلى سبيل المثال ما حدث لمدينة جدة مؤخراً حيث تعرضت لأمطار غزيرة جداً وبكميات كبيرة أكبر من استيعاب شبكات تصريف مياه الأمطار، إضافةً لتعرضها لمياه سيول منقولة بكميات كبيرة قادمة من جهة الشرق تفوق استيعاب شبكات تصريف مياه السيول؛ فكانت النتائج كارثة مؤلمة. الرائد الزهراني: «الكارثة أكبر» حين تتخلى بعض الجهات الحكومية عن مسؤولياتها في وقت الحدث تصريف بسيط وأضاف "م.العقيلي" أنّ من الأسباب الفنية أيضاً أنّ شبكات تصريف مياه الأمطار لدينا في كل مدن المملكة يعتبر تصريفا بسيطا؛ لأنّ كميات الأمطار لدينا في الغالب لا تزيد عن (100)ملم وهذه المياه لم تكن تشكل لدينا أي خطورة على المدن في العقود الثلاثة الماضية، وإن كانت تعيق حركة السير في بعض الأحيان إلا أنّها لم تكن تسبب كوارث؛ لأنّ شبكات تصريف المياه كانت قادرة على استيعاب المياه وكانت جميع كوارث المملكة في السابق بسبب السيول المنقولة فقط القادمة من أودية ضخمة، لكن الوضع تغير الآن تماماً، وأصبحت المياه تنهمر بغزارة شديدة وبكميات هائلة من المياه ، الذي يستدعي معه تغيير شبكات تصريف مياه الأمطار، وفي المدن الساحلية هناك حاجة لأن يكون ميول الشوارع باتجاه البحر لكي يسهل مرور المياه إلى البحر. سجلات للأمطار ويقول "الرائد.الزهراني": "إنّ من أهم أسباب كوارث الأمطار في المملكة في السنتين الأخيرتين طبيعة المناخ، فنحن نعيش في مناخ شبه جاف أمطاره غير منتظمة قد تنقطع الأمطار عن بعض المناطق عدة سنوات، ثم تعود بشكل مفاجئ وكذلك التعدي على بطون الأودية سواء كان ذلك من قبل مواطنين أو مستثمرين أو شركات طرق"، مشيراً إلى أنّ هناك أحياء سكنية في جدة أنشئت في بطون أودية؛ لعدم توفر سجلات للأمطار يُعرف من خلالها تحديد أزمنة هذه الأمطار، وبالتالي التحذير المبكر للسكان بأنّ هذه المباني سوف تغمرها المياه؛ لذلك يجب إخلاؤها، وفي معظم بلدان العالم يوجد سجلات للأمطار حتى أنّ بعض السجلات تحدد مواعيد الأمطار وكمياتها لمدة (500)عام، ومن الأفضل أن يكون لدينا سجل للأمطار تسجل فيه جميع الأمطار، ويسجل زمن العودة المتوقع لكل مطر بحيث تسجل فيه الأمطار لمدة(50) سنة، ويتم وضع احتمالات وتوقعات بهطول الأمطار ومدى غزارتها وتحديد زمن عودتها، كما يجدر بنا توافر محطات لرصد الأمطار في كل مدينة من مدن المملكة يمكن لها رصد الأمطار المتوقعة على تلك المدينة وتحديد مكانها شمال أو جنوبالمدينة أو شرقها أو غربها؛ لتتمكن فرق الدفاع المدني من التواجد في الأماكن المحددة قبل هطول الأمطار، وبالتالي تحذير سكان تلك الأماكن وسرعة إنقاذهم. المسؤولية مشتركة وأكد "العميد جداوي" على أنّ الدفاع المدني ليس وحده المسؤول عن مواجهة كوارث الأمطار والسيول، فهو جزء من منظومة تضم عددا من الوزارات والقطاعات الحكومية تحت مسمى مجلس الدفاع المدني الذي يرأسه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، وكل هذه الجهات مسؤولة عن مواجهة الكوارث سواء كانت كارثة سيول وأمطار أوغيرها، إضافةً إلى لجان الدفاع المدني الموجودة في كل منطقة ويرأسها أمراء المناطق وبعضوية كل الدوائر الحكومية الموجودة بالمنطقة بما فيها وزارة التربية والتعليم، وبالتالي ليس الدفاع المدني وحده مسؤولا عن مواجهة الأمطار فنحن قد تواجهنا المسؤولية في جزئية معينة مثل عمليات التحذير والإخلاء والإنقاذ والإسكان لكن هناك جهات أخرى مسئولة عن بقية جزئيات الكارثة. م.