هن فنانات ذلك الزمن. يعشن ويقدمن تاريخاً وفناً راقياً ويحفظن تراثاً مازال مع الاعتقاد انه سيزول، إذا لم يحفظ.!! الألوان الحجازية الغنائية ربما تختفي ك(الدانة والمجرور والحدري والمجسات)، في جيلنا الحديث لم يتعرفوا على دانة (دع ما سوى الله واسأل) وكذلك (ماس ورد الخد) والمجرور وغيره في إثراء الفلكلور السعودي وتثبيت التراث من خلال ما قدماه من إيصال لحفظه. تبقى صالحة حسن مدني"المعروفة صالحة البلطجية"المعتزلة منّذ "37"عاماً عن الغناء المتواصل لستين عاماً عطاء، أحيت خلالها الأعراس في الحجاز وثبتت"يا عروس الروض يا ذات الجناح يا حمامة"، فنانات الأمس لم يعرفن حالياً، يكاد يكون لقساوة الزمن فعلاً عليهن، تعلمت من والدها الكثير"الدانات والمجسات والمجرور وغيره من التراث الحجازي والعزف على العوّد. ابتسام لطفي وتوحه وكاكا وحمادة وخميسة والنجيدية وفوزية تنكة وغيرهن كثر، الا أن الحديث عن هذه المسنة صالحة حسن مدني (97 عاما) تعيش الحسرة بين الجدران في منزل صغير بمكة. لو عدنا للماضي نظن إنهن قدمن على مركب يزدان بالورود وشاطئه من المخمل الأحمر، بينما هن عاصرن الثقال والمحاولات والإرغام على ترك الفن حتى وان كان غناء في الاعراس والافراح، سنوات مضت قدمن ما يشفع لذكراهن من المام بالتراث وحفظه، بينما جمعيات الثقافة لا تعرف عنهن شيئاً ولا حتى وزارة الثقافة والإعلام والجمعيات الخيرية. صالحة البلطجية - فقدت كل مقومات العيش الهنيء، تقول:" انها تهب اموالها بشكل مستمر للفقراء والمحتاجين في مكة" لم يبقى لها شيء اولادها ذهبوا "تركي، عبدالله، وراوية" لم يبق منهم الا الابن سعود (70 عاما) المتقاعد منذ 20 عاما الذي يعيش مع أسرته في المدينةالمنورة ويعاني وضعا صحيا مترديا بعد معاناته من فشل كلوي. الفنانة توحة صالحة التي يردّد الناس اغانيها دونما يعلمون من حفظها أو من قدمه، لا يعلمون عن حالها شيئاً، هذه الإنسانة الكبيرة في عطائها وسنها أيضا، يتولى الناس رعايتها وتوفير احتياجها اليومي، كما كانت هي تتولى ذلك سابقاً عندما كان في يدها المال، وأي مال يحسب مقارنة مع الملايين التي تضخ على جيوب الفنانين في الوقت الحالي.!، تضيف صالحة (المسكينة):"نسيبي هو الذي يزورني ويتولى رعايتي ويواسيني، ويوفر الاحتياج اليومي من الغذاء". صالحة التي لا تصل إلى مبتغاها ولا تتنقل الا بالاعتماد على يديها والزحف، منّذ عشرة أعوام مضت وهي مقعدة الحركة، رغم ذلك تهّدد بين حين وآخر على مغادرة منزلها بعد نزاع عائلي على المأوى الذي تقطنه. أين هم ومن صدحت بصوتها لغناء افراح بناتهم وأولادهم في ذلك الوقت، تقول:"كونت علاقات مع مسئولين في الدولة في ذلك الوقت، الا أن وضعي الصحي يتردي لاسيما عدم امتلاكي للمال الذي يحفظ كرامتي". أخيرا(دع ما سوى الله واسأل)هذه الجملة لا يمكن التحريف بها الا ويختل المعنى، فليتها لم تكن فنانة تحيي الافراح فتنسى مع الزمن. صالحة حسن