تحيي دولة الإمارات العربية المتحدة الذكرى السنوية الخامسة لوفاة مؤسسها وباني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والذي يصادف اليوم الاثنين الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث تبرز وسائل الاعلام الإماراتية المقروءة والمسموعة والمكتوبة إنجازات ومناقب وتاريخ سيرة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وستخصص مجموعة من البرامج والتقارير والمقالات لسرد مسيرة النجاح والتطور التي قادها الشيخ زايد رحمه الله لبناء دولة الإمارات الحديثة. وسوف يتم تسليط الضوء على حياة الشيخ زايد كإنسان ، ووضع المرأة والطفل في حياته، والأعمال الخيرية التي تبقى شاهدا على كرمه وعطائه ، بالإضافة إلى دروس عامة من حياته . ويعتبر الشيخ زايد باني النهضة الحقيقية لدولة الإمارات، وبالرغم من شعور الإماراتيين بمرارة الرحيل الا أن حضوره لا زال موجوداً في كل المناسبات. ومحفوراً في ذاكرة الكيان الذي أسسه وبنى نهضته، حيث تألم الجميع لفراق قائد عرف بحكمته وسعة أفقه، وإنسانيته العالية، وحبه للخير بلا حدود، ترجل بعد أن أعطى بلاده وأمته والإنسانية جمعاء، وبذل جهوداً مضنية من أجل بناء الدولة وتأسيسها والانطلاق بها إلى رحاب القرن الحادي والعشرين. يعتبر الشيخ زايد رحمه الله قائدا عربياً سعى منذ تسلمه السلطة للمّ الشمل العربي وخصوصا في منطقة الخليج. حيث كللت جهوده في حينها بإعلان قيام اتحاد بين إمارات أبو ظبي ودبي وعجمان والفجيرة والشارقة وأم القيوين ورأس الخيمة عام 1972.كما لعب دورا مهما في تشكيل مجلس التعاون الخليجي الذي بدأ عمله رسميا في أبو ظبي عام 1981 . الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وتميز الشيخ زايد بعلاقته الطيبة والمتوازنة مع كل القادة والأطراف حتى إنه وصف ب "حكيم العرب" لما يتحلى به من نبل وتواضع وطيبة نفس وكرم عربي امتد إلى كل من يحتاجه سواء على مستوى الدول أو المؤسسات أو الأفراد. ومنذ نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة عمل الشيخ زايد على الاستفادة من عائدات النفط لتمويل المشاريع التنموية في أنحاء البلاد وازداد خلال فترة حكمه العمران والتقدم في فترة وجيزة وحوّل صحراء الإمارات القاحلة إلى واحات خضراء، وازداد التطور في كافة المجالات في الدولة، وهو صاحب مقولة "الدم العربي اغلى من النفط العربي". وقد أسس الشيخ زايد كيان دولة الامارات العربية المتحدة في ظروف صعبة كانت تحيط بها سواء في المحيط الإقليمي أو العربي وكذلك الدولي إلا أنه أصر على توحيد الإمارات المتناثرة في دولة واحدة أصبحت نموذجا يحتذى بها في المنطقة، ولا زال أبناء الإمارات يجنون ثمار هذا الاتحاد الذي أصبح نموذجا مميزاً يتذكره الجميع. وبعد رحيله نهج أبناؤه وحكام الإمارات السير على خطاه في الاتحاد القوي ووحدته المتماسكة في إطار دولة تحكمها المؤسسات والقوانين والشرائع التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد واصبحت ميثاقا لأسس البلاد التي سار على خطاه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ونائبه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وحكام الإمارات الأخرى في إطار دولة واحدة. الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كانت الإمارات السبع آنذاك تحت النفوذ البريطاني منذ عام 1820، وكانت أبوظبي فقيرة وكان اقتصادها يعتمد على صيد السمك واللؤلؤ. وفي بداية ثلاثينيات القرن الماضي حضرت أولى شركات التنقيب عن النفط وعين الشيخ زايد حينها مرشدا لهذه الفرق في صحراء الإمارات. عين بعد ذلك حاكما للعين عام 1946ثم في عام 1953 وعند اكتشاف النفط في أبو ظبي عام 1958بدأت الظروف الاقتصادية تتحسن وافتتح أول حقل بحري (أم شيف) لإنتاج النفط عام 1962وتلاه حقل آخر بري في (باب). في 9أغسطس آب عام 1966أصبح الشيخ زايد حاكما لإمارة أبو ظبي بعد تنازل شقيقه الشيخ شخبوط عن الحكم له. بعد تقلده الحكم، أنشأ الشيخ زايد هيكلا لحكومة رسمية وطور بها إدارات لأداء مهام خاصة، وأعطى أولوية لبناء المرافق السكنية والمدارس والخدمات الصحية وإنشاء مطار وميناء بحري وشق الطرق وبناء جسر يربط أبو ظبي بالبر الرئيسي. عندما أعلنت بريطانيا عزمها على إنهاء وجودها العسكري في الخليج في يناير/كانون الثاني 1968، كان الشيخ زايد أول من دعا إلى الوحدة. وأدرك حينها أنه لكي تزدهر إمارة أبو ظبي، فلابد من تعاون القبائل المجاورة، لذا كانت أول خطوة يقوم بها إنهاء النزاعات الحدودية مع إمارة دبي، حيث انتهى الأمر بتوقيع اتفاقية في 27فبراير/ شباط عام 1968بتشكيل اتحاد من تسع إمارات (أبو ظبي، عجمان، دبي، الفجيرة، رأس الخيمة، الشارقة، وأم القوين، قطر والبحرين). لكن الاتفاقية لم تر النور وتعرقلت كثيرا وحاول الشيخ زايد لمدة ثلاث سنوات إصلاح ذات البين دون فائدة، حيث سعت قطر والبحرين للاستقلال الكامل كما رفضت رأس الخيمة الانضمام للاتحاد. وفي الثاني من ديسمبر كانون الأول عام 1971تكون اتحاد من ست إمارات (أبو ظبي، عجمان، دبي، الفجيرة، الشارقة، أم القيوين) وعرف باسم الإمارات العربية المتحدة. وانتخب الشيخ زايد رئيسا للاتحاد والشيخ راشد آل مكتوم نائبا للرئيس. وقد انضمت رأس الخيمة بعد فترة وجيزة إلى الاتحاد الذي أعلن رسميا في 11فبراير شباط عام 1972. الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ظل الشيخ زايد رئيسا لدولة الإمارات طوال هذه المدة حتى وفاته، وازدهرت الدولة في عهده إلى حد كبير. حيث زاد عدد السكان من 250000عام 1971إلى حوالي 4 ملايين نسمة، وازداد معه العمران والتقدم في كافة المجالات، وارتفع دخل الفرد الإماراتي وسجل ثاني أعلى دخل في العالم. وانتقل الشيخ زايد الى رحمة الله في العشر الاواخر من رمضان قبل خمس سنوات في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 وتولى من بعده رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان .. رحم الله الشيخ زايد وأبقى من خلفه ليحمل الراية لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة الفتية نحو مزيد من التطور والتقدم والرخاء.