العقيلي: مشكلتنا «فشل شبكات التصريف» في استيعاب مياه الأمطار بكميات كبيرة وغير متوقعة خطط لدرء المخاطر ويقول "الرائد.الزهراني": "إنّ هناك خططا لدرء تلك المخاطر سواء كانت بيئية أو اجتماعية، ونحن في المديرية العامة للدفاع المدني لدينا خطط تسمى خطط الدفاع المدني التفصيلية وتشترك فيها كل الجهات المشاركة في عضوية المجلس الأعلى للدفاع المدني، وهناك أيضاً جهات ليست معنية بتنفيذ الخطط ولكنها تتحمل جزءا من المسؤولية، فنحن عند وقوع أي كارثة نطلب من الجهات المشاركة في عضوية مجلس الدفاع المدني أن ترسل إلينا مندوبين مفوضين يتواجدون معنا في مركز العمليات بحيث لو احتجنا شيئاً من أي دائرة حكومية ليس علينا سوى مخاطبة مندوبها المفوض الذي هو موجود لدينا بمركز العمليات، ومتى ماقامت كل جهة من هذه الجهات بالمهام المسندة إليها على أكمل وجه؛ سنتمكن بإذن الله من احتواء الكارثة بسرعة ومعالجتها، وكلما فرطت تلك الجهات في مسؤولياتها كانت الكارثة أكبر". تظافر الجهود ويوافقه الرأي "م.الزهراني" داعياً لتظافر جهود القطاعات الحكومية مع المواطنين أيضاً في مواجهة الكوارث، فالجهات الحكومية إذا قامت بما هو مطلوب منها من مهام، وكذلك المواطن إذا تقيد بالتعليمات ونفذ توصيات الدفاع المدني وقت الكوارث؛ ستكون الخطورة أقل وستقل الأضرار أيضاً، أما لو لم يكن هناك وعي من المواطنين، ولم يكن هناك تظافر جهود من قبل الجهات المعنية بمواجهة الكوارث؛ فسوف تكون الفجوة أكبر والخطورة بالغة والكارثة أعظم؛ لذلك يتوجب على المجالس البلدية في كل محافظة أن تبادر بالتحرك وقت الكوارث وتقديم المساعدة لهذه الجهات الحكومية وتسهيل مهامها. خسائر مادية في الممتلكات نتيجة غياب مشروعات تصريف السيول تجارب مهمة ويقول "العميد جداوي": "استخلصنا دروساً كثيرة وتجارب مهمة من كوارث الأمطار التي وقعت العامين الماضيين في بعض مناطق المملكة خاصةً كارثة سيول جدة؛ لأنّها أخرجت كثيراً من النور الذي نحتاج إليه من حيث الإجراءات والنماذج الموجودة لدينا في مديرية الدفاع المدني منذ زمن، ولم يعرفها الجميع إلا في كارثة جدة كنماذج حصر الأضرار للمباني والمركبات ونماذج الإيواء ونماذج صرف الإعاشة"، مشيراً إلى أنّ الدفاع المدني استخلص دروساً من الكارثة، حيث تم البدء في إعادة تطوير بعض البرامج الموجودة، وكذلك تطوير آلية التنسيق مع الجهات المعنية بتنفيذ تدابير الدفاع المدني؛ وانعكس هذا إيجاباً على المواطن، حيث أصبح لدى المواطن وعي بحجم الكوراث، ووعي بضرورة عدم عرقلة سير آليات الإنقاذ وقت الكوارث، ففي الأمطار التي هطلت بعد كارثة جدة بأسبوعين؛ كانت سيارات المواطنين متنحية على جنبات طريق الحرمين للسماح لآليات الدفاع المدني بالمرور، حيث لم تستغرق آليات الدفاع المدني من كوبري بريمان حتى كيلو(14) سوى (7)دقائق بعد أن كانت في السابق تستغرق نصف ساعة على الأقل، بسبب الزحام الذي كان المواطن هو أكبر أسبابه، كما أصبح للجميع ثقافة التطوع بمساعدة رجال الدفاع المدني وتسهيل مهامهم وقت الكوارث. م.