ماذا يحدث لو أن جميع القنوات الإذاعية والتلفزيونية لم تقدم هذا العام في شهر رمضان البرامج الخاصة بالمطبخ وكيفية إعداد وجبة الإفطار والسحور المشتملة على الشوربة التي لا تعد إلا في رمضان والفول الذي منعت وزارة الصحة أكله طوال العام والكنافة التي امتنع صانعوها من إنتاجها إلا في رمضان.. هل سيتأخر إثبات دخول رمضان وهل سيتأثر الصيام؟ وماذا يحل بالذاكرة العربية بل الإسلامية لو أن جميع القنوات الإذاعية والتلفزيونية لم تقدم هذا العام أحاديث الذكريات الرمضانية والتي يتم الكشف فيها عن أهم وأعظم أسرار الضيف وهو انه كان في السادسة يصوم من وراء الزير، وأنه تعود منذ عشرين عاما ألا يصلي التراويح إلا في المسجد الفلاني خلف إمام محدد، وأنه لا يعتبر صومه كاملا إن لم يكن على مائدته العامرة (التي يعدها للفقراء والمساكين) صحن الفول من البائع الأشهر والأول في تاريخ صناعة الفول منذ عرفت الخليقة هذا الغذاء المفيد للصحة وقوة الذكاء؟ ترى كيف سيكون مستوى ثقافة الجيل الحالي وأجيال الأمة القادمة إن لم تقدم القنوات الإذاعية والقنوات التلفزيونية في رمضان القادم المسابقات التلفزيونية عن أول فيلم مثله فلان وأول أغنية صدح بها فلان الله أو لون الفستان الذي كانت تلبسه فلانة في أغنيتها الأولى؟ هذه بعض الأسئلة التي خطرت ببالي وأنا أرى وأسمع وأقرأ بل وأمارس الاستعداد البرامجي لرمضان المبارك، وربما لدى كثير من الناس نفس الأسئلة أو أكثر، وبالطبع الإجابة لا يملكها إلا الإعلام العربي والإسلامي فغير المسلمين ليس لديهم رمضان وصيامهم غير صيامنا وبالتالي فهذه تحسب لنا ونحن من يملك براءة الاختراع فيها، وحتى لا أكون هاضما لدور الإعلام العربي والإسلامي فان عددا كبيرا من البرامج الدينية والتي يتم فيها تكريس الحديث عن الصيام وتذاع خلال فترة النهار وقبل الإفطار فتتشابه أو تتكرر موضوعاتها بأسماء مختلفة يتم إنتاجها كل عام تعايشا مع الحدث وليس تعليما لفريضة أو ركن من أركان الإسلام. إن منحت نفسي حق الإجابة على الأسئلة السابقة فإني أجزم أن رمضان سوف يأتي وسوف يصوم الناس وستكون كل النتائج وعلى كافة الأصعدة والحواس السمعية والبصرية ايجابية بنسبة عالية جداً لا تزوير فيها، وكم أتمنى ألا يؤاخذنا الله بما قدمنا وفرضناه على المجتمع حتى أدمنه ثم ادعينا زورا وبهتانا: (أن الجمهور عاوز كدا)، وكم أخشى أن يحاسب الإعلام العربي والإسلامي في يوم ما من قبل محكمة دولية بسبب دعوى تقدمها منظمة الصحة العالمية لأنه كان دالا ومعينا على إفراط الناس في الأكل في رمضان مما أدى إلى انخفاض مستوى الصحة لدى المجتمع، غير أنني عندما أرى قوة اقتصادنا العربي والإسلامي تزول خشيتي لأنه سيكون مدافعا شرسا ومتكفلا بكافة المصاريف، وهذا من حقه وواجب عليه بحكم انه أصبح دون منازع صاحب النفقة الشرعية على الإعلام.