معظم الشعوب العربية تشتكي بأن قدراتها الاجتماعية اقتصادياً وثقافياً قادرة على قيادة تقدمها، لكن السلطة تعوق ذلك، بينما الحقيقة هي معاقة فعلاً بسلبيات السلطة وسلبيات ضعف قدرات المجتمع.. ولهذا فالانشغال بعبث الخلافات هو ممارسة «إلهاء» لمفاهيم الناس عن إدراك حقائق مسببات الهبوط، بل إن دولاً غنية هبطت بقدراتها بحيث أصبحت في بعض منها مجرد وقود لصراعات الفئات، وفي بعض آخر تم تذويب القدرات الاقتصادية لتكون مجرد بريق ظهور مضحك كثيراً للزعامة.. لا يحتاج الملك عبدالله فيما يمارسه لمثل هذه المقدمة، لكن مواطننا وهو من يفترض أنه الحارس الأول على سلامة مسارات التطور، والتقبل الواعي لمنطلقات البناء المحلي مما أنجزه الملك عبدالله، فمواطننا يفترض أن يكون في واقع وعي استيعاب لما هو فيه - كعضو مجتمع - من مكانة.. هل يكون هذا التميز سبباً من قبل البعض لإثارة تفاهات الاستفزاز؟.. لتحريك عناصر طائفية في دول عربية لتكون وسيلة نفوذ؟.. وكذا التوجه نحو الجبال في مهمات هي في الواقع انتحارات لا تختلف كثيراً عن تفجير الذات لدى القاعدة؟.. هذه الأوضاع المرضيّة عربياً، وإلى حد ما إسلامياً، ستبقى عاجزة تماماً عن إعاقة منطلقات نمونا متى توفرت قدرات الدفع نحو الأمام، فالملك عبدالله محلياً وعربياً ودولياً في مقدمة من يستحق لقب القائد المصلح والقائد الباني.. قلت في موضوع سابق إن هناك فارقاً كبيراً بين رجل ناجح في قيادة مجموع أمته وفق قدرات محدودة، وبين من يستحق أن يسمى بالرجل التاريخي، مثلما العالم قبلنا أعطى الملك عبدالله صفة الرجل التاريخي بما استطاع أن يوفر من منجزات.. ليست عطاءً فقط هو صاحب النزعة الإنسانية العالية جداً في قراراته - على سبيل المثال - التي تناولت تحسين أوضاع الأيتام ورعايتهم حتى بعد تجاوز حدود التقييم السابقة، وهذا مجرد نموذج لقرارات ترسيخ العدالة الاجتماعية. أيضاً في غضون ساعات أبعد عن النازحين في الجنوب مرارة الشعور بالغربة أو الخوف، فقد عايشوا وعبر ساعات حقيقة أنهم رجولة وأمومة وطفولة في أحضان أبوة كبرى تتدفق منها كل منجزات التعاطف الإنساني النبيل.. هذا الحس الأبوي الرقيق جداً يزامل ويعايش في ضمير الرجل التاريخي نفسه قوة الساعد الصارم في حماية شبر الأرض وأي مستحقات حقوق.. هو القدرة والقيادة الرائدة مواجهة وانتشاراً عبر مفاهيم التفرد المتمكن في قوله يوم أمس الأول «المعركة تسبق النصر والجهل يسبق الهزيمة وسيعلم من يظن بأن سيادة وأمن بلادنا مكان خصب لفكره المريض بأنه واهم» وهو واضح موضوعية التعامل في قوله «المملكة لا تقبل التجاوز على أحد لكنها في نفس الوقت لن تسمح لكائن من كان أن يدنس شبراً من أراضيها، فلا خيارات للدفاع عن النفس سوى خيار واحد، النصر بعزة وكرامة أو الشهادة في سبيل الله ثم الوطن».