أولت الدولة اهتماماً كبيراً ب"اليتيمات"، حيث سخرت لهن الكثير من الظروف الملائمة التي تساعدهن على الاستمرار في الحياة، والتي يجدن فيها صعوبات كبيرة. وعلى الرغم من تلك العناية، إلا أنه مازال هناك الكثير ينقص هذه الفئة، والتي تستحق أن نقف معها بشكل كبير، ابتداءً من تطوير دور الإيواء وإعادة النظر فيها حتى تقدم الأفضل لهن، وانتهاءً بالحماية المادية المفقودة، التي تقف عند عتبة باب الدار، ثم تنتهي بزواج "اليتيمة"، لتقابل مصيرها في عالم أوسع، لاسيما بأن المتقدم لخطبتهن غالباً ما يكون من ذوي الدخل المحدود، حتى أصبحن يشعرن بالمسؤولية الكبرى والمخاوف الأكبر التي تزداد بتوسع أسرة اليتيمة، حينما تتحول من زوجة إلى أم لأطفال، فتتمنى تقديم الحماية لهم، إلا أنها تصدم بواقع مواجهة الضغوطات المادية والعوز والفقر الذي يحيط بها وبزوجها وأسرتها. حصار شديد « الاجتماعية» تخلت عنهن لمواجهة الفقر مع زوج لا يتجاوز راتبه 3000 ريال حينما تلجأ اليتيمة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، فإنها تخبرها بأن مسؤولياتها المادية بتقديم المساعدة تنتهي بزواجها، فتقع في حصار شديد صوب تدبيرها لأمورها المادية مع زوج ضعيف الحال، دخله لا يفي بمستلزمات الحياة، وهي الفتاة التي لم يكن لها خيار في الاختيار، فزواج إحداهن يعتبر فرصة لها لبدء حياة جديدة، فلا يمكنها أن تنتظر زوجاً بمواصفات وإمكانيات مادية جيدة؛ نظراً لظروفها الخاصة، فمتى سنجد تحركاً كبيراً في مبادرات جادة تجاه اليتيمات، ومجهولات النسب، حتى يكتمل حمايتهن؟. الحياة صعبة عدد من اليتيمات اللواتي خرجن من الدور في مختلف مناطق المملكة واللواتي بدأن حياة زوجية جديدة خارج أسوار الدور، وجدن بأن الحياة صعبة بمسؤولياتها الكبيرة، في ظل التضخم الاقتصادي المتزايد، حيث طالبن بضرورة استمرار المكافأة التي تمنح لهن قبل زواجهن، نظراً للاحتياج الكبير الذي يعشنه بعد الزواج. الوضع سيئ تقول "هيفاء": تزوجت من رجل لا يتجاوز راتبه الشهري ثلاثة آلاف ريال، وقد أنجبت ثلاثة أطفال، إلا أن حياتي معه صعبة، فهو يحاول جاهداً في مسابقة ظروفنا المعيشية، من توفير الإيجار الذي يصل إلى 12 ألف ريال في السنة، حيث يقتطع من راتبه ألف ريال شهرياً، مضيفةً أنه ملزم بتسديد ديونه من هذا الراتب الذي يدخل فيه المأكل والملبس وتسديد الفواتير وغيرها، حتى أصبح الوضع سيئاً، مشيرةً إلى أنها راجعت الشؤون الاجتماعية حتى تطلب منهم استمرار المكافأة التي كانت تصرف لها قبل زواجها، إلا أنه لم يتغير شيء حيث أخبروني بأن المساعدة لا تقدم إلا للفتاة التي تتزوج ب"يتيم" مثلها من الدار، أما من لديه أهل، فإنه لا مساعدة له، لتبقى هي وزوجها وسط الظروف الصعبة التي تحيط بهم من كل جهة. د.محمد الحربي مساعدات شكلية وتعاني "الهنوف" من ذات الوضع بعد زواجها، حيث ترى بأن الدار تهتم كثيراً بتزويج الفتاة، لكنه ينظر إلى تزويجها فقط، وهو المهم بالنسبة لديهم، لكن الدور بمنسوبيها لا يهتمون بمتابعة أحوال الفتاة بعد الزواج، على الرغم من أن اليتيمة تعتبر الدار في مقام أسرتها، حيث إنها ابنة الوزارة، إلا أنها لا تجد الدعم منهم، متحدثة عن المؤسسات الخيرية التي وضعت لتقديم المساعدة لهم، إلا أنها شكلية أكثر من أن تكون فاعلة، حيث تقدم لهم مساعدة مالية تصل إلى 200 ريال في كل مناسبة عيد، وبعض المواد الغذائية البسيطة كل ستة أشهر، متمنيةً توفير سكن للمتزوجين من