تولد معظم فتيات دور الأيتام في ظروف غامضة، و يقضين طفولتهن بين تجرع غصة الإحساس بالنقص، ومحاولة تحدي نظرة المجتمع الدونية لهن، ثم يحلمن بحياة جديدة تبدأ بالزواج، لتعويض مشاعر اليتم في تربية أبنائهن، ومنحهم كل ما تمنين الحصول عليه، ويأتي الزوج المنتظر كأب حنون كانت تحلم به كل واحدة منهن، لكنهن يفقن ليجدن أنفسهن جسوراً يعبرها بعض ضعاف النفوس، لتحصيل أغراض مادية، و رغم أن وزارة الشؤون الاجتماعية خصصت لهن هذه المبالغ كنوع من الضمانات المستقبلية، إلا أنها مع تفشي ظاهرة استغلالهن، باتت تشكل عبئاً حقيقياً على حياتهن الجديدة. وتختلف دوافع الشباب في الزواج من فتيات الدور الاجتماعية ما بين دوافع إنسانية لنيل الأجر والمثوبة، و أخرى مجهولة، لكن تكثر الدوافع المادية لاستغلال ظروف هؤلاء الفتيات وتحويلهن لأداة نفع شخصية ما يثير مخاوف فتيات دار الأيتام ويطالبن بالتحري الدقيق حول دوافع المتقدمين للزواج بهن. طمع الشباب وتحكي إحدى بنات الدار قائلة «أكثر مخاوفنا في الدار طمع كثير من الشباب في الدعم المادي التي تقدمه الدولة للفتاة عند عقد زواجها وقد تلاحظ الدار نية الشاب المتقدم وأحياناً تغفل عنها وهذا ما يجعلنا قلقين خصوصاً أن كثيراً من ضعاف النفوس يعتقد أنه ليس لنا سند». وتحكي أخرى «كثير ممن يأتي للزواج من الدار يتصرف و كأنه يطلب خادمة وليس زوجة فقد حصل وتقدم شاب للزواج يطالب بفتاة تخدم والديه المقعدين مستغلين ظروفنا وضعفنا». وتقول فتاة من الدار رفضت ذكر اسمها «تقدم شاب للزواج مني ولم ألاحظ عليه أثناء فترة الملكة شيئاً غريباً، ولكن حارس الداركان يشك في أمره وحين كثف السؤال عنه، اتضح بأنه يتعاطى المخدرات وعلى الفور طالبت بالطلاق منه .» مسؤولية كبيرة يقول مشاري العتيبي «الزواج من بنات دار الأيتام مسوؤلية كبيرة لا أجد نفسي قادراً على تحملها، وشعوري بأنها يتيمة يجعلني أخاف من ذنبها وأخشى أن أضرها يوماً بكلمة أو تصرف أحاسب عليه، لذلك لابد لمن أراد الزواج من بنات دار الأيتام أن يضع دائماً أمام عينيه بأنها حرمت من عاطفة الوالدين وعزلت عن مجتمعها فلابد أن يكون لها مصدر فرج من حياة اليتم». نيل الأجر ويؤيد سلطان العتيبي الزواج من فتيات دورالأيتام من باب نيل الأجر ويرى بأنه لابد من اختلاط الفتيات بالمجتمع الخارجي بعيداً عن الدار وهن أولاً وأخيراً جزء من مجتمعنا، انعزالهم داخل الدور الاجتماعية يشعرهن بأنهن غير مرغوب بهن مع أن كثيراً من الشباب يفكر جدياً بالزواج منهن ولكن لابد من وضع شروط للمتقدم للزواج حتى تشعر البنت بأن هناك سنداً لها إذا لم توفق بحياتها. فيما تقول أم خالد «لي ابن معزول دائماً عن العائلة وليس له اختلاط بالمجتمع الخارجي دائماً يجلس وحده لا احد يعلم بما يفكر مما يجعل كثيراً من الناس يهابونه ويستغربون تصرفاته وعندما أذهب للخطبة له لعل الزواج يغير أطباعه، دائماً يرفضون طلبي لذلك أفكر جدياً بالتقدم لإحدى بنات الدار لأنهن لا يعلمن بأمره. دورات تأهيل ورفض عبد الرازق الزهراني فكرة الزواج من الأيتام وقال «الفكرة صعبة بالنسبة لي وغير مقبولة، فأنا أعلم بالظروف النفسية والاجتماعية التي تعيشها الفتاة داخل الدور الاجتماعية مما يجعلها غير مؤهلة للزواج وتحمل مسؤوليته إلا إذا كان هناك دورات لتأهيل هؤلاء الفتيات للزواج».