كنت قبل اسبوعين في الولاياتالمتحدةالامريكية وبالتحديد في مدينة اورلاندو بولاية فلوريدا حيث وجهت لي الدعوة للمشاركة في المؤتمر العالمي لاورام الجهاز الهضمي (2010 Gastrointestinal Cancers Symposium) تحت اشراف الجمعية الامريكية لامراض الجهاز الهضمي (American Gastrointerology Association) وبالتنسيق مع الجمعية الامريكية للاورام (American Society of Clinical Oncology) وقد حضر ما يزيد على الثلاثة الاف من الاطباء واهل الاختصاص من جميع انحاء العالم وقد قابلت هناك العديد من الخبرات العالمية , وتم طرح العديد من البحوث والدراسات في نفس المجال وكان من بين هذه الدراسات بحث امريكي تم التنسيق له بين العديد من الجامعات الامريكية حيث كانت الجدوى من هذه الدراسة معرفة مدى فائدة مادة (TNF ) في علاج اورام المريء المتقدمة (أي التي يصعب استئصالها وهي تخضع للعلاج الكيماوي في نفس الوقت ) عندما تحقن هذه المادة بشكل مباشر في الورم السرطاني بجدار المريء اسبوعيا لعدة اسابيع وذلك بواسطة منظار الاشعة الصوتية عن طريق الفم (الذي يعتبر نقلة نوعية في التشخيص وتقديم العلاج اذا امكن حيث يحتاج الامر الى تقنية ومهارة عالية) وعلى مدى خمس سنوات تم متابعة المرض بشكل دوري وقد لاحظ الباحثون ان معدل بقاء المريض على قيد الحياة هي 47.7 شهرا مقارنة بما هو معروف عن مثل هذه الحالات في السابق حيث يكون معدل البقاء على قيد الحياة من 9.7 الى 34 شهرا , لذا كان استنتاج هذا الفريق الطبي المؤلف من عدد من اساتذة الجامعات الامريكية ان الحقن الموضعي لهذه المادة سوف يحدث نقلة في علاج اورام الجهاز الهضمي مستقبلا , وحيث اننا اليوم نتحدث عن حالات سرطانية متقدمة للمريء وفيها تكون فرص الشفاء ضئيلة , اعتقد انه يجب التنويه الى بعض العوامل والعلامات التي تساعد الاطباء على التعرف على المرض ومحاولة استئصاله في المراحل الاولية من المرض حيث يوجد عدة انواع من اورام المريء الخبيثة الا ان اعراضه تكون في غالب الاحيان متقاربة وهي اكثر شيوعا عند الرجال مقارنة بالنساء وقد لوحظ تزايد الحالات من هذا النوع من الاورام عالميا في العقود الثلاثة الاخيرة. فعند تعرض جدار المريء للسائل المعدي عالي الحموضة ولفترات طويلة (عدة سنوات) مثل مرضى الارتجاع المعدي المريء بدون علاج فإن المريض يكون عرضة لمثل هذه الاورام. وقد وجد في بعض الدراسات التي اجريت في الصين وجود علاقة بالجينات الوراثية لدى المرض المصابين بالمرض قد تكون احد العوامل المساعدة لنشأة المرض, كما ان هناك عدة عوامل اخرى تزيد من خطر الاصابة بسرطان المريء ومنها , زيادة الوزن والتدخين وشرب الكحوليات. ومن العوامل الاخرى ايضا , تناول الاطعمة المعلبة والمحتوية على نسب عالية من النيتروجين والمواد الحافظة بشكل مستمر, ايضا تعرض الانسان للعلاج الاشعاعي لاسباب مرضية اخرى قد يزيد من خطر الاصابة. كما وجد ان هناك علاقة بين الاصابة ببعض الامراض الفيروسية ( HPV) والاصابة بسرطان المريء. وغالبا لا تظهر الاعراض إلا بعد وصول الورم إلى مراحل متأخرة ومن اكثر الاعراض شيوعا صعوبة البلع (للأطعمة الصلبة في البداية ثم تزداد الصعوبة لتشمل حتى السائلة فيما بعد) يصاحب ذلك فقدان الشهية ونقص في الوزن, ومع زيادة حجم الورم يكون المريض عرضة للارتجاع المتكرر مما يزيد من العرضة للاصابة منظار الاشعة الصوتية بالالتهابات الرئوية الناتجة من ارتداد الطعام الى مجرى التنفس. لذا يفضل استشارة الطبيب المختص لعمل الكشف والفحوصات اللازمة بأسرع وقت لمعرفة الاسباب وطرق العلاج الممكنة وقد يتطلب الامر بعض الاشعات والمناظير والتحاليل المخبرية للتوصل للتشخيص الصحيح وبشكل دقيق لعمل الخطة العلاجية المناسبة. ان اختيار نوع العلاج للمريض مبني بشكل جزئي على مقدار المشقة التي يمكن للمريض تحملها. وفي غالب الاحيان يتم العلاج بتوليفة من العلاج الجراحي والاشعاعي والكيماوي. واذا كان الورم غير قابل للاستئصال , عندها يجب عمل إجراء ما للتغلب على مشكلات انسداد المريء الذي يسببه الورم . وفي بعض الاحيان ينكمش الورم لفترة ما بفعل العلاج الإشعاعي والعلاج الكيماوي , كما يمكن توسيع المريء باستعمال البالون عن طريق المنظار الداخلي من الفم ومن ثم إدخال دعامة خاصة للمحافظة على المريء مفتوحا.