الزهراني: مستثمرون استولوا على بطون الأودية وحولوها إلى مخططات سكنية! تحديد مستوى الخطورة وحول تلافي الأخطار، يقول "الرائد.الزهراني": "إنّ كوارث الأمطار والسيول لا تخلو من أمرين فإما أن تكون سيولا منقولة من أماكن بعيدة عبر أودية معروفة أو تكون أمطارا وفيضانات محلية داخل المحافظة، فإن كانت هناك سيول منقولة قادمة من مناطق بعيدة فهذه يمكن تلافي أضرارها بحيث يقوم الدفاع المدني كما هو معتاد بتحذير كل من يسكن بالقرب من الوادي الذي سيسلكه السيل القادم بعدم الاقتراب من الوادي، وتقوم دوريات ميدانية من الدفاع المدني بمسح الوادي قبل وصول السيل إليه وتحذير الناس بصافرات إنذار وعبر مكبرات الصوت، وبالتالي يبتعد جميع السكان عن بطن الوادي، ولن يكون هناك بمشيئة الله تعالى أي خسائر في الأرواح وتقل أيضا الأضرار المادية وبالتالي نكون استطعنا أن نقلل حجم الكارثة"، مشيراً إلى أنّ الكارثة التي يصعب احتواؤها؛ إذا كانت الأمطار محلية داخل حوض المحافظة، وبكميات غزيرة تسقط على أسقف المنازل، ومن ثمّ إلى الشوارع وتتحول إلى فيضانات لا أحد يستطيع تحديد وجهتها، ومدى ارتفاعها وسرعتها وبالتالي تحصل كارثة. سيارة تغرق في أحد شوارع جدة بسبب ارتفاع مستوى المياه على المعدل الطبيعي السيول المنقولة والمحلية وفي تعليقه على معلومة ذكرها "م.العقيلي" حول كارثة جدة عام2009م عندما أوضح أّن مدينة جدة تعرضت لسيول منقولة من أماكن بعيدة، أكد "الرائد.الزهراني" على أنّ الصحيح أن كل المياه في كارثة جدة؛ ناتجةً عن أمطار محلية من داخل حوض محافظة جدة حيث هطلت أمطار غزيرة جداً وبكميات هائلة على شرق المحافظة ومن ثم ارتفع منسوب المياه ليشكل فيضاناً يسير باتجاه الميول عبر أودية قديمة؛ تحولت إلى أحياء سكنية، ولم يكن هناك أي سيول منقولة من مناطق بعيدة، مشيراً إلى أنّ هناك فرقا بين السيول المنقولة والسيول المحلية؛ لأنّ المنقولة نعني بها السيول القادمة من خارج المحافظة وهذه يمكن اإحتواؤها في وقت مبكر أما السيول المحلية فهي الفيضانات التي تحدث داخل حوض المحافظة لتتحول إلى سيل جارف يصعب احتواؤه مالم يكن هناك مشاريع تصريف مياه عظيمة. تحديد مستوى الخطورة وأضاف "الرائد.الزهراني" بأنّ تحديد مستوى خطورة الأمطار والسيول لايمكن إلا من خلال ربطها بمقدار الخسائر المترتبة على ذلك، ولايمكن الجزم بأنّ الأمطار التي معدلها (50) ملم خطيرة مطلقاً، ولانستطيع الجزم بأنّ الأمطار التي معدلها(100)ملم خطيرة مطلقاً، ففي المملكة مناطق صحراوية لو وصل معدل الأمطار فيها إلى(500)ملم لن تكون هناك أية خطورة، وهناك مدن أخرى لو وصل معدل المياه فيها إلى (50) ملم لكانت كارثة، مشيراً إلى أنّ الأودية الخطيرة في المملكة محددة لدى مديرية الدفاع المدني، ولها دراسات عديدة توضح مساحة أحواضها وطاقة