عطّرت رائحة جثث الشهداء الذين غرقوا في فيضانات جدة الأربعاء الماضي، أرجاء حي قويزة الذي يعد أكثر أحياء المدينة تضرراً، مع استمرار الجهات المعنية في عمليات الانتشال ورفع الانقاض منذ حدوث الكارثة حتى يوم أمس. وخلال جولة "الرياض" في الحي المنكوب صباح أمس، لوحظ ارتداء جميع العاملين والسكان للكمامات الواقية من هذه الرائحة، التي تداخلت مع رائحة الماشية النافقة التي تم رفع بعضها فيما تتناثر أشلاء الحيوانات في مختلف أرجاء الحي. وأغلقت الجهات الأمنية مداخل حي قويزة من جهة طريق الحرمين، وذلك من أجل تسهيل تنقل أفراد اللجان العاملة في حصر الأضرار، والمساعدة في رفع الأنقاض وسلك قاطنو الحي طرقاً أخرى في سبيل الوصول إلى منازلهم أو تقديم الأوراق الثبوتية التي تظهر امتلاكهم لمنازل ومحلات تجارية تضررت من الكارثة للجهات المختصة بغية الحصول على تعويض عن هذه الأضرار. وفي محطة وقود تقع عند مدخل قويزة على طريق الحرمين ركنت المديرية العامة للدفاع المدني عرباتها المتخصصة في رفع الأنقاض وإنقاذ المتضررين من قوارب و"شيولات" وجهاز عمليات ميدانية، وذلك بهدف التدخل في الوقت المناسب وزادت هذه الآليات عن 60 آلية. وينتشر الدمار الذي خلفته الفيضانات في كل شارع ومدخل من مداخل الحي، حيث تتراكم السيارات بكافة أحجامها وموديلاتها متقلبة ومعطوبة، فيما انهارت بعض أسوار المنازل واقتلعت السيول أبوابها. شاحنات تراكمت فوق بعضها البعض في حي قويزة. ولم تسلم كذلك المساجد التي دمر أغلبها واتلف أثاثها، إلى جانب قاعات الأفراح التي شوهتها السيول وجعلتها رمزاً للمآتم والأحزان التي عايشها سكان الحي في يوم الأربعاء العصيب. وقد جرفت السيول التي دمرت المنازل والمحال التجارية كل ما احتوته هذه الأماكن من أثاث وبضائع بمختلف أشكالها، حيث استقرت . ويبدو وادي قوس في أزهى عصوره حيث تتراكم فيه أكوام من الأثاث بمختلف أصنافها والبضائع من مواد بناء وقطع غيار سيارات وأجهزة كهربائية معظمها بدت مغلفة كما اقبلت عليه العمالة الوافدة زرافات ووحدانا بحثاً عما يمكن اقتناصه من هذه البضائع، في أوقات قد تغيب فيها عين الرقيب من الجهات الأمنية التي رصدت "الرياض" تواجدها المكثف في أرجاء الحي رغم وعورة بعض الطرق. ولم تكتف بعض الصيدليات والمحال التجارية في حي قويزة بالتواجد الأمني المكثف، بل استعانت بشركات حراسة أمنية لحماية بضائعها التي سلمت من آثار السيول رغم تدمير واجهة هذه المحلات، خوفاً من سرقة الأدوية والبضائع. واستمرت أعمال رفع الأنقاض في الحي بآليات ضخمة قد تكون تدخل الحي للمرة الأولى، وتواصلت أعمال الرافعات الضخمة في انتشال السيارات الخربة والمعدومة، ليتم نقلها على شاحنات ضخمة تنقلها خارج الحي. ورغم أنه من المعتاد أن تقف خطوط الضغط العالي للكهرباء شامخة، إلا أنها في قويزة سقطت على قارعة الطريق وبدت خطوط ضغط منخفضة، وقد يشكل سقوطها بهذا الشكل خطراً على سالكي الطريق بسياراتهم أو المشاة. بضائع واثاث جرفتها السيول. مسجد دمرته السيول في وادي قوس.