أتذكر أيام كانت الكورة على باب الله. كان يطلق على لاعب النصر والمنتخب الراحل سعد الجوهر لقب الجمجمة الذهبية. لم أكن أفهم ما المقصود بالجمجمة الذهبية. كنا صغارا في السن. لم نكن نفهم بالضبط ما تعنيه مثل هذه الألقاب. أي منا اليوم يستطيع أن يكتشف دلالتها إذا عرف أن سعد الجوهر كان من أفضل اللاعبين السعوديين الذين يستخدمون رؤوسهم في التسديد. عند النظر إلى هذا اللقب تاريخيا سنقرأ فيه علاقة الصحافة بالرياضة. تصور أن هذا اللقب أطلقته الصحافة السعودية في التسعينيات الهجرية. لا أستطيع التنبؤ متى نشأ التفاعل بين الصحافة والرياضة. الشيء الذي أستطيع أن أدعيه أن الرياضة هي التي أنقذت الصحافة من سيطرة المقالة الأدبية. مؤسسو الصفحات الرياضية في الواقع هم مؤسسو الصحافة الاحترافية في المملكة. كثير من المحررين البارزين ورؤساء التحرير تدربوا على فن الصحافة الحقيقي على الصفحات الرياضية. وبقدر ما الرياضة مدينة للصحافة في تأصيل قيمتها اجتماعيا بقدر ما كان للرياضة دور كبير في تطوير الفن الصحفي في المملكة. أثار في داخلي هذا الرجوع التاريخي مقال كتبه الاستاذ تركي عبدالله السديري يوم الأحد الماضي. يقترح الأستاذ تركي البحث عن صيغة أو وسيلة لمساعدة اللاعبين القدماء. الضعفاء منهم على الأقل. بعضهم تعثرت بهم الحياة. وقعوا في مأزق التأسيس. دخلوا المنطقة الأخيرة من الحياة. أصبحت أقدارهم تلوح لهم بالكرت الأحمر. في حاجة إلى التفاتة أخيرة. وفاء لتضحياتهم ودورهم العظيم في بناء ما نتمتع به اليوم. في ظني أن الصحافة أكثر القطاعات المدنية مدينة لهؤلاء. قرأت التعليقات على مقال الأستاذ تركي. يطالب بعضهم الأستاذ تركي أن يبدأ مشروعا كهذا.أن تتبنى جريدة الرياض وهي أكبر الصحف السعودية وأكثرها قدرة للتصدي لمثل هذا المشروع. القضية ليست مالية فقط. مليونان أو ثلاثة تحل المشكلة. المسألة في الإطار الذي يمكن أن يتحرك فيه هذا المشروع. أظن أنه مشروع يتعلق بالوفاء. الصحافة كلها مدينة لهؤلاء. يمكن أن تتعاون الأندية الرياضية مع الصحافة لتحقيق هذا الانجاز التاريخي. في كل دول العالم هناك متاحف تخلد نشاطا من الأنشطة. يفترض أن يقام متحف خاص بالرياضة السعودية. تساهم فيه الصحافة السعودية بالنصيب الأكبر. يكون جزء من ريعه للمؤسسين. اللاعبون القدماء على وجه الخصوص. متحف يحكي قصة الرياضة السعودية. لا أحد يتخيل وخصوصا من جيل اليوم كيف كانت الرياضة في البدايات. هذا الفن الكبير الذي يمنحهم المتعة والتسلية كيف بدأ ومن هم الرجال الذين صمدوا أمام المقاومة الاجتماعية ونقص الإمكانات والظروف الموضوعية. سيضحك جيل الصغار اليوم كثيرا عندما يعرفون أن فريقا بحجم الهلال أو النصر بدأ في بيت طين لا تتعدى مساحته خمسين مترا، وملاعب ترابية وسيارة ونيت مستأجرة تنقل اللاعبين. أعتقد أن اقتراح الاستاذ تركي يمكن أن يتحول إلى مشروع ثقافي حضاري يصير جزءا من معالم الرياض أو جدة أو أي مدينة سعودية. لا نتصدق عليهم ولكننا نوظف تاريخهم الذي سطروه ونحوله إلى مصدر دخل وفخر لهم ولأبنائهم .