مثلما تتفاوت مستويات الضوء من داكن تفرح به العتمة إلى تدرجات الشروق حتى يصبح تلك الشمس المشرقة التي تضيء الجميع وتضيء كل ما هو حول ذلك.. الجميع.. تتفاوت أيضاً مستويات المجد.. هناك من يدعيه.. وهناك من يغتصب الانتماء إليه.. هناك من في حياته بعض منه لكن من يحمل راية المجد الحقيقي.. تلك الشمس التي تضيء الجميع وتضيء كل ما هو حول ذلك الجميع؟ إنهم النادرون الذين يخترقون بواقع الوجود الأرقى والأفضل مستحيلات الدخول لتعديل مناحي الضعف والشتات والتخلف وبدائية الممارسة فيصبحون قاعدة إلهام الجميع في التبديل الجوهري لحالات الضعف والتراجع.. يلتف حولهم الجميع لأن مجدهم لم يبحثوا عنه ليكون خصوصية لهم لكن ما قدموه من أجل غيرهم هو الذي جعل غيرهم يرون تلك الخصوصية فيهم.. ما أكثر ممارسات الادعاء في سجل التاريخ.. كم قيل عن البطش إنه وسيلة قوة وعدالة، وكم قيل عن الترف الخاص إنه عموم كفاءة عيش عامة.. أمامنا نموذجان يلتقي بريق مجدهما غداً في وهج احتفالية كبرى تحتفي بالعيد الوطني الذي أبدعه الملك عبدالعزيز بمجده الشخصي مع بريق عيد علمي يفتح به الملك عبدالله بن عبدالعزيز نوافذ المعرفة على العالم أجمع حيث يقدم مجتمعاً يتجه وبحيوية قصوى ليكون رمزاً شرق أوسطياً لاستثناءات التفوق علماً واقتصاداً وتطوير مستويات الحياة الاجتماعية.. جامعة الملك عبدالله.. جزء من كل.. لكنها أهمية خصوصية علمية من ذلك الكل.. يكفي أن تكون بداية مشروعية الدخول في زمالة المجتمع العالمي المتقدم.. المجتمع الذي تطلب منه مجتمعات العالم الثالث شحنات العلاج والتغذية وخبرات التقنية والعلوم ومساندة الاقتصاد.. لا تتحقق الشمولية والمعرفة الدقيقة لضخامة منجز الملك عبدالعزيز إذا اقتصر الأمر على رصد تواريخ مراحل فرضه لوحدة المملكة، ثم ممارسة كفاءتها لمجتمع متحد القيادة والرؤية.. لا.. يجب استطلاع الظروف التي مر بها هذا القائد.. الظروف التي كانت تحكم شبه الجزيرة العربية بكل اتساعاتها باستثناء نسبي لمكة والمدينة المنورة.. استثناء نسبي لأن الفرق هائل جداً جداً بين واقع ما هو شبه قرية بالأمس وبين حقائقهما كمدينتي امتداد حضاري كبير.. ولم يكن الملك عبدالعزيز قد أتى إلى الحكم وهو يواجه مشاكل جزئية.. أبداً.. لقد عوملت الجزيرة العربية تاريخياً بالإقصاء ومشروعية الفوضى منذ انتهاء حكم الخلفاء الراشدين.. وسبق أن تطرقتُ لهذا الموضوع قبل ذلك.. لكن إيراده ضرورة عندما نريد أن نستبين من هو عبدالعزيز، وما هي حقيقة ما فعل.. مع إدراكنا أن الحكم السعودي بمراحله السابقة مثّل أولى محاولات جمع مجتمع الجزيرة العربية في دولة واحدة. نعم من هو عبدالعزيز وما هي حقيقة ما فعل.. وكيف تألقت مناسبة المصافحة داخل هذا المجتمع بين الماضي والحاضر في عيدنا الوطني والعلمي يوم غد؟ «يتبع»