قال روب سبحاني، الباحث الأميركي ورئيس شركة "كازبيان إنيرجي كونسالتنغ" الاستشارية في واشنطن، ومؤلف كتاب عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بعنوان "الملك عبدالله: القائد المؤثر" إنه أطلق على كتابه هذا العنوان لأن الملك عبدالله هو قائد تهم أفعاله وأقواله العالم فعلا. وأردف أنه عمد إلى تأليف هذا الكتاب لأنه كان هناك نوع من الفراغ في التفكير الاستراتيجي بالنسبة إلى العلاقات الأميركية السعودية، وهو فراغ كان يتطلب المعالجة. وقال إنه شعر أنه كان عليه أن يكتب هذا الكتاب لإبراز الدور الذي يمكن لخادم الحرمين الشريفين أن يقوم به إذا ما أرادت الولاياتالمتحدة فعلا أن تحل الكثير من مشاكل العالم الملحة اليوم، بما في ذلك القضية الفلسطينية. وقال الباحث الأميركي إن الملك عبدالله يعتبر أن القضية الفلسطينية هي القضية الأهم بالنسبة إليه، وإن سيره في طرقات القدس الشريف بعد تحريرها هو حلم حياته. وقال سبحاني إن الملك عبدالله محبوب من شعبه ومستعد لاتخاذ القرارات الصعبة بثقة." وكان سبحاني قد عرض كتابه الجديد يوم الأربعاء الماضي في ندوة خاصة استضافها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن لمناقشة الكتاب. وكتابه الجديد هذا، الذي قال إنه سيوزع نسخا منه على كل مكتبة عامة أميركية، هو كتاب حافل بالمعلومات والصور الإنسانية التي تنشر لأول مرة عن خادم الحرمين الشريفين لجمهور أجنبي، وهو يقع في حوالي 190 صفحة من القطع الكبير. وحضر الندوة حشد متميز من مختلف الأطياف في العاصمة الأميركية من خبراء سياسيين ودبلوماسيين ومفكرين وإعلاميين وطلبة جامعات. وقد قدم السيد سبحاني في الندوة نائب رئيس المركز للعلاقات الخارجية أندرو شوارتز. وفي مقابلة خاصة قال سبحاني عن السبب الذي حدا به إلى إطلاق صفة "القائد المؤثر" على الملك عبدالله في عنوان كتابه، إنه بالنظر إلى القادة الأربعة الأهم في العالم اليوم، وهم الرئيس الأميركي والروسي والصين والملك عبدالله، فإن الملك عبدالله يبرز كأهم هؤلاء القادة حقيقة "لأن أفعاله مهمة لبقية العالم فعلا." وأوضح في تدليله على ذلك بأنه "لو قرر الملك عبدالله غدا أن يرفع اسعار البترول لأنه لا يحب السياسة الأميركية مثلا، أو لأي سبب آخر، فإن أسعار البترول سترتفع فورا وهو ما سيؤدي إلى أزمة عالمية لا أول لها ولا آخر. ولو أنه قرر أن الهولنديين يسيئون معاملة الإسلام بسبب رسومات الكاريكاتور الهولندي السابقة، لرأيت ملايين العرب والمسلمين يخرجون إلى الشوارع يهتفون بشعارات "الموت لأميركا أو للغرب." وعن سؤاله عن أهم ما سيسجل للملك عبدالله على الصعيد الداخلي السعودي، قال الباحث الأميركي إن الملك عبدالله "أوجد هامشا واسعا للحوار داخل المملكة. فالقضايا التي كانت محظورة في الماضي أصبح بإمكان الناس أن يبحثوها بحرية اليوم. فهو أوجد الحوار الوطني في المملكة، مانحا البلاد منبرا حرا لبحث الكثير من القضايا التي كانت محظورة في الماضي، من قضايا المرأة والتطرف والإرهاب وصولا إلى العلاقات السنية الشيعية وغير ذلك." وأردف سبحاني أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله قد "رتب أمور البيت السعودي الاقتصادي الداخلي كذلك، فالملك ساعد بسرعة في حصول المملكة على عضوية منظمة التجارة العالمية، وجعل البيئة الاقتصادية والمالية في المملكة جذابة للمستثمرين المحليين والخارجيين." وضرب مثالا على ذلك بقوله إن المملكة في عهده أصبحت الآن "الدولة رقم واحد في الشرق الأوسط بالنسبة لاستقبال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ذلك لأن الملك عبدالله طالب بالشفافية وحققها في النظام المالي." وعن حديثه عن الأسباب التي تجعل الملك عبدالله "ملكا