وصفت المملكة تقرير القاضي ريتشارد غولدستون بالصريح والشفاف حيث يدين التقرير الأممي (إسرائيل) بارتكاب جرائم حرب في عدوانها الأخير على قطاع غزة. ودعت المملكة المجتمع الدولي، من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، للوقوف في وجه هذا الاعتداء الغاشم والتضامن والتصويت مع تقرير غولدستون لمنع تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً. جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها فجر أمس، بتوقيت الرياض، السفير خالد بن عبدالرزاق النفيسي مندوب المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية اثناء مناقشتها تقرير القاضي ريتشارد غولدستون حول الانتهاكات التي ارتكبت خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الفترة من 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009. وعبّرت المملكة عن تأييدها لما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق برئاسة غولدستون من إدانة للانتهاكات التي ارتكبت فيما يتعلق بحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية الدولية في غزة والأراضي المحتلة، قائلة في هذا الصدد: «لقد اتسم تقرير القاضي غولدستون بالنزاهة والأمانة حيث وقف عن كثب على آثار الدمار الذي حدث جراء الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة والتي استخدمت فيها (إسرائيل) جميع أنواع الأسلحة المختلفة، كما التقى بالناجين المشوهين وشاهد صوراً للجثث المحروقة نتيجة قصف الجيش الإسرائيلي للمنازل وإزهاق لأرواح المدنيين والأطفال الأبرياء الذين لا ينتمون لأي تنظيم فلسطيني خاصة بعد التطمينات الإسرائيلية لهم بعدم وضعهم في مرمى أهدافها». وأكدت المملكة في كلمتها على أن غولدستون يهدف من خلال تقريره إلى تعزيز ثقافة المسؤولية، وأن انتهاك المبادئ الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني هو مصدر قلق، حيث تبلورت لدينا الآن ثقافة جديدة متنامية، إنها ثقافة تحمل المسؤولية وإن على المجتمع الدولي أن يتحرك جميعاً بمسؤولية في السعي لتحقيق العدالة في هذه القضية، لأنه لا يجب أن تكون هناك دولة أو تنظيم مسلح فوق القانون. وسيكون العجز عن تحقيق العدالة على ضوء الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبت خلال الحرب على غزة آثاراً مزعجة على العدالة الدولية. وقالت المملكة إن العالم العربي، بما فيه دولة فلسطين، بذل كل ما في الوسع للوصول إلى سلام حقيقي ودائم. فمبادرة السلام العربية لا تزال قائمة، وتوفر بدورها عرضاً جماعياً شاملاً لإنهاء الصراع العربي مع (اسرائيل) والدخول في اتفاق سلام يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة. إلا أن السلام لم ولن يتحقق - كما قالت المملكة - عبر استمرار (إسرائيل) في ارتكاب المجازر والمذابح والقصف العشوائي بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وعبر التظاهر بإجراء مفاوضات ثنائية أو متعددة مطولة وغير مجدية تتطرق لكل شيء ما عدا القضايا الأساسية التي تشكل صلب النزاع. والسلام المنشود لم ولن يتحقق بفرض العقوبات والاشتراطات على الشعب الرازح تحت الاحتلال في حين يتم إعفاء (إسرائيل) من أية تبعات رغم مخالفتها لأبسط قواعد وقرارات الشرعية الدولية، كما أن السلم لم ولن يتحقق بمحاولة فرض التطبيع على العرب قبل تحقق الانسحاب وقبل إنجاز السلام وكأن علينا مكافأة المعتدي على عدوانه في منطق معكوس لا يمت للجدية والمصداقية بأي صلة. وقالت المملكة إنه بدلاً من السعي الصادق من أجل السلام، نجد (إسرائيل) ماضية في الإذلال اليومي للشعب الفلسطيني، وبناء المستوطات والجدران والطرق الالتفافية المنافية جميعها للشرعية الدولية، وذلك لخلق حقائق جديدة على الأراضي. وبطبيعة الحال تؤدي هذه المستوطنات إلى تغيير جغرافي وديموغرافي في الأراضي الفلسطينية، ولا سيما في مدينة القدس وما حولها، وذلك في انتهاك فاضح للقانون الدولي وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتطوق هذه المستوطنات معظم المدن الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية، كما أنها تستحوذ على أكثر من نصف مواردها المائية. وختمت المملكة كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقاها السفير خالد النفيسي بالتعبير عن مدى شعورها بالقلق البالغ بسبب استمرار (إسرائيل) في حصار غزة والذي يقوض حقوق الفلسطينيين مع تدهور الأوضاع المعيشية بسبب القيود المفروضة على استيراد البضائع والخدمات، بما في ذلك السلع الغذائية والوقود ومواد البناء، هذا بالاضافة إلى أن (إسرائيل) قد فرضت حصاراً على القدسالشرقية ومنعت السكان من الذهاب إلى مساكنهم ودور العبادة كما أن (إسرائيل) وممارساتها ضد المقدسات الإسلامية تجسد أعمالاً عدوانية يوماً بعد يوم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وتسبب آثاراً جدية واستفزازاً لمشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن التعديات الإسرائيلية السافرة على المسجد الأقصى سيكون لها بدون أدنى شك الأثر المباشر والخطير على الأمن والسلم الدوليين.