يخطئ كثيرون ممن يعتقدون أن مشاكل المرأة السعودية العميقة وقضاياها المتشعبة يمكن أن تحل بأمر قضائي أو قرار من لجنة إدارية أو رقابية! عندما أثيرت قضية الشغب التي حدثت في دار الرعاية الاجتماعية للفتيات في مكةالمكرمة طرحت عدة تساؤلات وصدر أكثر من تصريح جميعها حصرت في نظرة واحدة بينما المشاهد الأخرى الأكثر مأساوية لم تمس!لم تناقش؟ لم تُبحث كما يجب على أنها شيء من المسلّمات فهل هذه هي الطريقة الصحيحة التي ستوصلنا للواقع الذي ننشده؟ نحن نعرف أن المرأة السعودية تعيش عصرها الذهبي الآن، في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز سدد الله خطاه. فتسنت لها فرص ما كانت لتحلم بها في وقت مضى! ومن أجل هذا نحن نتجرأ في الأمل ونطلقه بعيدا ليصلح الواقع الأكثر مأساوية والذي نتج من تراكمات عدة، وتمكينا لمبادئ خاطئة بعيدة عن الدين في سنوات مضت. فليست المرأة السعودية العالمة أو الطبيبة أو الكاتبة أو الإدارية أو تلك الطامحة بحاجة للدعم فقط ،هنالك جانب آخر لأوضاع المرأة لم يفتح بعد للحوار والتغيير كما يجب... إن أي متابع أو ملمّ بقضية الشغب التي وقعت في دار الرعاية الاجتماعية بمكةالمكرمة والتي كانت ناتجة عن احتجاج على أوضاع إنسانية غير مقبولة قد يكون صاحبها تحريض، أو إثارة لكن لا يوجد دخان من غير نار. وما حدث في هذه الدار واشتكت منه الفتيات هناك يوجد في الدور الأخرى الموجودة في مناطق المملكة الأخرى. نحن لا نتحدث هنا عن نساء ناجحات بل على النقيض من ذلك القضية تدور حول نساء مرفوضات من مجتمعاتهن موصومات بالعار لقضايا مختلفة في معظمها هي قضايا أخلاقية يتحاشى أهاليهن التصريح بها ،ويرفضون تقبلها أو التسامح معها لتظل هؤلاء النساء في دور الرعاية الاجتماعية حتى بعد انقضاء محكوميتهن وهنا لب القضية ومحورها. في تصريح لأحد المسؤولين في دار الرعاية الاجتماعية ذكر أن وزارة الخدمة الاجتماعية بصدد إنشاء دور لإيواء النساء اللاتي يرفض أولياؤهن استلامهن أو رعايتهن فهل نحن نتحدث عن سجن آخر، أقل صرامة ربما ستنقل له الفتيات بعد انتهاء محكوميتهن؟؟!! ما معنى ذلك هل ستحمل المرأة وزر خطأ ارتكبته في سن مبكرة من عمرها مرغمة أو مغررة أو حتى بملء إرادتها مدى الحياة؟ أوليس الإنسان قادرا على التوبة وقابلا للإصلاح مهما كانت خطيئته أو ذنبه فلماذا تضاف سنوات أخرى لمحكومياتهن لمجرد أن أسرهن لم تقدر على مسامحتهن أو لأنها ترى فيهن عارا يجب أن يمحى أو ينسى؟ كنت أتوقع من ذلك المسؤول أن يقول بأن الوزارة قد أعدت برنامجا قويا لتأهيل هؤلاء الفتيات مهنيا وتعليمهن أثناء قضاء محكومياتهن ليكن قادرات على الاعتماد على أنفسهن، وفي حال رفض أولياؤهن استقبالهن أو احتواءهن فإن الوزارة ستقدم الدعم الاجتماعي والنفسي لهن لينخرطن في المجتمع من جديد ويبدأن حياة جديدة بدون من حسبوا أولياء عليهن. ما الفرق بينهن وبين النساء المقطوعات من أرامل وأيتام ممن يعيشن بدون ولي أمر ذكر يفترض به أن يساعدهن؟ هل ماضيهن هو الفرق ؟ لماذا لا نعطيهن فرصة أخرى حتى ولو كانت بعيدة عن أسرهن. إذا أعطيت هؤلاء النساء فرصا لكسب العيش الشريف وفرصا للتغيير فإنهن سيتغيرن لأنهن تعلمن من تجاربهن السابقة نضجن مع العمر ودعتهن الحاجة الملحة لذلك، ومن تخطئ بعد ذلك تحاسب على جرمها مثلها في ذلك مثل الرجل الذي يقتل ويسرق ويعتدي وتجمع له الوجاهات والأموال وتقام الولائم على شرفه حتى وإن أخطأ مرة ومرتين وثلاثا. عصر المرأة السعودية الذهبي يجب أن تكون النساء فيه مهما كانت درجات تعليمهن وطبقاتهن الاجتماعية قادرات على العيش الكريم بولي أمر وبدونه داخل وطنهن مثلما يمنحن ذلك خارجه.