في أعماق كل امرأة عاطفة هائلة، والحب هو الصاروخ الذي يحلق بتلك العاطفة في الفضاء.. تقول حفصة بنت الحاج في زوجها الذي شغفها حباً: «أغار عليك من عيني ومني ومنك ومن زمانك والمكان ولو أني خبأتك في عيوني إلى يوم القيامة ماكفاني»! إلى هذه الدرجة! صحيح ان الحب والغيرة يولدان معاً في ليلة ربيعية قمراء.. ولكن الحب مسالم والغيرة متوحشة فقد تقتله. ومس الحب بجناحه المسحور «علية بنت الخليفة المهدي وأخت هارون الرشيد» فجعلها تغرد بشعر الغزل غير عابئة، حتى أفرد لها صاحب (الأغاني) ترجمة كاملة ج 10 ص 199 ومن شعرها كما ورد في كتاب (الأمالي) ص 224: لم ينسنيك سرور لا ولا حزن وكيف ينسى لعمري وجهك الحسن؟ وما خلا منك قلب لي ولا بدن كلي بكلك مشغول ومرتهن»! وتختصر «علية» قصة الحب الطويلة في بيت واحد: «الحب أول ما يكون لحاجة فإذا تحكم صار شغلاً شاغلاً» أي ان الحب «ميِّه من تحت تبن» على رأي المصريين.. وتختصر الناس والحب في بيت من الشعر: «ما أقبح الناس في عيني وأسمجهم إذا نظرت فلم أجدك في الناس»! وشخصية المرأة المحبة المحبوبة عطر في زهرة أصابها طل وندى ففاحت روائحها الزكية وتفتحت أكمامها الملونة الجميلة تعب من الندى والنسيم وتفيض بالشذى والعطر على السامعين في شعر يذوب رقة وعاطفة.. سعاد الصباح: «مولاي ان جاءك هذا الخطاب أوراقه من شوق روحي لباب حروفه من ذوب قلبي المذاب وعطره من كأس حبي رضاب فلا تكن من لهفتي في ارتياب ولا تظن القلب أغفى وتاب مولاي! أنا في انتظار الجواب»! فدوى طوقان: نادني من آخر الدنيا ألبِّي كل درب لك يفضي.. فهو دربي يا حبيبي انت تحيا لتنادي يا حبيبي أنا أحيا لألبِّي صوت حبي.. أنت حبي انت دنيا ملء قلبي كلما ناديتني جئت إليك بكنوزي كلها ملك يديك بينابيعي، بأثماري، بخصبي يا حبيبي!» **** كلما صوتك ناداني إلى موعد يحضنه صدر الأمان عانقت روحي رؤى أمسية كم تساقى الحب فيها والحنان عاشقان نسيا الدنيا عليها والزمان ليلة فيها حصرنا العمر.. ليلة أخذت ألوانها من ألف ليلة من أساطير جواريها الحسان ** نازك الملائكة: «تعال لنحلم انَّ المساء الجميل دنا ولين الدجى وخدود النجوم تنادي بنا تعال نعيد الرؤى ونعد خيوط السنا ونُشِهد منحدرات الجبال على حبنا»