( الحكيم ) .. كذا كان أقرانه يدعونه بينهم .. رجاحة عقله .. وسرعة اقتناصه للفرص .. بوّأته مكانة عالية بين العقاريين .. فضلاً عن مكانه الذي لا ينافسه فيه إلا القليل في الوجاهة وعلو الشأن وهو الرجل العصامي .. الذي ما بلغ هذه المكانة إلا بحدة ذكائه وأمانته بعد توفيق الله طبعاً. مرضه العضال .. الذي آمن - كما تقول الأديبة أميرة - بأن الله حين قدّر البلاء عليه بفقد عزيز أو مرض مستفحل .. فإن يقيناً بداخله يجب أن يحرّضه على الشعور بأن الله في شوق إليه .. شوق إلى صوته المرفوع إليه في آخر الليل بالدعاء .. إلى لسانه الذي يلهج بذكره وغفرانه .. إلى أمواله يضعها بين أيدي الفقراء يزيل بها كدر الحياة عنهم .. لكن هذا الأمر .. وهذه النفقات .. وهذه الأعطيات .. وتلك الأراضي والعقارات التي توقف .. لم تلق استحساناً من قبل ابنه الأكبر ( ح ) .. كان يرى بأن هذه الفرصة .. أكثر من رائعة .. ليضع يده على أموال أبيه الطائلة .. ولذا وبإقناع ( 2 ) من إخوته لأبيه .. شرع فوراً في .. إجراءات الحجر على والده .. للسفه ..! الحجر في اصطلاح الفقهاء : منع شخص من ممارسة أعمال بنفسه لسبب الجنون أو العته أو الصغر أو السفه أو الغفلة .. والسفه وهو مدار حديثي اليوم حالة تصيب الإنسان تقوده إلى بعثرة أمواله على نحو لا يقره العقل السليم .. وهو يختلف بالطبع قانوناً عن ذي الغفلة الخفيف في عقله الطيب في قلبه بحيث يغبن في معاملاته .. مثل هذين الشخصين شرع الحجر عليهما شفقةً عليهما وصوناً لأموالهما من الضياع .. ولكي نفهم الحجر .. لا بد من معرفة أقسامه حيث يتنوع إلى : حجر لحق الغير وتدخل فيها مسألة الدائنين .. وحجر لحق نفسه والذين يحجر عليهم لحظ أنفسهم هم : السفيه والمجنون والصغير .. ولا ينفك أو يزول عنه الحجر حتى يزول موجبه ( من صغر أو جنون أو سفه ) . الغريب أن الحجر على السفيه يكون عاماً بمعنى أنه لو كان أحد الناس ينفق كل أمواله في التبرعات أو يغبن في بعض التصرفات خاصة .. فإنه لا يحجر عليه حجراً خاصاً في ذلك النوع من التصرفات .. بل يشمل الحجر جميع تصرفاته المالية المضرة. وإذا كان الحجر على الوالدين لا يشكل ظاهرة حتى اللحظة للاعتبارات الدينية والاجتماعية .. فإن هذا لا ينفي وجود مثل هذا النوع من القضايا .. حيث تعتبر 90 في المائة من هذه الدعاوى كيدية وتعبّر عن طمع وجشع الأبناء واستعجال وراثة الآباء. إن الحجر رغم إقرار الفقهاء له في بعض الحالات المحددة التي ترتبط بالسفه ينبغي أن يكون في أضيق الحالات التي تعبر عن السفه الصارخ للأب أو للأم .. ذلك أن القضاء – كما يقول المستشار جمال الدين محمود - يحمي الشخص الذي يدفعه طيشه أو هواه الجامح إلى التبرع بأكثر من ثلث ماله أو خسارة ماله حال البيع والشراء .. حيث ينص على إمكانية إبطال عقد البيع أو الشراء إذا كان هناك نوع من الاستغلال أو الخداع .. وهذا النوع من الحماية أفضل من رفع دعوى الحجر لأن الحجر يتسبب في أزمات نفسية للآباء لا تعالجها الأيام وان طالت. لو عرف الأبناء أن عقوبة دعاوى الحجر الكيدية التي يرفعونها غرامات مالية كبيرة .. لأدركوا أن من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه ..! * قانوني