الرؤية الإستراتيجية هي مخرج جهد جماعي، تتسم بالحراك والعلم والإبداع والابتكار والأصالة والثقافة والمنطق، وترتبط بالقادة الإستراتيجيين لدورهم في بلورتها وتطويرها وتطويعها واعتمادها وتحمل مسؤوليتها ومتابعتها في ظل ضعف الرؤية كنبراس وموجّه لرسم وبناء التخطيط الإستراتيجي المرتكز على تحديد الطرق والوسائل والأهداف الإستراتيجية، تبرز الحاجة المُلحة لضبط إيقاع ردود الأفعال غير المنضبطة للأحداث والأنشطة والأزمات والكوارث والصراعات المتسارعة من حولنا، وتوظيف المراجعة الإستراتيجية لما أسسنا من بُنىً تحتية أساسية وتخصصية لكل المسارات في المستوى الوطني، ولضمان استمرارية ذلك مع تصحيحٍ لبعض المنهجيات في مصوغات الفكر والتفكير الإستراتيجي.. ونبحث اليوم في نتاج مخرجات تخطيطية وتنفيذية مضى عليها سنين أو عقود، ندلل فيها عن مدى توظيف الرؤية في المدى القصير، والرؤية الإستراتيجية في المديات المتوسطة والبعيدة، وإن وظفت فهل هي شاملة، كاملة، متسقة مع النظرة المستقبلية للسياق التنموي؟ ولما للرؤية والرؤية الإستراتيجية من أهمية في مساراتنا الحياتية والحيوية في ضبط منتج خططنا وإستراتيجياتنا وإنفاقنا، ووفق التوجيهات الإستراتيجية من قيادتنا الرشيدة، وبما يتوافق مع متطلباتنا لتحسين ظروفنا المعيشية المُعاشة، إثبات ما نحن فيه اليوم هو نتاج الأمس القريب والبعيد، ويتعلق بخطى علمية مدروسة، ممتزجة بفن ربط الواقع بالمتطلب المنظور، ولكونها تختص بالممكن المرتبط بالواقع، ولا تمس الغيبيات والمسلّمات والقيم، وتحافظ على بعدها الاعتباري المتوازي مع العادات والتقاليد والالتزامات الوطنية.. وفي السياق القادم سوف نوضح الرؤية ، والرؤية الإستراتيجية، تعريفهما وأهميتهما ومفهومهما وخصائصهما وطبيعتهما وإطارهما ومكوناتهما وتوظيفهما ومدلولهما، ونربطهما ببعض صور من الواقع الوطني الذي نعيش،وعادة تقوم القيادة الإستراتيجية ببلورة وتطوير الرؤية الإستراتيجية، وبطريقة واضحة ومفهومة، لتوجه الجهود وتركزها نحو المستقبل المرغوب، وتحدد ماذا يجب عمله. والرؤية هي تصور لصياغة المستقبل، وعملية تنظيم وإرشاد لتطوير ذلك المستقبل، والرؤية الفاعلة تتبنى توظيف إستراتيجية يمكن تحقيقها. إن بناء رؤية إستراتيجية هو جهد جماعي في القيادة الإستراتيجية، تجتمع فيه التحديات مع المسؤوليات لبناء فكرة وأهداف إستراتيجية بعيدة مدى، والرؤية الإستراتيجية ممكن أن تدوم لمدة عقود من الزمن. وعُرِّفت الرؤية الإستراتيجية: بأنها إجراء إبداعي، تجمع بين المعلومة المعروفة والأفكار المتجددة، ويُكامِل بينهما، ثم تمزج مع متطلبات المؤسسة للوصول إلى منتج مبتكر، ويقوم القادة الإستراتيجيون بالتنبؤ بالمستقبل الواقعي والعملي للتنظيم، وبالتالي يطورون الرؤية بما يخدم نجاح البيئة المستقبلية المنظورة، كما يقوم هؤلاء القادة بتعريف وتحديد التنوع في مصادر المعلومات داخل وخارج البيئة الإستراتيجية، ثم يدمجون تلك المعلومات مع المتغيرات الإستراتيجية، مع الأخذ في الاعتبار التاريخ، والثقافة، والقيم، والتوجهات المستقبلية في العالم، وعلاقة الدولة بالدول الأخرى، والقطاع بالقطاعات الأخرى، وتبقى البساطة والحماس والإثارة والواقعية والمصداقية والفهم والتميز، تمثل الإطار العام لطبيعة ومنهجية الرؤية الإستراتيجية المتبناة.. الرؤية الإستراتيجية هي مخرج جهد جماعي، تتسم بالحراك والعلم والإبداع والابتكار والأصالة والثقافة والمنطق، وترتبط بالقادة الإستراتيجيين لدورهم في بلورتها وتطويرها وتطويعها واعتمادها وتحمل مسؤوليتها ومتابعتها، وقد تخرج عن نطاق المؤسسة أو القطاع لضمان تفعيلها وتفاعلها مع المنظومات الأُخر في البيئة الإستراتيجية التي تعمل فيها، لذلك تخرج باسمه وعلى مسؤوليته. عملية إعداد وتطوير الرؤية الإستراتيجية تبدأ من تحليل البيئة الإستراتيجية، تاريخها، المهمة، القيم، التوجهات، وذلك لتحديد العامل المؤثر في مستقبل المؤسسة ، وتنطلق من دراسة الماضي والحاضر للوصول إلى المستقبل. رؤية ذات صياغة مستقبلية، ويجب أن يقيّم مستقبل البيئة الإستراتيجية وحالة المؤسسة بواقعية وموضوعية ومصداقية ومنطقية، علماً أن تصور المستقبل أسهل من تقييم وتحليل البيئة الإستراتيجية الحالية. أهمية الرؤية الإستراتيجية: توفر الرؤية الإستراتيجية شعوراً بتحقيق الغرض النهائي، وتُحدد الاتجاه والحوافز لجميع أعضاء فريق العمل، وتؤمن الإطار المفاهيمي الذي يركز على برامج وخطط وأهداف المؤسسة إضافة لتأمينها لأدوات التحليل والفهم اللازمين للبيئة الإستراتيجية الخارجية، وتضع الأولويات في تلك البيئة، وما هي الأفعال والأنشطة المطلوب اتخاذها وتفعيلها، وتُعزز من قيم المؤسسة، وتوجّه جهدها وجهد مديريها. الرؤية هي الخطوة الأولى لتطوير الإستراتيجية أو الخطة، في ظل عدم وضوح الاتجاه والنهايات (الأهداف). وعند صدور الرؤية ستتضح الطرق والوسائل والنهايات. مفهوم الرؤية الإستراتيجية: هو النتاج الملموس من التفكير الإستراتيجي لما تتوقعه المؤسسة في المستقبل، وهو مدخل للتخطيط الإستراتيجي المبني على التحليل الإستراتيجي، وهو المرشد للتنظيم لما تود القيام به، لتكون في مكانة مميزة نتيجة لتحقيق أهدافها المرجوة، وذلك من خلال تحويل الرؤية الإستراتيجية إلى أهداف يمكن قياسها، وتسهيل التصور الإستراتيجي المساعد على تصميم وبناء الإستراتيجية المطلوبة.. * خبير إستراتيجي وجيوستراتيجي