أما ممدوح سعود فأكد أنه يتقبل فكرة الزواج من فتيات دار الأيتام ولكنه يفضل أن يكون عبر شخص من مسؤولي الدار ليوصله إلى الفتاة التي تناسبه وتناسب شروطه فليس من المعقول أن يتقدم لأي بنت في الدار ولا يعرف عنها شيئاً. استغلال الفتيات ويضيف سلطان الجهني «كثير من الشباب يفضل الزواج من فتاة بعيدة عن مجتمعه ونجده يبحث عن الزواج من غير سعوديات فمن الأفضل لهم ان يتزوجوا من بنات دار الأيتام هن أولى وأمتعض سلوك بعض الشباب في استغلال هؤلاء الفتيات والنظر إلى ما تقدمه لهن الدولة من إعانات. أما أحمد الغامدي يقول «أنا الابن الوحيد لأهلي لا أستطيع ترك والداي والعيش وحدي بعد الزواج خصوصاً بأنهم بحاجة لي لكبر سنهما وهذا مايعيق زواجي جميع الفتيات تشترط السكن بمفردها حتى أخيراً أقترح علي صديق التقدم لفتيات الدور الاجتماعية.» إعانة الزواج وأكد مدير عام الإدارة العامة لرعاية الأيتام الدكتور محمد الحربي أن وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة بالإدارة العامة لرعاية الأيتام تقدم مبلغ ( 60,000) لكل فتاة يتم عقد زواجها تحت مسمى إعانة الزواج وهناك مكافأه تقدم لها متى ما حدثت أزمة تستوجب التدخل وتكون عن طريق الضمان الاجتماعي وكذلك قد تساعد الوزارة الزوج في تأثيث المنزل متى مادعت الحاجة إلى ذلك ويكون ايضاً عن طريق الضمان الاجتماعي,ولكن هناك شروطا للمتقدم تضمن للفتاة عدم الطمع بها ولا تختلف هذه الشروط عن أي زواج من حيث صلاحية المتقدم واستقراره الاقتصادي والاجتماعي ومقدرته على تأمين حياة زوجية كريمة. مبيناً أن هناك لجنة للزواج في كل منطقة تتكون من أخصائيين وأخصائيات للسؤال عن المتقدم لمعرفة مدى صلاحيته للزواج ويستأنس برأيهم في قبول أو رفض المتقدم وأكد على أن هناك زيارات مستمرة لمراقبة حياة الفتاة مع زوجها والاطمئنان على الاستقرار بينهما وتكون مقننة بحيث لايكون تدخل بالحياة الزوجية , وعند حدوث مشكلات بين الفتاة وزوجها لاقدر الله تتدخل الوزارة للإصلاح عن طريق الإخصائية المشرفة وعن طريق لجان إصلاح ذات البين واذا حصل الطلاق لاقدر الله تعود الفتاة إلى الدار مع أطفالها مؤقتاً إلى حين تأمين مسكن خاص بها تحت إشراف الوزارة. معرفة الدوافع ويقول المستشار الإجتماعي ومدير الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة سابقاً إحسان طيب :» إن وزارة الشؤون الاجتماعية دائماً تحرص على عرض عدد زواجات الدار في السنة دون النظر إلى ما انتهت إليه هذه الزيجات، فلابد من تحري المسؤولين عن المتقدم وتكثيف البحث والأهم معرفة الدوافع التي دفعته للتقدم من فتيات الدار، ويؤسفني أن كثيرا من الشباب أعينهم على إعانة الزواج التي تقدمها الوزارة للفتاة أكثر من الفتاة نفسها.» مشكلة واقعية وأوضح المستشار النفسي الدكتور عبدالعزيز الحسن قائلاً: «استغلال ضعف وظروف هؤلاء الفتيات يأتي من شباب يكون ارتباطهم بالحياة بالشكل المادي والنفعي وتنقصهم المسؤولية الاجتماعية والدينية والنفسية تجاه الغير بأنانيتهم حولوا الفتاة من إنسانة لها مشاعر وطموح إلى أداة تستخدم الي نفع شخصي,وهي مشكلة واقعية لابد من إعادة النظر في شروط المختصين والمسؤولين للمتقدم وأطالب أن يخضعوا هؤلاء المتقدمين إلى لجنة مختصة والتأكد من دوافع المتقدم التي من المفترض من أولها أن يكون دافعه إنسانيا بعيدا عن الاستغلال بالإضافة إلى أنه لابد للوزارة أن تقوم بدفع الإعانة على فترات وليس مرة واحدة حتى تضمن استمرار الزواج.» شكل قانوني وقال المحامي خالد حلواني «لاشك أن فكرة الإعانة جيدة لتحفيز الشباب للزواج من بنات دار الأيتام لخلق فرص اجتماعية للفتيات تساعد على انخراطهم في المجتمع , وغالباً هؤلاء الفتيات لا يكون لهن أقرباء في الحياة الاجتماعية ونحن نعلم ما تحتاجه العروس من تكاليف مادية وفي حال غياب مساعدات الأهل تعتبر هذه خطوة مدروسة كونها تقدم كمنحة للفتاة في حياتها الزوجية ولكن من المفترض أن تكون هذه المنحة لها شكل قانوني بحيث يجب على الدار أن تقوم بدور الولي لهذه الفتاة في التأكد من الشاب وسبب تفكيرة للتقدم بالزواج من فتيات الدار لذلك