أثر الحجر في تصرفات المجنون الذي زال عقله فيكون كالصبي غير المميز وفاقد الأهلية فتسلب منه الولاية الثابتة بالشرع كولاية الزواج أو الثابتة بالإيصاء والقضاء، وتبطل أقواله وتصرفاته لعدم صحة قصده. وكذلك المعتوه وهو من كان قليل الفهم، مختلط الكلام، فاسد التدبير نتيجة لاضطراب في عقله سواء لمرض خلقي أو طارئ، فيعتبر عند الفقهاء كالمجنون والمعتوه غير المميز فتكون تصرفاته كلها باطلة، أما السفيه الذي يبذر ماله، ويصرفه في غير موضعه الصحيح بما لا يتفق مع الحكمة والشرع فيحجر عليه بحكم القاضي، ولا يرفع الحجر عنه إلا بحكم الحاكم، وولي السفيه هو الأب، أو وصيه من بعده، أو الحاكم عند أنعدامها. ويصح تصرف السفيه في نكاحه بإذن وليه وبغير إذن لأن في الزواج مصلحة محضة على أن يتقيد بمهر المثل بلا زيادة لأن الزيادة تبرع والسفيه ليس أهلاً للتبرع. ويصح طلاقه لأن الطلاق ليس تصرفا في المال. ويصح ظهاره وإيلاؤه ولعانه ونفي النسب باللعان عن السفيه وإقراره بنسب ولد منه. وتصح وصيته باتفاق الفقهاء لأنها محض مصلحته لأنها تقرب إلى الله تعالى بماله. ولا يصح إقراره بالدين أو بما يوجب الدين كجناية الخطأ، وعند بعض الفقهاء أنه يلزمه ما أقر به بعد فك الحجر عنه. والحكم في السفيه كالصبي والمجنون في وجوب ضمان ما اتلف من مال الغير بغير إذنه، ولا تصح تبرعاته كالهبة والوقف، ولا تصح شركة السفيه ولا حوالته ولا الحوالة عليه ولا كفالته لغيره لأنها تصرفات مالية لا تصح منه كالبيع والشراء بغير إذن وليه فتكون باطلة، لأنه محجور عليه لحفظ ماله. وكذلك يحجر على ذي الغفلة وهو من يغبن في البيوع ولا يهتدي إلى التصرفات الرابحة في بيعه وشرائه لقلة خبرته، وحكم تصرفاته كالسفيه. ويجوز الحجر على المريض مرض الموت لحق الورثة. فيحجر عليه في تبرعاته فقط كالهبة والصدقة والوصية والوقف وبيع المحاباة وكل بيع مشتمل على غبن فيما زاد على ثلث ماله. والحكم كالوصية فتنفذ في الثلث وتكون الزيادة موقوفة على إجازة الورثة. فإن بريء من مرضه صح تبرعه. ولا يجوز الحجر على المرأة الرشيدة في التصرف في مالها كله أو بعضه بالتبرع أو المعاوضة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن). وهذا هو أوجه رأي لأن ذمة المرأة المالية مستقلة عن الزوج في الإسلام، وهذا من مفاخر الشريعة التي أعطت المرأة أهلية كاملة في التملك والتصرف. ويحجر على المدين المفلس في تصرفاته المالية باتفاق الفقهاء، حفاظاً على حقوق وأموال الدائنين من الضياع بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ وباع ماله في دين كان عليه، وقسمه بين غرمائه، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ليس لكم إلا ذلك. ولا يحجر على المدين إلا بقضاء القاضي فتكون تصرفاته قبل القضاء نافذة، ويحجر عليه بطلب من الغرماء وأن يكون عليه ديون حالة تزيد على ماله. ونخلص إلى أنه من المقرر شرعاً أن الحكم يدور مع سببه أو علته وجوداً أو عدماً، فيرفع الحجر عن السفيه وذي الغفلة بحكم القاضي إذا ظهر رشده وحسن تصرفه في ماله، أما المجنون والمعتوه فيزول عنهما الحجر متى ما شفيا ودون حكم القاضي. وكذلك الصغير إذا كان مميزاً فيرفع الحجر عنه بشيئين.. أولا: الأذن له بالتجارة، ثانيا: بلوغه عاقلاً رشيداً، ويزول الحجر على المفلس بتصفية أمواله وقسمتها بين الغرماء إذا تضمن حكم القاضي بالحجر أن يتم تصفية أموال المفلس فإذا تحقق هذا الغرض زال أثر الحجر تلقائياً. *المحامي [email protected]