روح صديق ، سكّر باب ، يرجع هنا ، ودي ولد ، أنت يجي أنا يروح ، اوكيه ، أي ول تل يو ، نوبروبلوم ، آزيولايك . هي ليست قراءة غريبة أو غبية للوحة سريالية أبدعها فنان موهوب لزمن قادم ولأناس لم يولدوا بعد ، بل هي أجزاء من شبه جمل مشوهة أو مسخ من شبه كلمات ، أو قل : شهادات كاملة تثبت التردي الذي وصلنا له عبر تعاملنا اليومي مع من نخالط في بيوتنا ومكاتبنا من العمالة الوافدة من جهة ، أو في تعاملنا مع بعضنا وكأنها علامات تنويرية لانتسابنا لحضارة الغرب القوي ومفاهيمه وثقافته من جهة أخرى . في حين يأتي العامل والعاملة الأجنبيان من أحد بلدان الخليج أو من الشام أو من غيرها وتجده يتحدث بلهجة البلد القادم منه ولا تسألوا من حولكم منهم عن البلد الذي قدم منه قبل قدومه إلينا ولا تدققوا في لهجته فهي أظهر ما تكون عند تحدثه أو تحدثها بعربية البلد الذي سبق له ولها العمل فيه . أما لدينا فسوف يذهب وتذهب بلغة مسخ لا تمثل هويتنا ولا ثقافتنا ولا حتى عاميتنا . واللغة وعاء ثقافة ، وهوية أصلية ، لذا لا نستغرب إذا وجدنا كثيراً من الأمم النابهة تنفق الأرقام الضخمة من ميزانيتها لنشر ثقافاتها عبر لغاتها ولا تجد في ذلك إلا أداء لرسالة واجب حتمي ، بل وجود يلزم مع وجوده الوجود ومع عدمه العدم . ولغتنا العربية أحق بذلك ، وقد مرت بمحاولات اغتيال عديدة صمدت في وجهها فما اندثرت في الدول العربية المستعمَرة مثل بعض دول الخليج ومصر والسودان والمغرب العربي واليمن وغيرها ، كما فشل المستعمِر والمعجب به في تحويل حروف اللغة العربية إلى لاتينية كما حصل للتركية والاندونيسية وغيرهما من اللغات التي تحولت لحروف هجين لاتينية ، كما فشل اليهود في تحويل اللسان العربي في إسرائيل إلى عبري فما زال عرب 48 يتحدثون في المنازل بلغتهم الأم وفي الخارج بالعبرية ، وكذا فشل الإيرانيون في تحويل اللسان العربي في الأحواز وغيرها من مناطق العرب هناك إلى فارسي رغم الضغوط التعسفية عليهم ، كما لا يمكن تجاهل العرب المهاجرين ومن ولد منهم خارج الوطن العربي فهم يصرون على التحدث بلغتهم الأم في منازلهم وفي الكثير من منتدياتهم ومناشطهم ليس بدءاً بمجلة إيليا أبو ماضي ولا انتهاءً بحرصهم على إدخال أبنائهم في المدارس العربية الملحقة بمنتدياتهم المسائية . لغة بهذه القوة وبهذا الصمود والغنى والجزالة في المفردات وتراكيب المباني والمعاني ، أليست حرِيّة بالفخر وجديرة بالحماية ، من لسان مسخ بهجين ( أنا يروح انتا يجي ) أو بتسول على باب غريب بانكسار (لتس قو) . المبكي أن هذه اللغة المعجزة التي استعصت على سواها مهددة من أهلها في الداخل وتعيش وهي تعاني وتخشى وتحاذر خطر عقوقهم بها وجهلهم بقيمتها .