نتطلع دائماً لفتح مجالات عمل جديدة للفتاة السعودية، خصوصاً في زمن ظهرت فيه كثير من المواهب والاهتمامات والتطلعات، وأثريت الفتاة السعودية بوعي متجدد يستوعب كل التحولات والمتغيرات، ما جعلها تنافس في مجالات إبداعية ذات نمط فكري تتشابك فيه التجربة الحياتية مع الذائقة الفنية مع التحصيل الأكاديمي، ومن هذا المنطلق تلفتنا حولنا باحثين عن أخصب مكان قد تجد فيه الفتاة السعودية الجديد على المستوى الوظيفي، فوجدنا أن التقنيات الحديثة، لاسيما التي تتعامل مع الحس، هي من أكثر المهن التي توجهت لها مؤخراً، وعليه كانت وزارة الثقافة والإعلام، بما تحويه من مهن، تتعامل مع الحس والمهارة بشكل مباشر مثل الإخراج والتصوير والمونتاج وغيره. في هذا التحقيق نطرح التساؤل التالي: هل فعلاً وجدت الفتاة السعودية في قطاع التليفزيون ما يصقل موهبتها ويضيف لمعرفتها في هذه المجالات الحديثة، ويدخلها في منظومة العمل الفني والتقني والإنتاجي في هذا المرفق؟. "الرياض" التقت في مبنى التلفزيون بالعديد من العاملات في هذا المجال؛ لترصد كثيراً من الوظائف المنوعة من معدة تقرير، ومعدة فقرة، ومشرفة مونتاج، وتصميم ديكور، ومنفذة تقرير، ومصورة ومخرجة. نقلة نوعية في البداية التقينا مديرة القناة الأولى في التلفزيون السعودي "سهير محمد الخواجة"، وقالت: إن القسم النسائي في التلفزيون موجود منذ ما يقارب ربع قرن، ومع مرور الزمن تزداد الحاجة للمرأة في الإعلام، مشيدة بالنقلة الكبيرة للقسم في ظل "القيادة الجديدة"، وبتوجيهات من معالي د. عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام؛ لرفع سقف الحرية من حيث تناول المواضيع، إلى جانب إعطاء مساحات للتجديد، والإبداع، ما ساعد بشكل قوي على نجاح كثير من البرامج النسائية، ويشهد على ذلك الأصداء التي تحققها تلك البرامج، كما يشهد التلفزيون السعودي تطوراً ملحوظاً من حيث المضمون، والنوع، خاصة في الخمس السنوات الأخيرة، نظراً للاهتمام بتوفير الكوادر المؤهلة. دعم إضافي وأضافت أنه على الرغم من هذه التطورات، إلاّ اننا لا نزال بحاجة إلى الدعم المادي، وتنمية هامش الحرية المتاحة، والقدرة على المنافسة مع بقية الوسائل الأخرى، مشيرة إلى أن الوظائف التي تشغلها المرأة داخل القناة الأولى، هما مخرجتان، ومهندستا ديكور، ومصورتان، ونسعى بجدية إلى أن نزيد عدد المصورات، كما يوجد معدات، ومعدات تقارير، ومنفذات فترة، لكن حتى الآن لا يوجد لدينا مونتاج، ونحن على المستوى العملي قد لا نحتاج إليها كثيراً، ولكن توفيرها أمر جيد من عدة جوانب، منها: تأهيل فتيات لهذه المهنة، وفتح فرص وظيفية جديدة، كما أن القناة الأولى تضم خمس مذيعات، إضافة لخمس فتيات خلف الكواليس يعملن بإعداد التقارير والإخراج. الإقبال كبير وأشارت إلى أن هناك ارتفاعا كبيرا في نسبة الإقبال من الفتيات على العمل الإعلامي، وذلك رغبة منهن في تطوير إمكاناتهن وتحقيق رغباتهن، لافتة إلى وجود العديد من المتعاونات مع التلفزيون السعودي، مضيفة أن التلفزيون يعلن بين فترة وأخرى عن وظائف شاغرة، بهدف تجديد العمل والأفكار. التثبيت الرسمي من جانبها، قالت مديرة القناة الثانية بالتلفزيون السعودي "مها السليم" أن أكثر العاملات في التلفزيون من الفتيات التي بلغ عددهن ال 35 سعودية، وأغلبهن متعاونات، مضيفة أن هذه الوظائف مهمة وحساسة، ويقوم بها في الغالب رجال الرقابة على الأعمال التلفزيونية، فلدينا موظفتان تقومان بهذه المهمة على خير ما يرام، مشيرة إلى أن متطلبات العمل تحتاج إلى عدد كبير من الكوادر المؤهلة، والمتمكنة. وأضافت أن الوظائف التي يشغلها نساء تبدأ من مذيعة، ومنسقة، ومعدة، ومونتاج، ومترجمة، وعلاقات عامة، ومراقبة أمنية، مشيرة إلى أن المشكلة أن أغلب العاملات في القناة الثانية متعاونات، ويأملن بتثبيتهن، وإيجاد اسم وظيفي لهن. نظرة المجتمع وفي هذا الصدد، تحدث عدد من العاملات السعوديات خلف الكواليس في القناتين، حيث ذكرت معدة برامج "نوف الرشيد" أن بعض أفراد المجتمع مازالوا يتعاملون بعنف، وإقصاء، وشكوك، ووهم مع الأعمال التي يكون فيها اختلاط، علماً أننا نعمل في مكان مخصص للنساء بالكامل، ولا يوجد مثل هذه التخيلات التي يراها بعضهم، حيث نعمل في مهنة أثبتت فيها المرأة السعودية تفوقاً في مدة قصيرة، مشيرة إلى أن معاناة أخرى داخل أسوار العمل، حيث لا نجد التقدير على أعمالنا، فخلال عملي في مجال الإعداد، ولمدة أثني عشر عاماً، حاولت إثبات وجودي من خلال عملي، وآمل أن أجد وزميلاتي الدعم من المسئولين. وفي السياق ذاته، تتفق معدة البرامج "إيمان صالح السليمان" على أن بعض أفراد المجتمع لا يزالون يشككون في الفتاة التي تعمل في مكان مختلط، رغم أنها تعمل في معزل عن الرجال، ولولا دعم أسرتي وثقتهم لتركت العمل، ولكن تبقى مشكلة التثبيت الرسمي قائمة ومقلقة. وتؤكد معدة برامج في القناة الأولى "هيا المقاطي" أن العمل في مجال الإعلام ممتع، ولم تواجه أي صعوبات نظراً لتفهم مجتمعها القريب لطبيعة عملها. هندسة الديكور وفي هذا الجانب أشارت مهندسة الديكور أمل عبدالرحمن أبو غطي إلى أن الإقبال على عمل الديكور عليه أقبال قليل من الفتيات، نظراً لرفض بعض فئات المجتمع للعاملات في هذا المجال، مؤكدة أن العمل في مجال الديكور داخل التلفزيون السعودي يحتاج إلى الدعم المادي، والوقت الكافي ليتمكن المصمم من الإبداع في كل ديكوراته، كما نوهت بمشكلة التثبيت الرسمي الذي يشكل قلقا حقيقياً للمتعاونين في الوزارة، حيث إن فئة المتعاونين يحصلون على مبالغ قليلة لا تشجع على العمل والإبداع.