بدا كل شيء في حي قويزة الشرقي في جدة أمس غير قابل للتداول، حتى البضائع التي سرقت من المنازل المتهدمة، وعرضت بثمن بخس لم تجد من يشتريها. رائحة الموت والغرق تنتشر في كل مكان. فالحي الذي كان يصدر شارعه الشهير «جاك» العمالة المخالفة، أصبح اليوم مصدرا لجثث الغرقى والسيارات المحطمة التي انتشرت في المواقع المجاورة. حي قويزة الذي نفخت فيه روح الحي السكني منذ ثلاثين عاما، كان ممرا لسيول الأودية القادمة من شرق المدينة مع هطول مطر الأربعاء. وخلال ساعات غرق الحي وأغرق أهله وممتلكاتهم، ومنه خرجت النسبة الأعلى من الوفيات والإصابات والخسائر المادية. ويؤكد سعد زعول المطيري -أحد سكان الحي القدماء- أن السيول التي دهمت الحي لم تجد لها مكانا للتصريف، بعد أن دفنت قناة تصريف بطول 30 مترا في مخطط فرج المساعد الشمالي وأنشئ مكانها سوق تجارية، وحمل الأمانة مسؤولية دفن القناة وطالب بمحاسبة المسؤولين عن التسبب في غرق الحي. وأوضح المطيري أن الحي خلا من سكانه في الوقت الراهن وانعدمت فيه كل وسائل الحياة من كهرباء وماء ومحال تجارية، وأن 15 مدرسة تضررت ولحق الضرر الأكبر بمجمع البنات المدرسي، خلافا لخراب جامع الحي الذي يتسع ل 3000 مصل، متوقعا أن تعود الحياة إلى الحي بعد شهرين وأكثر في حال كان هناك استنفار حقيقي وعمل جاد. ولم يشفع لحي قويزة استبعاده من قبل أمانة جدة من التصنيف ضمن الأحياء العشوائية في شهر مارس للعام المنصرم 2008 مع مجموعة من الأحياء منها المنتزهات، فتحول إلى فوضى كبيرة وشوهد خلال اليومين التي أعقبت المطر، عدد من المخالفين يدخلون المنازل ويسرقون منها ما يمكن حمله وبيعه، هذا خلافا لعمليات تشليح السيارات في الحي وطرقه المجاورة. وبعد خمسة أيام من سيل الأربعاء، راح أهالي قويزة الذين يتعدى عددهم 200 ألف نسمة، يتفقدون بعضهم البعض. وبعيدا عن الأضرار التي لحقت بمنازلهم وممتلكاتهم كان سؤالهم يتركز على الوفيات، ففي كل شارع من شوارع الحي هناك شخص أو أكثر جرفته السيول وتوفي. ومن بين الأسر من لا زال يبحث عن مفقودين من ذويه، وأعداد غفيرة من أهالي الحي، اصطفوا أمام مراكز الإيواء بحثا عن شقة سكنية تؤويهم ومأكل ومشرب، بأمل أن تعود الحياة إلى حيهم في أقرب وقت.