استيعابها للمياه بالمتر المكعب ومقدار السيول المنقولة إليها من أودية أخرى، وعدد المناطق التي ربما تتضرر من سيول تلك الأودية، مؤكداً على أنّ أخطر المناطق بالمملكة من حيث تعرضها للسيول المنقولة هي المناطق الساحلية ابتداءً من الليث إلى جازان، حيث تهطل الأمطار بغزارة على جبال السروات، وتنحدر عبر أودية كبيرة باتجاه البحر عبر ميول شديد يجعل حركة السيل سريعة جداً ومباغتة في نفس الوقت، لأنّ الساحل يكون مناخه مشمسا حارا ولا يخطر ببال أحد أنّ هناك سيولا قادمة بسرعة فائقة باتجاه الساحل. ويعلق "العميد جداوي" بأنّ مقياس خطورة الأمطار عامل نسبي بمقدار ما يترتب عليها من خسائر وليست بكميات الأمطار، إضافةً إلى أنّ خصائص التربة وكثافة السكان لها دور كبير في رفع خطورة مستوى الخطورة، وبالاستطاعة القول إنّ خطورة الأمطار على المدن أكثر من خطورتها على الأرياف. تعثر التنسيق ويؤكد "م.العقيلي" على أنّ المملكة شبه قارة، ومن الصعب الجزم بخطورة الأمطار إذا ربطناها بمنسوب المياه وكمياتها في بعض مناطق المملكة تهطل أمطار غزيرة جداً لو هطلت على مناطق أخرى بنفس الكميات ستحدث كارثة، لكن من أسباب زيادة خطورة الأمطار والسيول بالمملكة تعثر التنسيق بين الدفاع المدني والجهات المعنية بتنفيذ مهام الإنقاذ، ممثلاً بما حدث في كارثة جدة فالدفاع المدني قام بأدوار بطولية، وأنقذ المئات وربما الآلاف من المواطنين من الهلاك، لكن لغة التنسيق كانت مفقودة بين الدفاع المدني والجهات ذات العلاقة، حيث كان الجميع يعمل بطريقة بدائية اجتهادية تطوعية الجميع لديهم الرغبة في احتواء الكارثة لكن غاب عنصر التنسيق من الناحية الفنية. م.برهان: المالية صرفت 600 مليون ريال لأمانة جدة بعد ثمانية أشهر من «الأمر السامي»..! إدارة للكوارث والأزمات وطالب "م.العقيلي" بوحدة لإدارة الكوارث والأزمات على مستوى المملكة، يكون لها فروع في جميع مدن المملكة، ويجب أن لا تمر هذه الكوارث دون أن نأخذ منها دورساً وعبر ونضع الأنظمة والإجراءات ونسجلها بدقة ولا يمنع أن تقوم وحدة إدارة الكوارث والأزمات بالاستعانة بخبرات دولية متخصصة في إدارة الكوارث، فنحن الآن لا قدر الله لو حدث لدينا زلزال بقوة (7) درجات فهل نحن مهيئون ومؤهلون ومجهزون لإدارة الكارثة كزلزال، وإذا كنا مهيئين هل لدينا اتصال مباشر مع شركات وفرق عالمية متخصصة في مجال الزلازل بحيث نستفيد من خبراتهم في إدارة الكارثة. الحلول السريعة ويخالفه الرأي "العميد جداوي" قائلاً: "نحن في الدفاع المدني لدينا المجلس الأعلى للدفاع المدني الذي يعتبر منظمة عالمية باستطاعتها أن تدير أي أزمة، ونحن نعد اجتماعات طارئة عند حدوث أي كارثة ونبحث معها عن الحلول السريعة؛ لاحتواء الكارثة ولو كانت أعمال تطوعية لما فرض المجلس على جميع الجهات ذات العلاقة إرسال مندوبين مفوضين لمقر الحدث ولكان كل يعمل من مقره"، مشيراً إلى أنّ وجودهم مع الدفاع المدني في مركز العمليات دليل على وجود التنسيق، وبالنسبة للاستفادة من الخبرات العالمية فالدفاع المدني عضو بالمنظمة الدولية للحماية المدنية، ويحضر اجتماعاتها الدولية، ويستفيد دائماً من خبرات الدول المتقدمة، وهم أيضاً يستفيدون خاصة في موضوع نجاح الدفاع المدني في إدارة الحشود البشرية في موسم الحج كل عام. فوق الإمكانات وأشار "م.