الشاعر لا يتركنا ويمضي بسلام، بل يجرعنا الغصص وهو يبتعد تاركاً بين أيدينا كما هائلا من التذكارات، حروفاً وكلمات، مشاعر وتعاويذ، قادرة ربما على صياغتنا وما حولنا من حياة، إن نحن أجدنا الاستماع إلى ما نفث من تأملات. الشاعر عبدالله ثابت قال عن رحيل محمد الثبيتي: آلمني وفجعني خبر وفاته، فمنذ أصبح طريح الفراش منذ عام تقريبا ونحن نتألم كثيرا على ما أصاب هذا الشاعر العظيم، محمد كان صديقي وكنا نلتقي من حين لآخر، وقضى حياته كلها شاعرا، ولم يكن في حين خارج الشعر، وأحب الجميع وصبر على كل من أتهموه وآذوه، تعلمنا على كلماته الحروف الجميلة، فلا أجد مايقال غير أن الذهاب أكثر قسوة من أن تحيطه الكلمات، وسلامي لأهله وعليهم أن يفتخروا بأن رجل مثله عاش بينهم. وفي نعي الدكتور عبدالرحمن المحسني يقول : (كل نفس تذوق المنية )، فلات لنا الآن حين القصيدة كنا ، وكنا ، ولكن موت الثبيتي أتى ! ويارب ..كنا نؤمل في الشعر أن يستفيق، وكنا نؤمل أن يستدر البقاء ، ذهبت كل آمالنا في الهباء ، هدم الشعر ركنه الأعظم ، وبتنا على أوبة الأشقياء، وجاء النعي ... تداعت بنا ربة الشعر أن نتدارك ماساح من حسرة الشعر حين عز العزاء... أما الدكتور يوسف العارف فقال :محمد الثبيتي الشاعر، المبدع ، الراحل رحمه الله بقدر ماشعرنا بفقده اليوم فقد فقدناه منذ ان استسلم لمرضه الذي غيبه عن الوعي فترة عام أو أكثر ، كنت في زيارة قصيرة له منذ شهر تقريبا وجلسنا بجواره أنا ومجموعة من الزملاء ، وكنا نتلو أمامه قصيدته الأخير: (مضى شراعي بما لا تشتهي ريحي/ وفاتني الفجر إذ طالت تراويحي. أبحرت تهوي إلى الأعماق قافيتي/ ويرتقي في حبال الريح تسبيحي) مطلع قصيدة (بوابة الريح) وكأن روحه تحلق مع إلقائنا. جمع الحداثة والأصالة.. وصنع عالما هائلا من مجاز فدعونا له بالرحمة والمغفرة وأن تسجل إبداعاته لينضم لركب الخالدين . فمحمد الثبيتي لم يعد شاعرا سعوديا فقط بل أتصور أنه شاعر العروبة سجل اسمه في تاريخ الشعر العربي ، بل إن كثيرا من شعراء الشعر العربي والمبدعين العرب لايذكرون من شعراء العروبة الا محمد الثبيتي ، فقد أحسست اليوم بفقد الشعر لا بفقد الشاعر لأن فقدنا لمحمد الثبيتي فقد للشعر ، فما أقول إلا رحم الله سيد البيد فهو لقب لايليق إلا بمحمد الثبيتي رحمه الله. ويحدثنا الدكتور سلطان القحطاني: جمعتنا لقاءات ومؤتمرات، وملتقيات ثقافية، وتربطني به علاقة الصداقة وعلاقة المبدع بالمبدع وخيوط كثيرة، وقد أصبح شاعراً عربياً، فعندما كنا باليمن كان الجمهور يرددون معه بيوت الشعر ويتغنون بها، فهو شاعر منتشر ولم يعط حقه أو بعض حقه في سنوات متأخرة، ولكنه شاعر بذ كل الشعراء وقصائده إذا دخلت بمسابقات هي التي تفوز ويعجز المنافسون عن مجاراته، ومن الجانب الإنساني فهو رجل خلوق ومؤدب وقليل الكلام، وإذا تكلم أجاد وشخصية دمثة . عمر طاهر وأضاف أن الإعلام على شقين؛ هناك إعلام أراد أن يخدمه فأضره وهناك إعلام تسلط عليه ، فالإعلام الذي أراد أن يخدمه هو الإعلام الذي أراد أن يدرسوه والذين ظهروا على أكتافه بقصائده وتصنيفها بالحداثة والذين قرأوا محمد الثبيتي ولم يعرفوا ماهو محمد الثبيتي، وكان أعلام حللوا قصائده بشكل خاطئ، ولكنه من المهتمين