ظل يشكو من ألم مزمن في بطنه .. اضطر إلى مراجعة عدة مستوصفات ومستشفيات .. أخيراً راجع أكبر المستشفيات .. وهناك أجريت له العديد من الفحوصات الطبية المكثفة .. بعدها أبلغه الطبيب المعالج بالخبر غير السار له بأنه مصاب " بورم سرطاني " في الأمعاء !! وأن حالته تستوجب إزالة ذلك الورم وهذا يتطلب أيضاً إزالة جزء من الأمعاء ؟! ولأنه لا يتوفر سرير في الوقت الراهن فان عليه أن يبقى خارج المستشفى ويأخذ الجرعات الكيميائية .. وسلم أمره إلى الله سبحانه وتعالى وأخذ الجرعة الأولى والثانية وظل خارج المستشفى منتظرا توفر السرير لإجراء العملية ؟! في ظل هذه الظروف هداه الله إلى أن يعرض حالته على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية.. وخلال المقابلة حظي هذا المريض بنصيبه من التفاعل والاهتمام المعتاد من سموه خاصة مع مثل هذه الحالات وفي هذه الظروف .. فأمر سموه بإرساله إلى أمريكا على حال السرعة وخلال أيام وصل هذا المريض إلى واشنطن وتمت له هناك فحوصات جديدة .. عندها كانت المفاجأة !! فقد ثبت أن المذكور غير مصاب بهذا المرض وأبدى الأطباء هناك استغرابهم من التشخيص السابق واندهاشهم من إعطاء المريض الجرعات الكيميائية لمرض غير مصاب به.. فحالة المريض هي مجرد تجمع " ليفي " في الأمعاء تم إزالته فوراً بعملية جراحية عادية فورية وغادر المريض المستشفى وأصبح يمارس حياته الطبيعية بكل صحة وعافية .. هذه الحالة هي مثال طبيعي يؤكد لنا أن لدينا مشكلة كبيرة جداً في المجتمع الطبي .. هذه المشكلة هي " سوء " وأخطاء التشخيص الطبي لحالة المراجع أو المريض .. وهذا الخطأ في التشخيص يترتب عليه بالطبع سلبيات كثيرة جداً .. وهو ناتج طبيعي ومتوقع بسبب قلة الخبرة لدى كثير من الأطباء العاملين في المستوصفات والمستشفيات وتركيز كثير من المستشفيات والمستوصفات والمراكز الطبية الأهلية الخاصة على الربح المادي بالدرجة الأولى على حساب جودة وكفاءة العاملين في هذه المستشفيات والمستوصفات خاصة الأطباء الذين يفتقدون الخبرة !! وبالتالي إلى عدم تشخيص حالة المريض بصورة صحيحة .. فالواقع الحالي لكثير من هذه المستوصفات وهذه المستشفيات يؤكد أن المريض المراجع أياً كانت حالته يضطر إلى مراجعة عدة مستشفيات ومستوصفات وقد يخرج بآراء مختلفة عن حالته وقد يأخذ أدوية مختلفة .. وجميعها صورة حية لتجارب الأطباء على أمل أن يشفى هذا المريض من حالته .. وكثير من الأطباء في مثل هذه المستشفيات وهذه المستوصفات لديهم قناعة بأن كثيرا من المرضى والمراجعين لا يعودون مرة أخرى لهم للمراجعة بعد الزيارة الأولى لذلك فهم يعتقدون أن المريض قد شفي ولهذا يستمر هؤلاء الأطباء على حالة واحدة من الوصف والتشخيص الخاطئ والمتكرر !! ولكن الواقع يقول ان المريض اذا لم يجد فعالية من العلاج الذي وصفه له الطبيب الأول يسارع الى مراجعة طبيب آخر .. إن " التشخيص " الطبي يعد من أهم وأخطر مراحل العلاج وعلى دقة وسلامة التشخيص يتحدد العلاج المناسب .. لذلك فالوضع الطبي الراهن يؤكد أن نسبة كبيرة جداً من المرضى والمراجعين لبعض المستشفيات والمستوصفات أصبحوا ضحايا متكررة لسوء التشخيص الطبي .. وأصبح كثير من المرضى والمراجعين يتحملون أعباء صحية ومالية ونفسية لمثل هذه الأخطاء الناتجة عن سوء التشخيص !! الوضع يتطلب دراسة عاجلة وبحثا ميدانيا لقياس هذه المشكلة حتى لاتصل الحال لا قدر الله إلى ظاهرة .. فالمريض والمراجع يتحملان اعباء أخطاء تشخيصية تسبب فيها أطباء حضروا بأقل التكاليف والرواتب وأصبحوا يعبثون في أجساد المراجعين !!