برهان" إلى أنّه يوجد مدن في العالم تسكن بأكملها فوق المياه، ومع ذلك مساكنها آمنة، مما يستدعي إيجاد مساكن آمنة للناس، والدولة لم تقصر في هذا الجانب لكن مشاريع تصريف مياه السيول ومشاريع السدود الجديدة؛ كانت فوق إمكانيات أمانات المدن وخبراتها لذلك حان الوقت لإيجاد هيئة عليا متخصصة في درء أضرار السيول والأمطار، ففي شهر صفر من العام 1431 صدر أمر خادم الحرمين الشريفين للمالية بصرف (600) مليون ريال لأمانة جدة ولم تصرف إلا في شهر شوال أي بعد (8) أشهر من صدور الأمر السامي ونحن نتساءل لماذا هذا التأخير من المالية؟ وفي نفس الوقت نطالب أمانة جدة والمجلس البلدي بالإفصاح عن(600) مليون أين صرفت طالما أن المشكلة لم تحل والكارثة قد تكررت؟ ومن المفروض أن يقوم المجلس البلدي بدوره بمحاسبة أمانة جدة عن سبب هذا التأخر إضافة إلى أن المقاولين والمسؤولين عن تنفيذ هذه المشاريع يفتقدون للحس الوطني فليس من المعقول أن تكون دراسة المشروع ب(100) مليون ريال!. ودعا "م.الزهراني" إلى إدارة تخصصية تدير هذه المشاريع العملاقة وتتابعها؛ لأنّ الدولة تصرف مئات الملايين لهذه المشاريع لكن لا يوجد متابعة دقيقة لها. وجود خبرات ويؤكد "م.العقيلي" على أنّ حجم المشاريع تفوق قدرات وخبرات وإمكانات الأمانات، وهذا لاينقص من جهود الأمانات ولا يقلل من شأنها، لكن المملكة تعيش في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله نهضة عظيمة في تعزيز البنية التحتية لم يسبق لها مثيل في تاريخ المملكة في جميع مدن المملكة، وعلى سبيل المثال لا الحصر أمانة جدة منذ (25)عاما لم تقم بإنشاء كوبري واحد، وفي سنة واحدة اصطدمت الأمانة بمشاريع جبارة لإنشاء العديد من الكباري والأنفاق بعد أن فقدت الخبرة طوال (25)سنة، لذلك لابد من وجود خبرات متمرسة لحل مشكلات مياه الأمطار والسيول. ورأى "العميد جداوي" بأنّ تأخر البدء في المشاريع وطول الفترة الزمنية للمشاريع؛ يُعد مشكلة كبيرة ويشكل عبء على الدولة، وربما يتسبب تأخر بعض المشاريع في حدوث كوارث. الأكثر ضرراً وعن الحديث عن الخسائر البشرية والمادية من أضرار السيول والأمطار قال "العميد جداوي": "إنّ ولاة الأمر حفظهم الله في بلادنا أول أمر يسألون عنه في حدوث الكوارث عن سلامة المواطن هل الموطنين بخير؟ ثم يسألون هل تضررت ممتلكات المواطنين؟ ونحن في الدفاع المدني يهمنا بالدرجة الأولى سلامة المواطن وبالدرجة الثانية سلامة ممتلكاته ومواصلاته واتصالاته". ويعلق "الرائد الزهراني" بالإشارة إلى أنّه لايمكن مقارنة الخسائر المادية بالخسائر البشرية ،ولايمكن مقارنة أرواح المواطنين بالمادة وحكومتنا الرشيدة تدفع مليارات الريالات لحماية المواطنين، وهذا يدل دلالة واضحة أنّ خسارة مواطن أعظم على الدولة من خسارة مليار. ويؤكد "م.