مختلفا" كما وصفه في ندوة الأربعاء الماضي، قال سبحاني إني كتبت كتابي الأخير عن الملك عبدالله "لأنني أعتقد أن لدى الولاياتالمتحدة شريكا مخلصا في الملك عبدالله تستطيع العمل معه لحل بعض أكثر المشاكل خطورة التي نواجهها اليوم، سواء كان ذلك من ناحية الإرهاب أو الصراع العربي الإسرائيلي أو التسخين الكوني." وقال: "الملك عبدالله هو شريك وإذا ما مدت الولاياتالمتحدة يدها اليوم إليه، فإنه سيكون أكثر من سعيد لمصافحة هذه اليد وأن يجلس على الطرف المقابل للمائدة ويبدأ في حل هذه المشاكل." ونبه سبحاني إلى أن "علينا أن ننتهز هذه الفرصة للعمل معه لحل بعض أهم المشاكل التي تواجه العالم اليوم بمساعدته." وقال إن السبب الرئيسي الذي دفعه إلى تأليف هذا الكتاب للجمهور الغربي هو "حمل واشنطن على فتح عينيها وإدراك أن لدينا شريكا نستطيع العمل معه." وعن معالجة الملك عبدالله للصراعات الإقليمية في المنطقة، من الصراع العربي الإسرائيلي إلى لبنان إلى العراق وأفغانستان وإيران واليمن، قال سبحاني إن الملك عبدالله مشارك في محاولة حل كل هذه القضايا. وقال إنه "بدأ يحقق نتائج ملموسة في مسألة النزاع الأحدث في المنطقة، وهو النزاع في اليمن." وقال إن أحد الأسباب التي تؤدي إلى سير اليمن في طريق الدول الفاشلة هو أن هناك "مشكلة في مسألة الحكم الرشيد." وأوضح أن الملك عبدالله "أفلح في إقناع القيادة اليمنية بالتركيز على هذه القضايا كمدخل لمعالجة الوضع الأوسع." وقال إن القيادة اليمنية أبلغت المتمردين الحوثيين في الشمال "أنهم إذا لم يتوقفوا فإنهم سيدعون السعوديين للتدخل، ونحن نرى النتائج الآن." وبالنسبة إلى إيران، قال سبحاني إن الملك عبدالله "يرى في إيران دولة ذات تاريخ عريق وشعب يتمتع بالكثير من الطاقات والإمكانات الكامنة، ولكنه يتحفظ على سياسات الحكومة الإيرانية." أما بالنسبة إلى الصراع العربي الإسرائيلي، فقال سبحاني، إن القضية الفلسطينية "هي القضية الأهم بالنسبة إليه. إن تمكنه يوما من السير في أزقة القدس الشريف بحرية هو حلم حياته ،وهو لهذا مستعد لبذل كل جهد ممكن لحل هذه القضية." وقال إنه إذا كانت الولاياتالمتحدة تريد حل هذه القضية في عهد الرئيس أوباما فعلا، فإن الملك عبدالله لديه الخطة لذلك وهي خطة مطروحة منذ العام 2002. وقال "إن خطة الملك عبدالله التي تبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002 صريحة وواضحة ومعقولة، إذ على إسرائيل الانسحاب من جميع الأراضي العربية إلى حدود عام 1967، بما فيها القدس الشريف وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وفي المقابل يطبع العرب علاقاتهم مع الدولة العبرية. إنه جدي في ذلك ويعني ذلك. لماذا لا نقوم بجمع كل الأطراف معا لا أمام الكاميرات، بل لإجراء مفاوضات حقيقية لإحراز سلام حقيقي." وبالنسبة إلى ما يريد للشعب الأميركي أن يعرفه عن الملك عبدالله في هذا الكتاب، قال الباحث الأمريكي سبحاني إن الملك عبدالله "يجمع بين صفات الرؤساء الأمريكيين جورج واشنطن وتوماس جيفرسون ودوايت أيزنهاور، من ناحية أنه محبوب من شعبه ولديه رؤية، ومن ناحية أخرى أنه لا يتردد في اتخاذ القرارات الصعبة، وحين يتخذ قرارا فإنه يسير باتجاه تطبيقه بثقة." وقال سبحاني إنه قصد من وراء كتابه هذا أن يكون "جسرا بين المملكة والولاياتالمتحدة، جسر تفاهم بين البلدين. هذا هو أملي فعلا." وفي رده على سؤال عن رؤيته للملك عبدالله الإنسان، قال سبحاني إن "هذا رجل رحيم وعطوف جدا. فهو قد يكون يراقب التلفزيون ويرى شيئا على الشاشة فيتأثر بذلك، سواء كان ذلك في لبنان أو غزة أو هايتي، وهو يريد أن يساعد بكل السبل وبسرعة. إنه لا يتأخر في مد يد العون الإنسانية إلى جميع أنحاء العالم."