عندما أسدل الستار على نهائيات كأس العالم السادسة التي أقيمت في السويد عام 1958م..لم تكن هناك ظاهرة تلقي بظلالها على إنجاز المنتخب البرازيلي الفائز بكأس البطولة وتسرق منه أضواء البطولة إلا ظاهرة الفرنسي جوست فونتين الذي استطاع ببراعة خلال مباريات البطولة احراز 13 هدفا مكنته من احراز لقب هداف البطولة والاحتفاظ بالهداف التاريخي للمونديال كونه صاحب أكبر عدد من الأهداف في بطولة واحدة ولم يستطع احد كسر او حتى الاقتراب من هذا الرقم حتى الآن. ولد فونتين من ابوين فرنسيين منتصف الثلاثينيات في مدينة مراكش المغربية، وشهدت شوارع المدينة بروز موهبة الصبي الفرنسي في التعامل مع قطعة الجلد المستديرة وكانت كرة القدم ابرز الالعاب التي حملها الجيش الفرنسي معه الى بلدان المغرب العربي عموما. عندما بلغ فونتين سن الرشد غادر مسقط رأسه الى فرنسا حيث بدأ اللعب مع نادي نيس قبل انتقاله الى نادي ريمس الذي كان يمثل قوة مؤثرة في البطولات الفرنسية خلال الخمسينيات والستينيات. وأفلح فونتين اكثر من مرة في نيل لقب هداف الدوري الفرنسي مع ناديه الجديد كان آخرها موسم 58-1959 كما ساهم في وصول ريمس الى نهائي بطولة الاندية الاوروبية عام 59 وخسر النهائي امام ريال مدريد. ولنادي نيس الفضل الاول في تقديم فونتين الى المنتخب الفرنسي بعدما لفتت عروضه المتميزة انظار المشرفين على إعداد المنتخب. في اكتوبر عام 1953 حظي فونتين بأول فرصة للتمثيل الدولي نجح خلالها في ايداع 3 اهداف في مرمى لوكسمبورج ضمن تصفيات كأس العالم في مباراة انتهت 8 - صفر لفرنسا. ومنذ ذلك الوقت لم ينجح في احراز اي هدف، وتم استبعاده من المنتخب عام 1956 قبل ان يعود بعد عامين ليحرز هدفا في مرمى اسبانيا في مباراة ودية استعدادا لكاس العالم 58. وشارك فونتين في تمثيل فرنسا كلاعب احتياطي خلال نهائيات السويد وخدمه الحظ للعب كبديل لمهاجم فرنسا الاساسي ليبوند الذي تعرض للاصابة، وافتتح فونتين مسلسل أهدافه في النهائيات أمام الباراغوي حيث سجل هاتريك من ضمن الأهداف السبعة الفرنسية، ثم سجل هدفي بلده امام يوغسلافيا التي كسبت اللقاء بثلاثة، كما سجل هدف في المباراة التمهيدية الثالثة في مرمى اسكتلندا وانتهت المباراة 2-1 للمنتخب الفرنسي، وفي الدور الثاني سجل هدفين في مرمى ايرلندا اهلت فرنسا لنصف النهائي بعد أن انتهت المباراة 4-صفر. وفي نصف النهائي لعبت فرنسا ضد البرازيل التي فازت بالمباراة 5-2 وسجل فونتين هدفا واحدا، وفي لقاء تحديد المركز الثالث التقت فرنسا الخاسرة من البرازيل بالمانيا، واحرز فونتين اربعة من أهداف فرنسا الستة التي أهلتها لنيل البرونزية بالفوز على ألمانيا 6-3. آخر هدف دولي لفونتين كان في مرمى النمسا عام 1960 في مباراة ودية ويحتل فونتين المركز الثاني في ترتيب هدافي فرنسا على الصعيد الدولي ب 27 هدفا بعد الأسطورة بلاتيني. وغادر فونتين المستطيل الأخضر مرغما عندما أصيب بكسر في الساق انهى مستقبله وهو في أوج عطائه. ولم يهجر فونتين الكرة فقد عاد في النصف الثاني من السبعينيات الى مسقط رأسه المغرب ليتولى تدريب المنتخب المغربي بعد ان قاد المنتخب الفرنسي لمدة وجيزة. ولم يحالفه الحظ في مهنته كمدرب فترك التدريب وتحول الى متابع يترقب مهاجمي العالم في سعيهم الحثيث نحو تحطيم رقمه القياسي في بطولة كأس العالم الذي دخل العقد الخامس من عمره ولم يجرؤ احد على مساسه.