سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مبادرة خادم الحرمين خطوة مهمة لتحريك الموقف العربي ودعم جهود العراقيين لحل أزمة تشكيل الحكومة أكد أن المبادرة تدل على حرص وحكمة والتزام أخوي من الملك عبدالله .. الهاشمي عبر« الرياض» :
رحب طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي والقيادي في القائمة «العراقية» بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أطلقها من أجل حل أزمة تشكيل الحكومة العراقية ، مشيرا الى أن الدور العربي لحل الأزمة كان حاضراً بدعوة خادم الحرمين للقيادات العراقية للاجتماع بالمملكة بهدف تحريك الجمود السياسي مشدداً على ضرورة استجابة كل القيادات لهذا النداء. وتحدث الهاشمي ل «الرياض» عن العلاقات مع إيران والتحركات السياسية لمواجهة الأطماع الإيرانية والوقوف أمام أي تدخل في شؤون العراق. مشيرا الى أن العراق يعاني حالياً من التطرف والفتنة المذهبية ، والحل يكمن في تعزيز الهوية الوطنية وتحقيق العدالة وإزالة الظلم واحترام كل الخصوصيات الدينية والمذهبية لتحقيق التعايش بين كل الفئات.. وفيما يلي نص الحوار: * نبدأ مع فخامتكم من الملف المستجد على الساحة العراقية وهو تقرير ويكيليكس.. برأيكم سيدي لماذا ظهر التقرير الآن.. وما هي أبعاده السياسية؟ وما مدى انعكاساته على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة؟ - مثل هذه الوثائق كانت ستظهر عاجلاً أم آجلاً، لاسيما في ظل ثورة المعلومات ورغبة الرأي العام العالمي في استكشاف الحقائق. وعلى الرَّغم من خطورتها، فإنها - وعلى قدر ما تم نشره حتى الآن - لم تكن مفاجئة، بل تشير إلى أحداث ووقائع عاشها الشعب العراقي وعرفها، ويجب إدانة حصولها واستنكارها والتحقيق فوراً فيها. مع مراعاة أن الحكمة والمسؤولية الوطنية تقتضيان التريث في إطلاق الموقف النهائي منها لحين استكمال دراستها وتحليلها وتقييمها. وفي كل الأحوال، فإن على مجلس النواب المنتخب أن يتحمل مسؤوليته في استعادة وترسيخ ثقة المواطن العراقي بمؤسسات الدولة عبر إدراج تحسين أوضاع حقوق الإنسان على رأس أولويات البرنامج السياسي للحكومة التي سيصوِّت عليها، واعتبارها معياراً رئيساً يختبر على أساسه نجاح الحكومة الجديدة في تأدية مهمتها. * هل تتوقعون أن تنجح إيران في مساعيها لتأسيس حلف شرق أوسطي جديد؟ - لم يعد عصرنا الحالي قابلاً للحديث عن تكتلات إقليمية أو دولية تحت غطاء أيديولوجي واحد فالدول اليوم تستشعر خصوصياتها الوطنية وتسعى كل منها لبناء مكانتها الجيوستراتيجية عبر بوابة هذه الخصوصية، وهي تفضل الشراكة والتعاون المتكافئ على الذوبان في تحالفات أو محاور. ما يحتاجه الشرق الأوسط منا جميعاً هو السعي لبناء الثقة بيننا، ومع المجتمع الدولي، والتركيز على المصالح المشتركة بغية إحلال السلام وتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع. هذا الكلام يشمل العراق وإيران وكل دول المنطقة. * كيف تواجهون الأطماع الإيرانية في العراق ابتداء من النفط وصولاً إلى التوغل في صناعة القرار العراقي؟ - العلاقات بين العراق وإيران، سواء في جانبها السياسي أو الاقتصادي، هي جزء من ملف أكبر عنوانه: مستقبل التعايش بين البلدين. هناك مشاكل حقيقية وقلق عراقي مشروع وله مبرراته الواقعية لاسيما في الجانب الأمني والتدخل في الشؤون الداخلية العراقية. نحن في العراق ندرك أن لا أحد يستطيع إلغاء حقائق الجغرافيا، ومشتركات الجوار التاريخي مع إيران، واستحقاقات الانتماء إلى حيز إقليمي وجيوسياسي مشترك. إضافة إلى أن المصالح الوطنية، الأمنية والاقتصادية، لكل من الطرفين تلزمهما بالتغلب على جراح التاريخ والسعي لصناعة مستقبل مختلف للشعبين العراقي والإيراني. هذا فهمنا، وننتظر من طهران إيضاح تصورها لهذه الحقائق لنتعاون معاً في بناء شكل جديد للعلاقة بيننا بما يحقق مصالح البلدين والشعبين في إطار احترام استقلالية القرار السياسي وصيانة الأمن الوطني والسيادة على الأرض والموارد الطبيعية لكلتا الدولتين. أولوياتنا بناء دولة مؤسسات .. تكريس العدالة .. احترام حقوق الإنسان .. استعادة الوئام الوطني والأمن الاجتماعي * برأيكم ما هي مقومات النجاح في التصدي لمخطط القوى الخارجية لتقسيم العراق؟ - الموقف الوطني الموحد والصلب، وترصين الجبهة الداخلية، والذي يتم عبر آليات منها: تحقيق التضامن السياسي، وإنهاء الخلافات والنزاعات الجانبية، وبناء الثقة بين الكتل، وتعزيز التماسك الاجتماعي عبر ترسيخ مبدأ القيم والمصالح المشتركة بين العراقيين، وفتح صفحة جديدة على الصعيد الوطني عنوانها العريض هو: «العراق أولاً»، الذي يعني أن الهوية الوطنية مقدمة على الانتماءات الفرعية. هذه هي مقومات التصدي لأي مشروع خارجي أو أجندة أجنبية تستهدف وحدة العراق وسيادته واستقراره وأمنه وتلاحم شعبه. * هل تشعرون بأن الدور العربي في العراق غائب أم مغيَّب؟ وكيف ترون جهود خادم الحرمين الشريفين الرامية إلى وحدة الصف العربي لاسيما الدعوة التي وجهها للقيادات العراقية للاجتماع في الرياض بعد الحج؟ - العلاقات العراقية - العربية في تطور مستمر لكنه بطيء. فالأوضاع في العراق تتغير، ونحقق تقدماً في المجالات المختلفة بصبر العراقيين وتضحياتهم على الرغم من الصعوبات التي نواجهها مثل أزمة تشكيل الحكومة. والانحياز الشعبي الكبير للهوية الوطنية ورفض الطائفية كان أبرز التحولات على الساحة العراقية، لكن الاستراتيجية العربية إزاءنا يعتريها جمود، وتتأخر في تعديل مسارها لتنسجم مع التغير الحاصل في العراق. نعوِّل كثيراً على المملكة في معالجة هذا الوضع وتعزيز حضور العرب في دعم أشقائهم العراقيين. وقد جاءت المبادرة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين بدعوة القادة العراقيين إلى اللقاء في الرياض بعد موسم الحج لتشكل خطوة مهمة وايجابية لتحريك الجمود في الموقف العربي ودعم جهود العراقيين في حل أزمة تشكيل الحكومة. نقدِّر ونشكر نداء خادم الحرمين الشريفين والدعوة النبيلة التي وجهها وهو ما يدل على حرص وحكمة والتزام أخوي وشعور عالٍ بالمسؤولية الإسلامية والعربية تجاه العراق، وأدعو إخوتي قادة الكتل السياسية إلى تثمين هذا النداء، والاستجابة له. كما نأمل أن تدعم دول الجوار والدول العربية والمجتمع الدولي الموقف السعودي المسؤول والحريص على وحدة العراق وسيادته. إن خادم الحرمين الشريفين يبذل جهوداً كبيرة في سبيل تحقيق الوفاق العربي، وهي مساعٍ تحظى بالتقدير النخبوي والشعبي في عموم البلاد العربية. ومبادرة جلالته الأخيرة بخصوص العراق هي خير دليل على ذلك. * كيف تنظرون إلى علاقتكم مع المملكة العربية السعودية اليوم؟ - الانفتاح المتبادل بين العراق والسعودية لم يعد خياراً بل أولوية وضرورة ومسؤولية مشتركة بين الطرفين، فالانفتاح العراقي على المملكة مهم لجهة تحقيق التوازن في إدارة مصالحنا الإقليمية مع دول الجوار لاسيما بعد الانفتاح على تركيا وسورية والأردن والكويت من خلال الاتفاقيات النفطية والحدودية. أما الانفتاح السعودي على العراق فهو مهم لكون الملف العراقي يمثل مفتاح الحل للعديد من مشكلات المنطقة التي يتطلع الجميع إلى دور فاعل للمملكة ولحكمة خادم الحرمين الشريفين في معالجتها. هناك بالتأكيد العديد من الملفات التي لازالت معلقة، وهي تنتظر الحل والمعالجة على يد الحكومة المقبلة بما يعزز العلاقات الأخوية بين العراق والمملكة . * برأيكم هل عملية الإصلاح في العراق مرهونة بتغيير الدستور ؟ - تعديل الدستور في إطار المادة (142) منه هو أساس الإصلاح السياسي والحكومي. لذا، لابد من استكمال وإنجاز التعديلات عليه تحت قبة مجلس النواب الجديد، وإقرارها، وتكريس الصفة الإلزامية للنص الدستوري واعتباره المرجعية العليا في إدارة الدولة . * هل تؤيدون عودة البعثيين للاندماج في مؤسسات الدولة العراقية؟ - نحن نؤيد ما ينص عليه الدستور وهو حق كل فرد عراقي في الحياة والأمن والحرية، والعمل في مؤسسات الدولة، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة. كما أن تكافؤ الفرص حق مكفول لكل العراقيين. هكذا نقرأ الباب الثاني من الدستور. أما الذين ارتكبوا في حق شعبهم جرائم يعاقب عليها القانون فإن القضاء هو الفيصل الذي يحكم فيما ارتكبوا من أفعال وممارسات، وهو المعوّل عليه في تحقيق العدل وإنصاف الضحايا. في تصوري، لا ينبغي محاسبة الناس على معتقداتهم وإنما على أفعالهم متى ما تناقضت مع القوانين النافذة. * هل تتوقعون قيام حكومة وحدة وطنية عراقية في خضم موجة التناقضات وتضارب المصالح الإقليمية والدولية في الملف العراقي؟ - تضارب المصالح الإقليمية والدولية حول العراق ليس شيئاً جديداً. وقيام حكومة وحدة وطنية كان ولازال يعتمد على مدى قدرة العراقيين على بلورة إرادة وطنية خالصة وعازمة على ذلك. وعلى الرغم من التأخير والمعوقات فإن النجاح سيكون حليفنا بإذن الله. لكل فرد عراقي الحق في الحياة والأمن والحرية والعمل .. ولا ينبغي محاسبة الناس على معتقداتهم وإنما على أفعالهم * الكثير من العراقيين يعولون على سيادتكم الكثير في إتمام عملية الاستقرار في العراق.. ما هي برامجكم السياسية المستقبلية لهذه الآمال المعقودة عليكم من قبل الشعب العراقي؟ - أولوياتي هي: بناء دولة مؤسسات، تحفظ وحدة البلاد أرضاً وشعباً، وتعمل على إنهاء التفكك والنزاع السياسي، وتكريس العدالة بين العراقيين، وتأكيد احترام حقوق الإنسان، واستعادة الوئام الوطني والأمن الاجتماعي، ومعالجة كل أشكال الاحتقان. هدفنا هو استعادة وجودنا كشعب يتميز بثراء تنوعه الثقافي وخصوصيته الحضارية. كما ينبغي مواصلة السعي لبناء دولة عراقية مدنية ديمقراطية حديثة تعمل على تحقيق مصالحها الاستراتيجية في إطار مبادئ الاستقلال والسيادة وإقامة علاقات الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع الدول الأخرى. * ما هي خطواتكم لمواجهة التطرف الديني في العراق.. وما هو موقفكم من الفتنة المذهبية والطائفية في العراق والعالم العربي.. وما هي برأيكم الجهات التي تقف وراء هذا التصعيد؟ - تحقيق العدالة وإزالة الظلم، وتعزيز الهوية الوطنية، وتطوير التعليم، ونشر ثقافة الاعتدال، أساسيات في مواجهة التطرف، أما الفتنة المذهبية فهي نتاج الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمكن أن يمر بها أي مجتمع. والحل يكمن في ترسيخ قيم المواطنة وحقوق الإنسان، وتعزيز الحقوق والحريات، في الجوانب المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واحترام الخصوصيات الدينية والمذهبية والقومية، فهذا كفيل بمعالجة التصدع الاجتماعي وفتح آفاق التسامح والتعايش بين الجميع .