لابد من وجود جهة أمنية دقيقة للتحري والسؤال وأنا لا أرى بأن هذا الدورصعب ولكن يحتاج إلى دقة وكذلك الجهة الإشرافية في الدار لابد أن تحسس الفتاة بالانتماء وينبع ذلك من حرصها على السؤال عن المتقدم والتواصل الدائم مع الفتاة حتى بعد الزواج والإنجاب حتى يشعر الزوج بوجود من يحميها حال كونه فاقدا للإنسانية يستغل الفتاة في حال غياب الرقابة. والحل القانوني مع هذه الإعانة لابد أن تحرص الدار على توقيع الشاب على تعهدات وإقرارت تضمن حق الفتاة المادي والاجتماعي.» هدف نبيل وعلق الشيخ سليمان الرحيلي قائلاً : «لايجوز استغلال هذه الفئة لأن مفهوم الإعانة المقدمة من الدولة هدف نبيل لا ينبغي تفريغه في استغلالات شخصية ومنفعية ,لأن هذه الشريحة من المجتمع تستحق كل تقدير كعنصر فاعل في المجتمع لا ينبغي أن تستغل سواء من الشباب المتقدمين أو غيرهم ,وعلى الشاب المتقدم لهن أن يراعي الله ويعتبرهن كغيرهن من الفتيات وعلى الأسرة أيضاً ان تخاف الله في الاختيار وتتجنب استغلالهن بتزويجهن من أبناء سويين خاليين من أي عيوب ظناً من ضعاف النفوس أن الفتاة بالدار قد تقبل لظروفها الصعبة . ولي شرعي وذكرت وزارة الشؤون الاجتماعية على موقعها في الإنترنت أن الوزارة هي الولي الشرعي البديل للفتيات اليتميات ومن في حكمهن فإن موضوع تربية الفتيات وتزويجهن من أهم الأعمال التي تقوم بها ووضعت الشروط والضوابط للمتقدم بطلب الزواج إذا تتم مقابلة طالب الزواج من قبل مختصين لتحري كفاءته وقدرته على الزواج ويتم ذلك من خلال تعبئة الاستمارات الخاصة بالزواج والتي تشتمل على قسمين، قسم خاص للمتقدم بالزواج وتشمل جميع البيانات الضرورية عنه، بالإضافة إلى إرفاق مستندات صحية واجتماعية عنه، والقسم الآخر من الاستمارة يشمل البيانات الضرورية عن الفتاة وجهة رعايتها ومستندات أخرى عن رغبة الفتاة في دخول الحياة الزوجية وقبول المتقدم لها. رعاية اليتيمات وبينت الوزارة أن هذا التوجه تكملة للجهود المبذولة لرعاية الفتيات اليتيمات ومن في حكمهن والتي تهدف إلى تعليمهن وتربيتهن وتهيئتهن ليصبحن ربات بيوت قادرات على تحقيق حياة أسرية كريمة، وتقدم الدولة هدية مناسبة لكل فتاة عند زواجها، غالباً ما تكون بحاجة إليها في هذه الفترة الانتقالية من حياة الدراسة والرعاية داخل الدور الاجتماعية إلى حياة الزواج وتكوين الأسرة. وقد بدأ البرنامج خدماته بتقديم هذه الإعانة من أول السنة المالية 1395/1396ه، فتدرجت الإعانة المنصرفة لكل فتاة من (5000 ريال) في عام 1395/1396 إلى (10000 ريال) في عام 1398ه، ثم إلى (20000 ريال) في عام 1401 ه، وقد بلغ العدد التراكمي للفتيات المستفيدات خلال الفترة 1402- 1422ه (1070 فتاة )، وبلغ مجموع الإعانات التي صرفت لهن خلال نفس الفترة (12.230.000ريال) .وقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (105) وتاريخ 9/5/1419ه بالموافقة على شمول طلاب دور التربية الاجتماعية من الأيتام ومن في حكمهم من ذوي الظروف الخاصة بإعانة الزواج المقررة لفتيات دور التربية التي سبق أن صدر بشأنها قرار مجلس الوزراء رقم (157) وتاريخ 12/9/1401ه وفي تاريخ 23/9/1427ه صدر قرار مجلس الوزراء رقم (237) بزيادة المخصصات المقدمة للأيتام وشملت إعانة الزواج لتصل إلى مبلغ (60.000) ريال واعتمد الصرف من تاريخ 1/1/1428ه. بناء أسرة ويقوم بالإشراف على متابعة عملية زواج الفتيات اليتيمات الملحقات بالدور والمؤسسات الاجتماعية، أشخاص موثوق بهم للتحقق من توفر أسباب التكافؤ بين زوجي المستقبل وتهيئة السبل لبناء أسرة تكون نواة صالحة في المجتمع. وتستقبل إدارة شؤون كفالة الأيتام طلبات الراغبين بالزواج ، كما يمكن التقديم على أي فرع من فروع الوزارة.