بالثقافة وكانت قصائده من النوع المتجدد وقصائده كانت تنشر من قبل الأصدقاء، والإعلام الذي أضر به هو الإعلام الذي كان ضد تيار الحداثة مع أنه ليس هناك حداثة، فهو رجل مجدد ويقول قصائده على السليقة وحتى لايدري ماهي قصيدة الحداثة، وكان يضحك عندما يقرأ نقد قصائده. وشهرته هو الذي صنعها رغما عن الإعلام الذي مدحه أو لم يمدحه.. فهو شاعر عربي لكنه لم ينل حقه الإعلامي كما يجب. من ناحيته قال رئيس نادي جازان الأدبي الاستاذ احمد الحربي: رحم الله سيد البيد محمد الثبيتي وغفر الله له، فهو قامة أدبية من قامات الشعر في بلادنا وفي هذه المناسبة أتقدم لأهله وذويه نيابه عن الأدباء والمثقفين بمنطقة جازان بأحر التعازي لفقده . سلطان القحطاني أما الأستاذ إبراهيم مفتاح فقال: لقد فقد الشعر السعودي بصفة خاصة والعربي بصفة عامة عنصرا نادرا من عناصر الشعر برحيل شاعرنا محمد الثبيتي يرحمه الله هذا الشاعر الذي شكل منعطفا لا عهد للآخرين به في مسار شعرنا المعاصر بل لقد كان مدرسة حداثية ترتدي ثوب المعاصرة وثوب الأصالة في وقت واحد لقد صار على دربه الكثير من أبناء جيلنا الذين أتوا بعده بل وقد نهل الكثير من معينه الذي كما قلت سابقا شكل منعطفا جديدا في مسار القصيدة السعودية، أسأل الله له المغفرة وأن يسكنه فسيح الجنان. أما الأستاذ الأديب والناقد عمر طاهر فقال: لقد أفضى الى ما قدم وهو في ذروة عطائه سطع بدرجة ملحوظة واستقطب النقاد وجاء بطبع وبناء شعري مختلف عن سواه من حيث الرؤية والبناء الشعري وكان في حياته العامة يتسم بخلق وقدرة على اكتساب الآخرين وكان غير حريص على الاعتناء بصحته ونهل من ينبوع الشباب حتى الصبابة ولم يبق للشيخوخة شيئا فانتصرت شيخوخته على شبابه وأفضى الى ما قدم رحمه الله. أما الشاعر الأستاذ علي محمد صيقل فقال: إن الشاعر محمد الثبيتي أحد أهم الشعراء في القصيدة الحديثة في المملكة العربية السعودية قصائد الثبيتي شكلت تجارب شعرية ناضجة في المشهد الشعري الإبداعي أنا شخصياً من أشد المعجبين ومن المتابعين له وقرأت له مؤخراً قصيدة رائعة هي بوابة الريح، شاركت مع الشاعر في أمسية شعرية بفرسان ولا يسعني إلا أن أدعو له بالرحمة والمغفرة وعزائي لأهله وذويه بالصبر والسلوان، أما الشاعر إبراهيم زولي فقال: يوم حزين في المشهد الثقافي السعودي ذلك أن سيد البيد كان الرقم الصعب في السياق الشعري ومد ضلاله على كثير من مجايليه تعرفت على الثبيتي في نهاية الثمانينيات أنا وهاشم الجحدلي وعيد الخميسي ومحمود تراوري وعواض العصيمي وغيرهم حيث كنا نزوره في بيته ويستمع إلى نصوصنا بحب لا ريب فيه الثبيتي كان مدرسة تجمع بين النخبوية والجماهيرية . كيمياء لايحسن معادلتها إلا قلة من الشعراء لعل أبرزهم محمود درويش. وأتمنى من وزارة الثقافة أن تكرم الرجل بما يليق بتجربته وحضوره في ذاكرة جيل بأكمله. أما الفنان والملحن ابراهيم صيادي الذي خاض معه تجربة غنائية فقال كان شاعراً له من اسمه وكنيته نصيب تألق في قصائده حتى إنه يرغمك على اقتفائه في الألقاب بعده، ستفقد الساحة الأدبية موسيقى لايجيدها إلا الثبيتي.. رحم الله أبا يوسف وأسكنه فسيح جناته . غلاف ديوان الثبيتي عبدالرحمن المحسني عبدالله ثابت يوسف العارف