بين انتظار وانتظار تتلون الحياة بيوميات أبطالها.. يرث كل منهم -حسب ثقافته وقدرته على الفهم- تفاصيل تلك الطرق الشائكة لها. ويحاول معرفة كل المساحات التي تسمح له بالعيش داخلها. ميزة الحياة أنها دائماً شغوفة وآسرة! وأنها تمنح من يحاول الاقتراب منها أكثر فرصة بأن يحيا! وأن يكتشفها كما يشاء شريطة أن يترك لحظاتها تهطل عليه دون أن يحاول الهروب والبحث عن غطاء يعيد من خلاله التفكير فيما هطل عليه! الحياة مليئة بالدفء يعتقد البعض من السعداء والحياة أغرقته في همومها وكوارثها يشعر بذلك من اكتوى بأوجاعها! والحياة مريرة وهشة ولا يمكن الاطمئنان لأيامها! يتدجج بهذا الإحساس من اعتاد على التدثر بالخوف منها ومن فوضى مفاجآتها! والحياة بليدة وفارغة، وغارقة في أضواء داخلية تدفع إلى الهوس بالهروب منها! يشعر بذلك من لم يحاول أن يفتح مساحات للعيش بمذاق ومتعة مختلفة! أيام بمدى لا متناه لا يمكنك أن تشاطرها حتى الانتباه ولا يمكنك أن تتلمس ولو قليلاً من ضوء النشوة داخلها! ولا يمكنك أن تعثر ولو على لحظات نادرة تضبط من خلالها خطواتك المرتبكة! تريدها حياة مسالمة وهادئة! تخاف عواصفها! تريد أشجارها دائماً ربيعية التفتح، فالخريف يزعجك، ويشعرك بالاقتراب من مجالسة الخوف، والتحول إلى إحساس لا تعرف منه سوى أنه قد يقودك إلى عالم لا بوصلة له! تريدها حياة لا تخلو من اشتعال قناديل الإحساس. تسجل دائماً داخلك. حياة أختص بها وحدي رغم مجالسة الآخر، وافتنانه بالسير في داخل طرقاتها الملتوية! تريدها بعيدة عن تلك القاعدة المنسابة بتفكير البسطاء والحالمين، والتي تستند إلى أن مفتاحها هو الحلم، والأمل، وكسر مفاتيح الواقع، واختيار صمت الهروب لضبط كل الخطوات المرتبكة! تريدها حياة تعيد الاعتبار لنفسها بنفسها، حتى وإن فقدتها أحياناً، وتجلى فقدك لها بتلك الزيارات التي جرّعتك الحزن، والخوف من الاستكانة إلى عالم تركن فيه بأن تكون خارج كل الأحاسيس المرويّة، وحتى الافتراضية. إحساسك الدائم بقيمة الحياة، يدفعك لأْن تكسر كل تلك العوالم التي اعتدت أن تعيشها داخل الحكايات، والوجوه الماضية التي ارتبط وجودها بمحاولة تمازج مع ما لا تريده اعتقاداً منك بأنه الحكاية الحاضرة! المسافة الصغيرة التي ظلت أمامك لم تلمحها منذ زمن عليك أن تلتفت إليها، وتبعثر تلك الكتب التاريخية البائسة، وتعيد تنظيم كل الفوضى التي حولك، حتى وإن امتد الزمن لحظة بلحظة متماهياً مع تلك المقاطع التي طالما رُويت ولم تتوقف أمامها! هي الحياة تلفنا كل لحظة بمسراها، وتُبادِلنا الحديث، وسنظل نفتح كل تلك الأوراق لنطبع عليها تاريخاً ربما علينا أن ندقق بأن لا يكون عبئاً مستقبلياً على ذلك الأفق المفتوح!!!!