تتملكك رغبة قوية في الحياة.. تحيط بك مساحة واسعة من الانطلاق داخلها! تستشعر إحساساً آسراً لمعايشتها كما تشاء.. والانضواء تحت أعراس هطولها! يُفترض بك منذ زمن أنك حي.. أو أنك تحيا كغيرك من عباد الله! تحيا لأنك تتنفس، وتأكل وتشرب، وتخرج.. وتمارس ما يقوم به الإنسان الحي! يُفترض بك أنك ضمن أفراد هذه الحياة طالما أنت تتحرك.. وتتوقف أمام كل الإشارات دون تعجب.. أو رفض.. أو تمرد! تستمع كثيراً.. ولا تتوقف أمام من تبهجه الحياة بطريقته! وأمام من يتحسر على أيامها التي مضت دون أي قدرة على أخذ ما يريده منها! وإلى من عاش تفتّحها وإزهارها! وإلى من يحتفل كل يوم بانسجامه مع أحلامها وأبوابها المفتوحة! وإلى من يشعر دائماً أنه صديق الحياة.. ورفيقها.. وأن تفاصيلها اليومية هي من تشعل لحظات الفرح داخله بحلوها ومرّها! الرغبة في الحياة الحقيقية رغم أنك داخلها.. تعني أنك لم تتعايش مع هذه الحياة.. ولم تفك شفرتها! تعني أنك في كثير من الأحيان تقترب من ذاكرتك لتتأكد أنك من صنف هؤلاء الذين اعتادوا الحياة كما أرادوا، أو كما قرروا أن يكونوا داخلها.. بصرف النظر إن كنت أنت راضياً عما يقومون به، أو عاجزاً عن مسايرته.. إلا أنه في المحصلة لا يعنيك.. وكل ما بداخلك هو هل بإمكانك التعايش مع الحياة كما استطاعوا هم داخلها؟ هل بامكانك أن تغيّب الأجوبة كما يفعلون هم رغم كمّ الأسئلة المطروحة دون إجابات؟ هل بإمكانك أحياناً أن تقاد دون بوصلة إلى عوالم لا تعرفها؟ هل الحياة دون اعتبار من الممكن أن نذوب في تفاصيلها؟ تعرف جيداً أنك تعيش.. وأن كثيرا من أسئلة الحياة تندفع داخلك! تعرف جيداً أنك حاضر.. ولكن تعرف أيضاً أنك مفتون بالحياة بطريقتك.. حالماً بها كما تريد بوجوهها المختلفة المسالمة والعاصفة! لست متردداً.. ولكن تخطو دائماً وتتوقف خطواتك.. أو تتراجع لأنها مرتبكة! لحظات نادرة تلك التي يمكننا فيها الكشف عن مفاتيح الحياة التي نحكم بها.. ونجعل منها تفاصيل ذلك الحلم عندما يقف على أرض الواقع! لا نحتاج الكثير لنحيا كما نريد فقط العثور على لحظة فورية وسريعة نقتنص منها ما نريد ليس للحظته.. ولكن على امتداد قادم الأيام. روعة الحياة ليس في انسياب أيامها التقليدية.. وليس في فراغ بعضها.. ودهشة البعض الآخر.. وليس في احتجاز بعض أفراحها إلى الأبد.. أو صرف أيام غضبها وحزنها أكثر من مرة دون طلب.. وليس في تقبل طعم بعضها.. واختلاف مذاق البعض الآخر.. ليس في كل ذلك فقط.. ولكن في القبول بكينونة أن كل ما مضى لا يتجزأ في الغالب.. وأن هذا التمازج العفوي هو الذي يخلق الرضا بالتعايش مع تلك الأيام.. وعدم الخوف من الإقامة داخلها! الرضا بها يعني التعامل معها بتجرد.. وبساطة.. وعدم التوقف أمام تلك اللحظات المفرطة في الوجع.. أو التواطؤ معها للبقاء داخلها أطول وقت ممكن! أنت ترغب في الحياة وتعلم جيداً أن الزمن ليس مطلقاً كما تحلم أن تصيغه، وأن الأيام ستظل مرتبطة فيما ستقدمه لك بقدرتك على التعايش معها وخلق ما تريده من اغلفة الحزن.. والصمت، والانغلاق!