العقيلي" على أنّ الخسائر البشرية لا تقاس بثمن والدولة لم تقصر في هذا الجانب. حلول واقعية وعن إيجاد الحلول للتقليل من كوارث مياه الأمطار والسيول يقول "م.العقيلي": "علينا أن نكون واقعيين؛ لأنّ بعض المواطنين يطالب الدولة إنشاء شبكات تصريف بمئات المليارات مثل تلك الشبكات الموجودة في ماليزيا أو أمريكا أو أوربا، وهنا لابد أن نتفهم وضع تلك الدول التي صرفت مئات المليارات على شبكات تصريف مياه الأمطار والسيول؛ لأنّ أمطارها شبه يومية فهل من المعقول أن تقوم الدولة بصرف مئات المليارات على شبكة تصريف مياه الأمطار ونحن لا نرى الأمطار سوى مرة واحدة أو مرتين في السنة"، مشيراً إلى أنّ هناك حلولا أقل من محاكاتنا لتلك الدول ذات الأمطار اليومية وهناك دراسات ممكن أن تحل المشكلة لدينا بأقل التكاليف بحيث يكون في المدن أنفاق من تحت الأرض تستوعب مياه السيول والأمطار وسدود من الجهة التي ربما تأتي منها سيول منقولة وفي الهجر والقرى تزال كل المباني الواقعة في بطون الأودية، مؤكداً على الحاجة لمشروع مطورلتصريف مياه الأمطار، واحترام طبيعة الأودية وتصريف مياه الأمطار بشبكة متوازنة بميول معين. تظافر الجهود ويشير "الرائد.الزهراني" إلى أنّ الحلول العاجلة في الجانب الإجرائي تكمن في تظافر الجهود من قبل جميع القطاعات الحكومية ووضع الدراسات التي يمكن من خلالها تحديد كميات المياه وسرعة التدفق، وإيجاد قنوات سيول عملاقة في كل مدن المملكة مبنية على دراسات هيدروجية تبدأ بالجزئيات الأهم بحسب الخطورة المتوقعة. ويدعو "م.برهان" إلى جمع الأفكار والاقتراحات التي أجريت في العديد من الدول بالعالم والتي تضررت من الأمطار، والبحث عن الحلول لنستفيد من تلك الدراسات والحلول، كما أن معظم الدول المتقدمة يوجد لديها تقنية متقدمة لتصريف مياه الأمطار بقوة المغناطيس وهذه بلا شك أفضل من فكرة السدود. ويرى "م.الزهراني" بأنّ أسرع الحلول لاحتواء كوارث الأمطار والسيول متابعة سير المشاريع وتظافر الجهود والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة وتعاون المواطنين سواء قبل الكارثة بتطبيق تعليمات الدفاع المدني ووقت الكارثة بأن يقدم كل مواطن مالديه. سر كارثة جدة.. 52 «عبّارة» معطلة! أشار "العميد.عبدالله جداوي" إلى أنّ الدفاع المدني بحاجة ماسة للاستفادة من تجارب الدول الأخرى في مواجهة السيول، وأيضاً إلى بناء سدود لحماية المدن من السيول المنقولة، وشبكات عالية الجودة لتصريف مياه الأمطار، وقنوات جديدة (عبّارات)، وتنظيف القنوات القديمة؛ لأنّ بعضها معطلة؛ ففي كارثة جدة؛ وجدنا أن في طريق الحرمين (52) قناة تصريف (عبارة) ومع الأسف كلها معطلة لا يعمل منها سوى اثنتين!! وهذه من أكبر أسباب كارثة سيول جده الشهيرة. ونحن في مديرية الدفاع المدني نقوم بدورنا بالرفع بهذه الاحتياجات للجهات ذات العلاقة ومع الأسف الشديد أن بعض الجهات الحكومية يتضجرون من هذه الاحتياجات التي نحددها ونطالبهم بتوفيرها. متى نحترم الطبيعة الجغرافية للأرض؟ دعا "م.