نستهل الجزء الثاني والأخير من حوار الفنانة الكبيرة (توحة)المفاجأة الجميلة عندما وجدت نفسي التقي مع إنسانة لديها كنز وإرث ثقافي وتراثي كبير مع شاعرة كتبت أكثر من(3000)قصيدة تنتظر من يغنيها بل تعتبر أول ملحنة في تاريخ السعودية، لديها مخزون كبير من التراث الحجازي الذي تتحدث عنه بحسرة خوفا عليه من الاندثار ،السبب عدم الاهتمام به من الفنانين. تقول: إنها قدمت عبادي الجوهر لعالم الفن عندما كان صغيراً، وفي هذا اللقاء حاولنا التعرف على هذه القامة الفنية التي فتحت قلبها وبيتها لاستقبالنا والتحدث ل(مساحة زمنية)..إلى اللقاء في الجزء الثاني والأخير: • التقيتِ في بيروت مع طلال مداح كيف كان تم ذلك اللقاء ؟ - كنا في بيروت وكان عمري 20 سنة وكان طلال في بيروت مع زوجته وأبنائه وأنا كنت أتواجد هناك أسجل أعمالي وكانت إحدى العزيزات على قلبي والتي لن أنسى وقفاتها معي تجمعني مع فنانات لبنان مثل سميرة توفيق وهيام يونس ونزهة يونس وكنا نلتقي أنا وطلال في أعمال فنية مختلفة وقبل ذلك كان أخي لديه معهد فني لتعليم الموسيقى وكان طلال مداح يدرس في المعهد وكانت أغنية (وردك يا زارع الورد) والتي غناها طلال لحن أخي وليست كما يقال ،وأخذت من طلال لحنين وغنيتهما وكنت كذلك أغني أغانيه في الأفراح والمناسبات التي أحييها وأنا أعتز بكل فنان يحفظ تراثنا. • علاقتك مع الفنان محمد عبده يقال إن بينكما خلافاً قديمآً ،هل تحدثيني عنه؟ - بالنسبة لعلاقتي بمحمد عبده ربما أقول إنها جيدة لكن أنا سجلت عنده شريطين والشريط الثالث سجلته على حسابي ، وبعد ذلك توفي عبد الملك قطب صاحب الشركة المنتجة للأشرطة ، وقد أعطيت الشريط لمحمد عبده قبل زفاف ابنته نورة بحوالي أربعة أيام حتى يسمعه وينتجه لأن لديه شركة تسجيل ، وكان الشريط عبارة عن دانات ومجرور وفيه من كلماتي وبعد ذلك لم أعرف أين الشريط رغم أني سجلت عنده بعض الأعمال الكثيرة. • دائما ترددين أن هناك من الفنانين من يسرق أعمالك وينسبها له بدون ذكر اسمك ؟ - (حدث ولاحرج) فمن احد أعمالي قدمه محمد عمر مع رباب دويتو وتنازلت عن العمل لهما بعد أن طلباه مني لكنهما لم يسجلاه باسمي ، ومن الأعمال المشهورة التي غنيتها (أشرلي بالمنديل) وكان ذلك عام(1972م) وهي من كلماتي وألحاني وأعطيتها بعد ذلك للفنان عبدالله رشاد وغناها ثم أخذتها الأخت الفنانة أحلام وغنتها ، ولكنها للأسف نسبت كلماتها وألحانها لها,وأنا أقول إن التعدي على حقوق الآخرين ليس من أخلاق أهل الفن. •بحكم خبرتك ،الدانات والمجرور والألوان الحجازية هل تعتقدين أن أحداً في الوقت الحالي يجيد تلك الموروثات ؟ - في الوقت الحاضر هناك قلة من الفنانين من يؤدي الدانة والمجرور على أصلها المعروف و أذكر محمد أمان شفاه الله ومصطفى أسكندراني ويحيى لبان والفنان عبدالله رشاد يبدع فيها ولكنه مقل فيها والبقية يغنون الدانات وللأستاذ محمد عبده دانات ولكنه لم يؤدها كما هي وتوجد لدي أكثر من مائة دانة كل عشر دانات تأخذ لحناً معيناً، ما عدا (دع ما سوى الله واسأل) هذه لا يمكن التحريف فيها وكذلك (ماس ورد الخد) هذه الدانة ثقيلة مخومسة ومروبعة وكذلك بالنسبة للمجارير غناها محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله ولكنهما لم يتقناها كما أتقنها أهل الطائف وأهل الهدى وأهل وادي محرم. • حدثيني عن رفيقتك بالدرب ابتسام لطفي، كيف كنتما معاً ؟ - ابتسام لطفي أنا قدمتها وكان ذلك في الطائف في متوسط الستينيات حيث أخذتها معي في بيت أحد أقاربنا واسمه حبيب الله وكانت صغيرة و معها والدتها وكان صوتها جميلاً وقدمت أغنية لأسمهان ولأم كلثوم وكنت أدندن بالعود وعلمتها العود لأنها كانت تحبه ،وفي اليوم الثاني كان هناك فرح في قصر الملك فيصل(رحمه الله) في محافظة الطائف لعدد من الأميرات وأخذتها معي وقدمت الأخت أبتسام وغنت في الفرح وأعجبوا بصوتها وبعد ذلك طلبت من جلالة الملك فيصل أن تغني بالتلفزيون وكان حينها أبيض وأسود وأمر لها بذلك ، وبدأت مع التلفزيون,بعد ذلك سافرت للقاهرة وبدأت تغني من ألحان السنباطي وكنت أجتمع أنا وهي وعتاب في بيت السيدة نفيسة عندما تكون هناك مناسبة. • لك مواقف كثيرة خلال هذه المسيرة الطويلة ، هل تحدثيني عنها ؟ - المواقف كثيرة وأنا بحمد الله قبل أن أذهب لأي مناسبة أصلي وأقرأ القرآن وكل شهر كنت أختم القرآن مرة ومرتين وأختي أم نبيل شفاها الله كانت مدرسة قرآن في المدرسة النصيفية ففقهتني وعلمتني القرآن,ومن المواقف التي أذكرها أنه كان عندي مناسبة فرح في المدينةالمنورة وكانت الكوشة مرتفعة جدا ومع كثرة الناس لم تتحمل المنصة وسقطت ولكن(الحمد لله) لم تكن هناك إصابات وفي إحدى المرات كنا مسافرين لإحدى الحفلات في المدينةالمنورة وفي الطريق هطلت أمطار غزيرة وداهمنا السيل حتى أوشكنا على الغرق ولكن الله لطف بنا. • رغم أسبقيتك إلا انك بعيدة عن الإعلام ؟ - أنا مظلومة إعلاميا واجتماعيا ولكن رغم ذلك أجد الاحتفاء من الإعلام الخارجي حيث أجرت معي إحدى الإذاعات الأمريكية لقاء حتى يتعرفوا على غناء الدانة وأعطيتهم معلومات وأمثلة على هذا التراث وهذا اللون الغنائي . • تتحدثين عن الأعراس كيف هي ما بين الأمس واليوم ،وماهو سّر الاختلاف ؟ - أقولها بحرقة أننا فقدنا حلاوة ونكهة الفرح في الأعراس لأننا تخلينا عن موروثنا الجميل كالدانة والمجرور واستبدلناهما بالموسيقى الصاخبة التي تجعل الكثير من المدعوات يضعن القطن والمناديل في آذانهن من الإزعاج أيضا العروس أصبحت طلتها ودخلتها تختلف عن زمان فأصبحت تدخل بمصاحبة الموسيقى الغربية الصاخبة ويقولون إن ذلك مع التقدم والتطور و هذا التطور هو من ينسينا عاداتنا وتقاليدنا وموروثنا الجميل الذي لو أعدناه في أفراحنا لكان للفرح طعم جميل ورائع . • كيف هي علاقتك مع الفنانين ،خصوصاً وانه قيل بأنك أول من علم عبادي الجوهر آلة العود ؟ - علاقتي جيدة وجميلة مع جميع الفنانين ،اما عبادي الجوهر فأعتبره أحد أبنائي ،فكانت والدته(يرحمها الله)إحدى أفراد فرقتي عام(1962م)وكان عبادي وابن أختي في سن واحدة حوالي العاشرة وكانا يحبان تعلم العود لذا قمت بتعليمهما العود معا وبعد أن اشتهر تخلى عني ، ولكنه يبقى مثل ابني والآن أصبح ملك العود وريشته أفضل من صوته بكثير ،أما عبدالرحمن الجوهر أخو عبادي كان فناناً شاطراً لكنه توفي(رحمه الله). • علاقتك بشركات الإنتاج ؟ - العلاقة لم تكن جيدة من طرف الشركات حيث سبق أن اتفقت مع خالد ناقر و قبل فترة طويلة في أن نتعاون لمدة خمس سنوات في كل سنة نسجل شريطين أو ثلاثة كما يرغب وفي أول سنة جهزت شريطين وحصلت في ذلك الوقت ظروف أدت الى هبوط سوق الكاسيت وأخبرني أن الشريطين الأخيرين لم يحققا مبيعات وفجأة وجدته يعطيني 2500 على الشريط الثالث والرابع وذهلت لأن الشريط يحتوي على ثماني أغان وعندما واجهته قال إن الكثير يقومون بنسخ الأشرطة ويقومون ببيعها بأربعة وخمسة ريالات فأخبرته أن لادخل لي بهذا وعليك الالتزام بالعقد لكنه ابتعد ورفض. • هل هناك أمنية تتمنين تحقيقها ؟ - الأمنية التي أتمنى أن تتحقق هي طباعة قصائدي وهي مكتوبة بخط اليد وبدأت أكتبها منذ عام (1964م) وتتجاوز 3000 قصيدة وقد كان هذا الحلم سيتحقق على الأمير فيصل بن فهد(رحمه الله) الذي التقيته ووعدني بطباعته ولكن الأجل كان أسرع ولازلت متفائلة أن تجد هذه القصائد التي أضعها بين أيدي من يريد أن يغنيها من الفنانين ومن يتكفل بطباعتها قبل أن تضيع.