قابلت العديد من رجال الأعمال المختصين بالعقار شخصيا، واجتمعت ببعضهم في كثير من المناسبات، وحين أطرح سؤالا لماذا لا يستثمر العقاريون ببناء الوحدات السكنية خاصة أن الطلب مرتفع والفجوة كبيرة، وحين ندرك أن فقط 30% ممن يملكون منازل خاصة لدينا، سندرك أي مشكلة نعيش، لأنني مؤمن جدا أن توفير منزل للمواطن سيعني توفر "الأمان" وتوفير ثلث راتبه الشهري على الأقل من إيجارات سنوية وأعباء لا تنتهي، اتصل بي صديق موظف حكومي يبشرني أنه اشتري منزلا، وأسعدني الخبر جدا، لأنني أجد أنه حقق الأمان له وأسرته، ولكن كان لدية "غصة" وكأنها مصيبة حدثت له ثمنا لذلك، فقد ذكر لي أنه اشترى منزلا بسعر مليون ومائتي ألف ريال، ولكن سيسدد على مدى 15 سنة ما يقارب مليونين ومائتي ألف ريال، أي أن البنك الذي أقرضه ضمن ربحا يوازي 100% تقريبا، أي معدل سنوي ربح للبنك 6.6% وحين نتذكر أن تكلفة الوديعة الآن أو الفائدة لا تتجاوز 0.50% (نصف بالمئة) هل ندرك كم يربح حقيقة البنك؟ انه يحقق ما يقارب 650% مقارنة بسعر الفائدة الحالي؟؟!! هذا يحدث لمواطن واحد من أحد البنوك، هل نلوم البنك؟ هل نقول للبنك انك مخطئ؟ هل البنوك تفرض الظلم على المواطن؟ يجب أن نقرأ أولا ما هو النظام والقانون هنا، ان البنوك لا تلام هنا ولا يمنعها شيء ،إذاً اللوم يقع على المشرع الذي سمح للبنوك بهذا الربح الفاحش الذي أثقل كاهل المواطن، لن ألوم البنوك أبدا ليس دفاعا عنها بقدر أنها سترد ببساطة أنه "النظام" و "القانون" فأين مؤسسة النقد؟ أين وزارة المالية؟ أين كل جهة حكومة ذات علاقة؟ أليست الدولة تملك حصصا مؤثرة بالبنوك؟ أليست الدولة تملك سن القوانين وفرض "قرار" مقبول ومقنع للجميع البنوك والمواطن؟ لماذا أصبحت البنوك بهذا القسوة والبحث عن ربحية تفوق أي عمل تجاري آخر، فلا أزمة مالية خفضت ولا انتعاش ماليا دعم المواطن؟ إذاً أين سيتجة المواطن؟ لا لأحد. فصندوق الدولة العقاري وبنك تسليف وغيره ستحتاج عقودا من الزمن لكي يصلك نصيبك من القرض، إذاً ليس حلا عمليا. حين يغيب المراقب على البنوك بهذه القروض القاسية، وحين لا يثق المستثمر العقاري بالاستثمار بالمجال العقاري لسبب بسيط أفهمه من العقاريين أن لا مظلة قانونية للقطاع العقاري ولا حفظ للحقوق حتى الآن، فلماذا يستثمر ببناء مساكن مقبولة سعرا وسريعة الإنجاز لحل الإشكال؟ لذا أضع اقتراحا مع فرضية أن يعاد النظر كليا بقروض البنوك للمواطنين والإسكانية لهم، أن يعاد النظر بحفظ حقوق المستثمرين بالقطاع العقاري وأن لا تصبح مثل الشيكات بدون رصيد ولا عقوبة، ان تدعم الصناديق الحكومية المقرضة كالعقاري أو غيره، ولكن أضع اقتراحا من شقين، لماذا لا تستثمر التأمينات الاجتماعية والتقاعد بإنشاء وحدات سنكية تدعم المواطن وتستثمر أموالها بربح مقبول مقنع وخدمة للمواطن والوطن، ما الذي يمنعها؟ أم تكتفي بحصصها بالبنوك من أسهم وربحية البنوك التي تقرض بطريقة أخرى؟ الاقتراح الآخر صندوق الاستثمارات العامة الذي يصل رصيده تريليون ريال على الأقل، هل سيتعبه أو يعجزه استثمار 50 ملياراً أو 100 مليار في القطاع السكني للمواطنين خدمة لأبنائه ووطنهم؟ من يجيب؟