تناغم عدد من العوامل المناخية والاقتصادية منذ نهاية الأسبوع الماضي لتنبئ بدفع أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية إلى 100 دولار للبرميل خلال الأيام القليلة القادمة وسط قلق شديد يساور المسؤولين في الدول الصناعية المستهلكة من إمكانية تأثير ذلك على مسار نمو الاقتصاد العالمي الهش وتفاقم مشكلة ديون الدول الأوروبية التي تتطلع إلى إيجاد حلول تخرجها من ظاهرة الاختناق الاقتصادي الذي أفرزته تبعات الأزمة المالية. فقد تسبب تساقط الثلوج بكثافة على القارة الأوروبية في عرقلة إمدادات النفط ما اضطر كثيرا من الدول الأوروبية إلى اللجوء إلى المخزونات الاحتياطية لتغطية عجز إمدادات مصادر الطاقة التي عانت من خفض كبير في مستوياتها الأمر الذي ساهم في زيادة الطلب ودفع المضاربين إلى التوجه للمتاجرة بعقود النفط في ظل مؤشرات قوية على تنامي أسعار النفط إلى مستوى المائة دولار للبرميل في غضون الأيام القليلة وهي فرصة لتعزيز مراكزهم المالية التي تأثرت خلال تقلبات أسعار السلع الأساسية العالمية. وجاء هبوط مخزونات النفط الأمريكية معززا للمسار الصاعد لأسعار النفط حيث أظهرت بيانات وزارة الطاقة الأمريكية الأسبوع الماضي تراجعا في الإمدادات قدره 5.33 ملايين برميل لتصل إلى 340.7 مليونا ، كما نقصت المخزونات بمقدار 19 مليون برميل أي بنسبة 5.3% وهو الهبوط الأكبر منذ عام 2006م تلك الأنباء أدت إلى ارتفاع خام ناميكس القياسي ليوم أمس الجمعة بنسبة 3.4% ليصل إلى 91.65 دولارا للبرميل في مستهل التعاملات الإلكترونية الصباحية. وتأثرت الأسعار بنمو الطلب في الدول الآسيوية وخاصة الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية ما حفز المستثمرين على التخلي عن المتاجرة بالسندات والتدفق نحو عقود النفط، مع أن هناك تخوفا كبيرا من قبل المخططين من إمكانية إذكاء مستويات التضخم في هذه الدول حيث بلغ مستوى التضخم في الصين على سبيل المثال في نوفمبر الماضي 5.1% ويعتبر الأعلى منذ 28 شهرا. الأوبك التي تزود العالم بنسبة 40% من احتياجاته من مصادر الطاقة تراقب هذا التنامي في أسعار النفط بعين حذرة، غير أنها لا تبدي أي مؤشرات على التحرك مع أن بعض مسؤوليها رفع الحد المقبول لأسعار النفط إلى ما بين 85-90 دولارا للبرميل بدلا من التقديرات السابقة ما بين 70 -80 دولارا للبرميل، وظلت مبقية على سقف إنتاجها المعلن عند 24.845 مليون برميل يوميا، غير أن التقديرات غير الرسمية تتحدث عن وصول إنتاج المنظمة الفعلي إلى ما فوق 30 مليون برميل يوميا، ولا توجد طاقة فائضة بصورة تؤثر في تغيير مسار الأسعار عند ضخها سوى عند المملكة والتي تعتبر من أكثر دول الأوبك التزاما بحصص الإنتاج المقررة وبالتالي فإنه من غير المحتمل أن تتخذ المنظمة أي إجراء في القريب العاجل من شأنه التأثير في أسعار النفط، وربما أن المنظمة تترك ذلك لعوامل السوق. من جهة أخرى انخفضت أسعار المعادن النفيسة بفعل توجه المضاربين للمتاجرة بعقود النفط حيث هوى الذهب بأكثر من 7 دولارات للأوقية ليصل إلى 1380.40 دولارا للأوقية، فيما هبطت الفضة إلى 29.34 دولارا للأوقية.