الاستعداد لشهر رمضان المبارك منذ الأزل يحظى باستنفار ضخم على مستوى الدول الإسلامية وعلى مستوى المجتمعات .. ذلك أن هذه الشعيرة الإسلامية التي تمثل ركنا من أركان الإسلام تواكبها تغيرات على سلوك الناس من صيام وقيام وعبادة وما يواكب ذلك من استعدادات لم تعد جانبية وإنما أساسية من هجوم كاسح على الأسواق وشراء مستلزمات رمضان بشكل لم تعهد له الأشهر الأخرى مثيلا ، بحيث ان ما يتم شراؤه قبل رمضان (استعدادا له) يوازي ما يتم شراؤه في (11) شهرا الأخرى ، وكذلك ما يشترى خلال شهر رمضان يوازي ما يشترى في عدة أشهر : وهنا يبرز سؤال : هل شهر رمضان هو شهر الصيام أم شهر الإفراط في الأكل والشرب والمشتريات ؟ إن الإجابة على هذا السؤال صعبة ولا يمكن إن يطبق مفهوم الصيام الحقيقي اقل الناس إمكانية مادية والذي يرهق نفسه بالمصاريف التي ما انزل الله بها من سلطان .. حتى ان اغلب رجالات الدين الذي يحضون الناس على تطبيق مفهوم الصيام الحقيقي تجد موائدهم تمثل آخر ما وصلت إليه أصناف الأطباق العالمية في الإفطار والسحور(وبينهما عشاء فاخر) .. ناهيك عن أواسط الناس .. بمعنى أن الاستعداد لشهر رمضان وممارسة الشراء قبله وخلاله وطقوس الإفطار والسحور تتجاوز مفهوم الصيام بمعناه الحقيقي . الاستنفار الاقتصادي المصاحب هو ما تراه من إعلانات على كافة وسائل الإعلام عن مأكولات ومشروبات شهر رمضان .. وانتم اعرف بهذه الإعلانات التي تجيء مصاحبة لهذا الشهر . استنفار آخر وهو استنفار اجتماعي سلوكي غريب .. يسيء لقدسية هذا الشهر يحضك على ألا تعمل وعندما تسأل لماذا ؟ تجيء الإجابة .. رمضان كريم . إذن من يقوم بأعمال الأمة ؟! .. إذا كان كل منا لا يريد أن يعمل .. وما هو المسوغ الشرعي الذي يخول لك ألا تؤدي عملك الذي تأخذ منه لقمة العيش الحلال .. والحلال لا يكون بان تأخذ راتبك وأنت لا تعمل . أما الاستنفار العجيب .. فإن كل وكالات الإنتاج الفني في العالم تشحذ جهودها وإمكاناتها لإنتاج مئات المسلسلات والأفلام والبرامج المرئية والمسموعة خلال هذا الشهر . منها الديني كبرامج وفتاوى وهي من الكثرة بحيث يتوه الإنسان في معرفة أين يتوجه .. ومنها الفني كمسلسلات وبرامج وتسلية .. الخ. وأيضا ما يتم عرضه في شهر رمضان يفوق ما يتم عرضه في ال 11 شهراً .والسؤال : كيف ننظر لشهر رمضان المبارك ؟ إنني اطرح السؤال .. ان هذا الحشد لشهر رمضان وهذا الاستنفار قبله وخلاله يجعلنا نرى أن هذا الشهر في مفهوم البعض أكثر من "حج وبيع مسابح.." في حين أنه شهر كريم تتنزل فيه الرحمات .. ولكن بشرط أن نستشعره كركن من أركان الإسلام. *المدير الإقليمي لجريدة الرياض بالشرقية