قبل أن ألتقي الفنانة توحة كنت أعتقد أني سألتقي مع مطربة محصورة بين غناء كلمات شعراء وألحان آخرين مع مطربة أفراح وزفات فقط، لكن المفاجأة كانت اجمل والانبهار أطعم، ذلك عندما وجدت نفسي التقي إنسانة لديها كنز وإرث ثقافي وتراثي كبير مع شاعرة كتبت أكثر من (3000) قصيدة تنتظر من يغنيها بل تعتبر أول ملحنة في تاريخ السعودية، لديها مخزون كبير من التراث الحجازي الذي تتحدث عنه بحسرة خوفا عليه من الاندثار،السبب عدم الاهتمام به من الفنانين. تقول عنهم إنهم فضلوا أغاني الطقطقة وابتعدوا عن تراثهم الذي تجرأ الكثير من الفنانين والفنانات على الأخذ منه وينسبونه إليهم، وفي هذا اللقاء حاولنا التعرف على هذه القامة الفنية التي فتحت قلبها وبيتها لاستقبالنا والتحدث ل (مساحة زمنية) .. إلى اللقاء في الجزء الاول ماه: ٭ حدثيني عن توحة من هي ومن تكون؟ - إسمي الحقيقي فتحية حسن يحيى اشتهرت باسم توحة وقد أطلق علي هذا الإسم والدي (رحمه الله) من مواليد الأحساء عام (1353ه) نشأت في أسرة فنية أدبية أحببت التراث وجميع الألوان الحجازية الغنائية مثل الدانة والمجرور والحدري والمجسات رصيدي من الفن حب الناس أولا وأكثر من مائة أغنية غير أغاني التراث القديم اليت قدمتها . ٭ انت من مواليد الاحساء كيف كان الإستقرار في جدة؟ - تربيت مع أسرة آل الجلوي بالأحساء حينما كان والدي رحمه الله يعمل مفتشا للجمارك هناك و جئت إلى مكةالمكرمة وعمري 6 سنوات بعد ان انتقل والدي لوزارة المالية وانتقلنا إلى مكة معه وكنت أسافر بين جدةومكة لوجود اهل والدتي في جدة حيث إننا كنا نذهب في الشهر مرة إلى جدة أو خلال الأعياد ثم توفي والدي في الطائف وعمري حوالي 12 سنة وأنا أصغر أخوتي وانتقلنا الى جدة وكان والدي (رحمه الله) فنان يكتب أشعاراً وكان يغني في البيت ولأصدقائه. ٭ إذن هناك دور للعائلة في بداية ونشأة توحة الفنية؟ - لا أنسى مدرستي أخي الدكتور محمد أمين حسن يحيى (رحمه الله) الذي وقف معي وكان ملحناً و شاعراً وفناناً وأديباً وتولاني ورباني وعلمني ولقنني مبادئ فن الغناء وهو بالمناسبة أول من أنشأ معهدا موسيقيا خاصا وقد أفادني ذلك في التعاون مع الفنانين المعروفين في ذلك الوقت كذلك والدتي (رحمها الله) فنانة وكنت أردد ما أسمعه منها وأخذت التراث الحجازي من الوالدة التي كانت تحب الدانات والالوان الأخرى والتراث أما والدي (رحمه الله) فقد كانت لديه مكتبة عامرة بالتسجيلات الغنائية على أسطوانات وكنت أستمع إلى هذه التسجيلات والأسطوانات التي كان لها دور في تشكيل ثقافتي السمعية وكان من إيجابيات ذلك التعرف على الغناء العربي . ٭ كيف سافرت الى مصر وماهي الفائدة من ذلك؟ - سافرت إلى مصر وعمري 14 سنة حيث بقيت في مصر أربعة شهور فقط وعدت إلى جدة، وفي مصر عندما حاولت أن أعزف وأغني لام كلثوم لا استطيع لأني كنت مغرمة بالتراث الحجازي. وكان أخي معي وفي مصر أحضر أخي معلم ليعلمني الموسيقى فرفضت التعليم بالنوتة وفضلت التعليم السماعي. ٭ الى اين وصلت من مراحل التعليم؟ - تعلمت الكتابة من والدي (رحمه الله) والقراءة من أمي (رحمها الله) حيث إن صوتها كان جميلاً فحفظتني القرآن الكريم وأقول إنها كانت عندي مدرسة في البيت. حيث إنه في ذلك الوقت كان أهم شيء أن يتعلم الطفل قراءة القرآن الكريم والكتابة في الكتاتيب لأنه لم تكن آنذاك مدارس وبعدها جاءت مدرسة الفلاح وكان الطالب يدرس فيها تسع سنوات ويتخرج من المدرسة . ٭ كيف تعلمت على آلة العود؟ - تعلمت العود وعمري لم يتجاوز ال 8 سنوات حيث كان أخي الدكتور محمد أمين رحمه الله مفتشاً مالياً وعندما يسافر يترك العود في البيت وأقوم أدندن عليه وعندما يعود يجد أن الأوتار مختلفة فيغضب. وعندما شاهدني والدي أحضر لي عوداً يمانياً صغيراً. فلم أكن أفارقه وكنت أجمع الجيران واغني لهم،واعتبرها ذكريات جميلة.،وفي ذلك الوقت لم يكن هناك فنانون معروفون ولكن هناك نساء يغنين في الأفراح والزفات منهم (كاكا وحمادة وخميسة والنجيدية وغيرهن) . وقد عشت في حي النزلة في مدينة جدة،والسابق يختلف عن الحالي حيث إن الفنانين حاليا جيدون ولكن أتمنى أن يركزوا على فننا وتراثنا الأصيل لأننا لا نريد الأغاني السطحية فمثلاً عندما تسمع أغنية (يا يمة قرصتني عقربة) أو (يا تاكسي) أو غيرها،اقول للأسف من هذه الأشياء الغثة، وللاسف البعض عندما يبدأ بالغناء لا يعرف الدان او المجرور وخصوصاً مطربي الحجاز فالألحان القديمة والألحان التي كنا نغنيها في الطائف كالمجارير والحدريات وكنا نذهب مع الوالد عندما كان مع المالية أيام الصيف إلى الطائف وكان عمري حينها12سنة وبعد أن توفي والدي استقررنا في مدينة جدة وبدأت أحترف الفن وعمري حوالي 14 سنة وكنت أول وأصغر فنانة في ذلك الوقت بالمملكة وقد وقف معي أهلي ووقفت معي السيدة فوزية نشار حرم المرحوم محمد علي مغربي وكنا نعمل حفلات في الجمعية الخيرية ويكون ريعها للجمعية وكانت التذكرة بخمسين ريالاً وكان نسائية فقط،ولم يكن في ذلك الوقت من الآلات الموسيقية إلا العود والطبل. ٭ كيف كانت بدايتك مع الفنانين؟ - كانت علاقتي الفنية مع الفنان فوزي محسون (رحمه الله) حيث كانت هناك علاقات جوار وأسرية وكان يحب التراث الحجازي وكان مجتمعنا الفني يتمثل فيّ أنا وفوزي محسون وصالح جلال والشاعرة الأستاذة ثريا قابل ولحن لي فوزي محسون أكثر من أربعة ألحان من كلمات ثريا قابل وكذلك غنيت لصالح جلال أيضاً كنت أغني من كلمات أخي وكنت أسافر لإقامة الحفلات في الرياضوالطائف والمدينة ومكةالمكرمة،ويوجد لدي أكثر من (3000) قصيدة شعرية وربما اكون أول ملحنة في تاريخ السعودية إذ لم تظهر واحدة لتعزف ألحانها غيري. ٭ كيف لقاؤك مع سيدة الغناء أم كلثوم؟ - كنت من أشد المعجبات بأم كلثوم وبأغانيها وقد زرتها في منزلها قبل أن تتوفى بخمس سنوات عند رغبة شقيقتي التي تعشق صوتها وأغانيها كما التقيت بها في منزل سمو الأمير عبدالله الفيصل (رحمه الله) في جدة.