اليتيمات، حيث يعانين من ارتفاع أسعار الإيجار، حيث يصل إيجار شقتها إلى 13 ألف ريال في السنة، وراتب زوجها 3 آلاف ريال، كما أنه مسؤول عن دفع إيجار والدته الذي يصل إلى 14 ألف في السنة، حيث يتوافق دفع الإيجارين في شهر واحد، إلى جانب أنه يعطي والدته مصروفا شهريا من راتبه، مشيرةً إلى أنها وزوجها يحاولون بقدر الإمكان التغلب على هذه الظروف. تقديم الحماية وتشير "عبير" إلى أن وضع الفتاة التي تتزوج برجل من الدار، أفضل بكثير ممن تتزوج من خارج الدار، حيث يكونان من محيط أسرة الأيتام، ويقدم لهما السكن ويتم متابعتهما، في حين تعاني هي من صعوبات الحياة، حيث يصل راتب زوجها إلى 2000 ريال، ويصل إيجار شقتهم إلى 14 ألف ريال، لافتةً إلى أنها أصبحت ترى أن من تتزوج من داخل الدار، تقدم لها الحماية أكثر ممن تتزوج من خارجه. المسؤولية على الشاب د.الحربي: مسؤوليتنا انتهت بالزواج وعليهن تحمل «متاعب الحياة»! ويرى "د.محمد الحربي" مدير الإدارة العامة لرعاية الأيتام، أن دور وزارة الشؤون الاجتماعية مع اليتيمات في تقديم المكافئة المالية الشهرية المقدمة لها قبل زواجها، تنتهي بزواجها وخروجها من الدار، حيث إنها دخلت في مسؤولية زوجها، بخلاف الشباب من دار الأيتام الذين يتم منحهم سيارة في مرحلة الدراسة الجامعية أو بعدها، وكذلك يؤمن لهم سكن أثناء الزواج، لأنه ليس الفتاة كالشاب الذي سيكون مسؤولاً عن زوجة وبيت وهو الذي يعول تلك الأسرة، بخلاف الفتاة حيث تعد مسؤولية توفير السكن لها من ضمن مسؤوليات زوجها، مضيفاً أن المساعدة التي تصرف للفتاة اليتيمة، تقدم في أساسها للأسرة الحاضنة وليس للفتاة، فحينما تتزوج يتم قطع الإعانة عن الأسرة. إعادة الوعي وأوضح "د.الحربي" أنه تصرف للفتاة مكافئة شهرية تصل إلى 860 ريال، علماً أن توجيهات الوزير أوصت دراسة مبلغ الإعانات التي تقدم للإيتام خلال الفترة المقبلة، مشدداً على ضرورة الاهتمام بتنمية شخصية اليتيمة أكثر من إمدادها بالمساعدات، سواء كانت مادية أو غيرها، فلابد من صقل شخصية اليتيمة للاعتماد على ذاتها في مواجهة صعوبات الحياة، وعدم الاعتماد على الغير في حمل المهام، أو دفعها إلى الاستجداء وطلب المساعدة من الآخرين، وهو التوجه الموجود بداخل الدور، حيث أصبحنا نرفض الهدايا التي تقدم لليتيمات، مشيراً إلى أنه أصبح هناك توجيه بإعادة الوعي بالتعاطي مع اليتيمات، فالمساعدة هنا نريد أن تكون في إدخال الفتاة دورة تستفيد منها، أو تبنيها معرفياً وثقافياً وذلك المهم، وليس في تقديم المساعدات التي تعودهم على طلب العطاء والمساعدة. ضوابط محددة وعن تزويج الفتاة اليتيمة من زوج محدود الدخل وذي إمكانيات محدودة وغير مؤهلة لفتح بيت الزوجية، قال "د.الحربي": إن هناك ضوابط محددة في اختيار الزوج الذي يتقدم للفتاة، فهناك لجنة مشكلة يتعلق عملها فقط بأمور تزويج الفتيات، ويتم توجيه عدة أسئلة دقيقة للفتاة الراغبة في الزواج، قد لا توجه لفتاة أخرى في ظروف طبيعية، حيث لا يزوج من كان راتبه 2000 ريال، إلا أنه في كثير من الأحيان يتم الزواج باختيار الفتاة التي تصر على الزواج من رجل بإمكانيات محددة، وربما علمت بأن هناك بعض الصفات في الرجل الراغب في الزواج منها غير جيدة وتصر على الزواج منه، بل وتبدي رغبتها في ذلك، بالرغم من حرص الوزارة على تزويجها من الرجل القادر على إعالتها وتحمل مسؤوليتها بشكل جيد، كما لابد أن يتصف بالأخلاق الحميدة والصلاح الذي يجعله مؤتمنا عليها.