رائد العقيلي" المواطنين والمستثمرين إلى احترام الطبيعة الجغرافية للأرض، واحترام الأودية التي شقت مسارها منذ ملايين السنين، وعدم التعدي عليها وتحويلها إلى أراضٍ سكنية؛ حتى وإن كانت سيولها خامدة من مئات السنين. وقال:"إن رسولنا صلى الله عليه وسلم نهى عن مجرد المبيت في بطون الأودية؛ لذلك يجب احترام تضاريس الأرض والابتعاد عن هذه الأودية، وعدم وضع أي عوائق في مساراتها؛ لأنّ تلك العوائق ستتسبب في يوم من الأيام في حدوث كارثة، كما يتوجب على المقاولين العاملين في مجال إنشاء الطرق الحرص على وضع خطط فنية لهذه الأودية في حال إنشاء الطرق على متن هذه الأودية، بحيث توضع قنوات تصريف كبيرة جداً تستوعب الكميات الهائلة من مياه السيول"، محذراً من الأودية ذات السيول الخامدة، فهناك أودية تستغرق فترة زمنية طويلة وهي خامدة، ولكنها سوف تكتظ بالمياه في يوم ماء، مؤكداً على أنّه آن الأوان لكي نستفيد من خبرات الدول التي عانت منذ مئات السنين من كثرة الأمطار مما اضطرها إلى وضع خطط ودراسات لتلافي الكوارث. «هيئة الإسكان» مطالبة بإنقاذ آلاف المواطنين من بطون الأودية وإيجاد السكن المناسب لهم أوضح "م.جمال برهان" أنّ كوارث الأمطار ليست مشكلة أمطار وحسب، بل هي مشكلة إسكان في المقام الأول؛ فالمواطن الذي لا يجد سكناً ولا يستطيع شراء أرض سكنية داخل المدن؛ سيلجأ إلى شراء أرض رخيصة حتى وإن كانت في مخططات غير معتمدة أو تقع في بطون أودية، وماحدث في كارثة جدة خير برهان على هذا الكلام؛ لأنّ المواطنين الذين لم يتمكنوا من شراء أراضي شمال جدة نظراً لارتفاع الأسعار المبالغ فيه اضطروا لشراء أراضي شرق جدة بأسعار تناسب إمكاناتهم؛ حتى وإن كانت بغير صكوك، وبالتالي تعرضوا هم وأطفالهم للهلاك. وقال: "نحن قد حذرنا قبل (15) عاماً من تداعيات المشكلة شرق جدة، والآن بعد أن حدثت الكارثة؛ كشفتْ عن (8000) وحدة قطعة أرض متضررة بعضها يوجد عليها منازل وبعضها مازالت خاماً والآن الجميع يتساءل ماهو البديل؟، ونحن نطالب هيئة الإسكان إنقاذ آلاف المواطنين من بطون الأودية في مختلف مناطق المملكة، وذلك بإيجاد السكن المناسب لهم"، مشيراً إلى أنّ "غمر" السيول مجمع أم الخير في جدة بالمياه للمرة الثانية؛ يعد تساهلاً من أمانة جدة، حيث فصل بين الكارثتين (13) شهراً ولم تحرك الأمانة ساكناً تجاه سكن أم الخير وهذا التساهل بلا شك ألحق الضرر النفسي بسكان المجمع، وأعلن حالة الطوارئ لدى رجال الدفاع المدني، وليس من المنطق قيام رجال الدفاع المدني كل عام بإنقاذ الأهالي بالطائرات العمودية والقوارب المطاطية، بينما هناك حلول أسهل لدى أمانة جدة. ويعلق "العميد.جداوي" قائلاً: "لقد حذر الدفاع المدني أمانة جدة من مجمع سكن أم الخير، وطالب بإزالته ولكن دون جدوى فقد تكررت الكارثة، وقمنا بنقل أكثر من (200) شخص عبر الطائرات العمودية والقوارب المطاطية". المشاركون في الندوة العميد عبدالله جداوي - مدير إدارة الدفاع المدني بمحافظة جدة م. جمال برهان - عضو جمعية المهندسين السعوديين م. حسن الزهراني - نائب رئيس المجلس البلدي بمحافظة جدة م. رائد العقيلي - مدير تنفيذ مشروعات شركة مقاولات الرائد د. عبدالله الزهراني - رئيس قسم الحماية المدنية بالدفاع المدني بمحافظة جدة