كشف الدكتور منصور المزروعي رئيس قسم الأرصاد أخصائي التغير المناخي بجامعة الملك عبد العزيز والمشرف على مركز التغيرات المناخية بأن الأمطار التي هطلت يوم 25 نوفمبر الماضي كانت قياسية وغير مسبوقة من حيث الكمية والشدة، حيث سقطت كمية أكثر من 90 ملليمتراً خلال 6 ساعات فقط وهي فترة زمنية قصيرة نسبيا أدت إلى تكون السيول التي داهمت الأحياء الجنوبية والشرقية من محافظة جدة. وأشار إلى أنه من واقع الاستقراء المناخي الطويل لمدينة جدة فقد سبق أن سجلت كميات أمطار عالية تجاوزت 60 ملليمتراً خلال اليوم الواحد وكان عددها لا يتجاوز الخمس مرات خلال فترة القياس، ولم تكن بهذا التأثير القوي الذي أحدثه هذا المطر، وأفاد أن معظم هذه الأمطار كانت في شهر نوفمبر الذي يعد الأكثر أمطارا خاصة على المنطقة الغربية من المملكة. وأوضح أن العالم يواجه تغيرا في المناخ أدى إلى حدة وتطرف الظواهر الجوية، وأن الشواهد المناخية دلت على أن الكثير من دول العالم قد تأثرت بتكرار حدوث ظواهر جوية خلال العقود الثلاثة الأخيرة تتصف بالحدة والفجائية السريعة، تمثلت في موجات الحر والبرد الشديد، والجفاف والفيضانات وتكرار العواصف الرملية. وأشار إلى أنه بالنسبة للمملكة فإن هطول الأمطار الحالية على محافظة جدة قد يكون نتيجة لهذا التغير المناخي، وذلك بعد أن عانت المحافظة والقرى المجاورة لها من جفاف لعدة سنوات أدى إلى نقص في مصادر المياه ونضوب العديد من الآبار، ومما يعضد هذا القول أن العام الماضي أيضا، وفي نفس التاريخ الحالي تقريبا فقد حصل هطول أمطار غير معهودة على المنطقة الوسطى سال فيها وادي الرمة لأول مرة منذ ثلاثين عاما تقريبا لأكثر من 500 كيلومتر ، وسبقها قبل ذلك إعصار جونو الذي أصاب سلطنة عمان والعواصف المدارية التي سببت الفيضانات على جنوب اليمن،وعليه فإننا لابد أن نتوقع حصول مثل هذه الظواهر الحادة والمتطرفة الفجائية مستقبلا وفي مناطق أخرى من المملكة وأن لا نتفاجأ بحدوثها،وسبق أن هطلت كميات كبيرة من الأمطار خلال شهر نوفمبر من عام 1996 تواصلت لمدة ثمانية أيام ولكنها كانت كمياتها اليومية محدودة وتأثيراتها خفيفة حيث إن الكميات كانت لا تتجاوز 40 ملليمتراً. وقال إنه نتيجة لهذه التغيرات المناخية فإن التخطيط الحضري لمدينة جدة لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار التطرف الحاصل في هذه الظواهر الجوية واعتماد كميات أمطار قد تصل إلى 100 ملليمتر تلافياً لحدوث كوارث بيئية مستقبلية، ونبه إلى أنه لابد من زيادة الوعي الإعلامي للمواطنين بهذه الظواهر من خلال النشرات الجوية في القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة.